حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩)﴾
حسن: رواه أحمد (١٣٥٥٥) عن علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس وذكر رجلا عن الحسن قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في سياق غزوة بدر الكبرى، وهي المعركة الفاصلة بين الحق والباطل، والتي أنزل الله فيها نصره المؤزر للمسلمين. وسأشرح هذا الحديث شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة، مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.
### الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام أبو داود في سننه، وغيرهما، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.
شرح المفردات:
● استشار: طلب المشورة والرأي.
● الأسارى: جمع أسير، وهم المقاتلون الذين أُخذوا في المعركة.
● أمكنكم منهم: أي سَلَّطكم عليهم ومكنكم منهم.
● اضرب أعناقهم: أي اقطع رقابهم، بمعنى أقتلهم.
● أعرض عنه: أي صرف وجهه عنه، ولم يجب طلبه.
● إخوانكم بالأمس: أي كانوا إخوانكم في الدين قبل أن يكفروا، أو إخوانكم في النسب والقبيلة.
● الغم: الهم والحزن.
● الفداء: المال الذي يُدفع مقابل إطلاق سراح الأسير.
● لولا كتاب من الله سبق: أي لولا حكم سابق من الله تعالى.
شرح الحديث:
يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر، استشار أصحابه في شأن الأسرى من المشركين. فقال لهم: "إن الله قد أمكنكم منهم"، أي أن الله قد نصركم عليهم وسلطكم عليهم، فما رأيكم فيهم؟
فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان شديدًا على الكفار، فقال: "يا رسول الله! اضرب أعناقهم"، أي اقتلهم جميعًا. لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب طلبه، بل أعرض عنه، مما يدل على أن هذا الرأي لم يوافق ما أراده الله تعالى في تلك اللحظة.
ثم أعاد النبي صلى الله عليه وسلم السؤال على الناس مرة أخرى بنفس العبارة: "إن الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس"، يذكرهم بصلة القرابة التي كانت بينهم وبين هؤلاء الأسرى قبل الإسلام والكفر. فقام عمر مرة أخرى وقال نفس الرأي: "اضرب أعناقهم". فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى.
ثم كرر النبي صلى الله عليه وسلم السؤال第三次، فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان رحيمًا رقيق القلب، فقال: "يا رسول الله! نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء". أي نرى أن تطلق سراحهم مقابل فدية يأخذها المسلمون. فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرأي، زال ما كان بوجهه من الغم والهم، وظهرت عليه علامات الرضا، فعفا عنهم وأخذ الفداء منهم.
ثم أنزل الله تعالى الآية الكريمة: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} [الأنفال: 67]. والمعنى: لولا حكم سابق من الله تعالى بأن الفداء جائز في حقكم، لعاقبكم الله على أخذ الفداء عذابًا عظيمًا.
الدروس المستفادة:
1- مشورة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: وهذا يدل على أهمية الشورى في الإسلام، حتى مع وجود الوحي، ليعلم الأمة كيفية التشاور واتخاذ القرار.
2- تفاوت آراء الصحابة: فكان رأي عمر رضي الله عنه القتل، ورأي أبي بكر العفو والفداء. وهذا يدل على أن الاجتهاد قد يختلف بين العلماء والمستشارين، وكل منهم يبغي الحق.
3- رفق النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته: حيث لم يرد على عمر مباشرة، بل أعرض عنه، ليعطي فرصة للآخرين ليعبروا عن آرائهم.
4- فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه: حيث وافق رأيه ما أراده الله تعالى، فذهب الغم عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم.
5- بيان حكم الأسرى في الإسلام: وأن الأصل فيهم هو المنُّ (أي العفو) أو الفداء، كما جاء في القرآن: {فإما منًا بعد وإما فداء} [محمد: 4].
6- التنبيه على أن القتل ليس هو الحل الوحيد للأسرى: بل قد يكون العفو أو الفداء أنفع للمسلمين، كما حدث في بدر، حيث أفاد المسلمين المال من الفداء، ودخل بعض الأسرى في الإسلام بعد ذلك.
7- التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث لم يجادل عمر بعد إعراض النبي عنه، بل سكت واحترم القائد.
معلومات إضافية:
- بعض الأسرى الذين أُطلق سراحهم بالفداء دخلوا بعد ذلك في الإسلام، مثل العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي عزة الجمحي الشاعر، وغيرهم.
- الآية التي نزلت {لولا كتاب من الله سبق} فيها إشارة إلى أن أخذ الفداء كان جائزًا بفضل الله، ولكن لو لم يكن هناك حكم سابق من الله بجوازه لعُوقب المسلمون.
- هذا الحديث يظهر أيضًا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على لم الشمل وإصلاح القلوب، حيث ذكر أن الأسرى "إخوانكم بالأمس"، مما يسهل العفو عنهم.
نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يردنا إلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ردًا جميلاً. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
روي هذا الحديث بإسنادين: أحدهما: عن أنس موصولا.
وإسناده حسن من أجل علي بن عاصم هو ابن صهيب الواسطي، وهو ضعيف عند أكثر أهل العلم إلا أن العجلي وثّقه، وكان أحمد يقول: «خذوا من حديثه ما صحّ، ودعوه ما غلط، أو أخطأ فيه».
وهذا الحديث مما لم يخطئ فيه.
والثاني: روي مرسلا عن الحسن، وفيه رجل لم يُسمّ.
قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 563 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 538 هل كان رسول الله يغزو بالنساء؟
- 539 من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه
- 540 عن ابن عباس في قوله: إن كنتم آمنتم بالله وما...
- 541 خرج رسول الله ﷺ يريد عير قريش، حتى جمع الله...
- 542 خروج النبي ﷺ لأخذ تجارة قريش مع أبي سفيان
- 543 أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة
- 544 اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم
- 545 لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
- 546 رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
- 547 يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما...
- 548 لا يحج بعد العام مشرك
- 549 من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
- 550 معنى ألا إن القوة الرمي
- 551 الخيل لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر
- 552 الخيل معقود في نواصيها الخير والاجر والمغنم
- 553 فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة
- 554 من خير معاش الناس رجل ممسك عنان فرسه في سبيل...
- 555 ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي
- 556 الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا
- 557 لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين
- 558 افترض الله عليهم أن يقاتل الواحد عشرة
- 559 ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في...
- 560 استشار النبي في الأسارى أبا بكر وعمر
- 561 لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم
- 562 مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ
- 563 استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
- 564 غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد...
- 565 العنوان: أني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية ذهبا
- 566 اللَّه أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول، فاللَّه يجزيك
- 567 لا تدعون منها درهما
- 568 المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة
- 569 لا هجرة اليوم ولكن جهاد ونية
- 570 اغزوا باسم الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا
- 571 عن الزبير في نزول آية أولو الأرحام بعضهم أولى ببعض
- 572 الذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم
- 573 لماذا لم تكتب البسملة في سورة التوبة
- 574 آخر آية نزلت: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾
- 575 تحريم الحج على المشركين والطواف عريانا
- 576 يوم النحر هو يوم الحج الأكبر
- 577 بعث النبي أبا بكر على الحج وقراءة براءة
- 578 ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة
- 579 من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له...
- 580 من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في...
- 581 ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن...
- 582 أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله
- 583 اسقني فإنهم يجعلون أيديهم فيه
- 584 ابن عباس: لا نريد تغيير ما أمر به رسول الله...
- 585 شرط الايمان ان يكون حب الرسول فوق حب الاهل والناس
- 586 لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله
- 587 لا حتى أكون أحب إليك من نفسك
معلومات عن حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
📜 حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








