حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩)﴾

عن أنس قال: استشار رسول اللَّه ﷺ الناس في الأسارى يوم بدر، فقال: «إن اللَّه قد أمكنكم منهم» قال: فقام عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول اللَّه! اضرب أعناقهم، قال: فأعرض عنه النبي ﷺ، قال: ثم عاد رسول اللَّه ﷺ، فقال: «يا أيها الناس، إن اللَّه قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس» قال: فقام عمر، فقال: يا رسول اللَّه! اضرب أعناقهم. قال: فأعرض عنه النبي ﷺ، قال: ثم عاد النبي ﷺ، فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر، فقال: يا رسول اللَّه! نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء. قال: فذهب عن وجه رسول اللَّه ﷺ ما كان فيه من الغم، قال: فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء، قال: وأنزل اللَّه: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

حسن: رواه أحمد (١٣٥٥٥) عن علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس وذكر رجلا عن الحسن قال: فذكره.

عن أنس قال: استشار رسول اللَّه ﷺ الناس في الأسارى يوم بدر، فقال: «إن اللَّه قد أمكنكم منهم» قال: فقام عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول اللَّه! اضرب أعناقهم، قال: فأعرض عنه النبي ﷺ، قال: ثم عاد رسول اللَّه ﷺ، فقال: «يا أيها الناس، إن اللَّه قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس» قال: فقام عمر، فقال: يا رسول اللَّه! اضرب أعناقهم. قال: فأعرض عنه النبي ﷺ، قال: ثم عاد النبي ﷺ، فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر، فقال: يا رسول اللَّه! نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء. قال: فذهب عن وجه رسول اللَّه ﷺ ما كان فيه من الغم، قال: فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء، قال: وأنزل اللَّه: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في سياق غزوة بدر الكبرى، وهي المعركة الفاصلة بين الحق والباطل، والتي أنزل الله فيها نصره المؤزر للمسلمين. وسأشرح هذا الحديث شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة، مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.
### الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام أبو داود في سننه، وغيرهما، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.

شرح المفردات:


● استشار: طلب المشورة والرأي.
● الأسارى: جمع أسير، وهم المقاتلون الذين أُخذوا في المعركة.
● أمكنكم منهم: أي سَلَّطكم عليهم ومكنكم منهم.
● اضرب أعناقهم: أي اقطع رقابهم، بمعنى أقتلهم.
● أعرض عنه: أي صرف وجهه عنه، ولم يجب طلبه.
● إخوانكم بالأمس: أي كانوا إخوانكم في الدين قبل أن يكفروا، أو إخوانكم في النسب والقبيلة.
● الغم: الهم والحزن.
● الفداء: المال الذي يُدفع مقابل إطلاق سراح الأسير.
● لولا كتاب من الله سبق: أي لولا حكم سابق من الله تعالى.

شرح الحديث:


يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر، استشار أصحابه في شأن الأسرى من المشركين. فقال لهم: "إن الله قد أمكنكم منهم"، أي أن الله قد نصركم عليهم وسلطكم عليهم، فما رأيكم فيهم؟
فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان شديدًا على الكفار، فقال: "يا رسول الله! اضرب أعناقهم"، أي اقتلهم جميعًا. لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب طلبه، بل أعرض عنه، مما يدل على أن هذا الرأي لم يوافق ما أراده الله تعالى في تلك اللحظة.
ثم أعاد النبي صلى الله عليه وسلم السؤال على الناس مرة أخرى بنفس العبارة: "إن الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس"، يذكرهم بصلة القرابة التي كانت بينهم وبين هؤلاء الأسرى قبل الإسلام والكفر. فقام عمر مرة أخرى وقال نفس الرأي: "اضرب أعناقهم". فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى.
ثم كرر النبي صلى الله عليه وسلم السؤال第三次، فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان رحيمًا رقيق القلب، فقال: "يا رسول الله! نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء". أي نرى أن تطلق سراحهم مقابل فدية يأخذها المسلمون. فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرأي، زال ما كان بوجهه من الغم والهم، وظهرت عليه علامات الرضا، فعفا عنهم وأخذ الفداء منهم.
ثم أنزل الله تعالى الآية الكريمة: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} [الأنفال: 67]. والمعنى: لولا حكم سابق من الله تعالى بأن الفداء جائز في حقكم، لعاقبكم الله على أخذ الفداء عذابًا عظيمًا.

الدروس المستفادة:


1- مشورة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: وهذا يدل على أهمية الشورى في الإسلام، حتى مع وجود الوحي، ليعلم الأمة كيفية التشاور واتخاذ القرار.
2- تفاوت آراء الصحابة: فكان رأي عمر رضي الله عنه القتل، ورأي أبي بكر العفو والفداء. وهذا يدل على أن الاجتهاد قد يختلف بين العلماء والمستشارين، وكل منهم يبغي الحق.
3- رفق النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته: حيث لم يرد على عمر مباشرة، بل أعرض عنه، ليعطي فرصة للآخرين ليعبروا عن آرائهم.
4- فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه: حيث وافق رأيه ما أراده الله تعالى، فذهب الغم عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم.
5- بيان حكم الأسرى في الإسلام: وأن الأصل فيهم هو المنُّ (أي العفو) أو الفداء، كما جاء في القرآن: {فإما منًا بعد وإما فداء} [محمد: 4].
6- التنبيه على أن القتل ليس هو الحل الوحيد للأسرى: بل قد يكون العفو أو الفداء أنفع للمسلمين، كما حدث في بدر، حيث أفاد المسلمين المال من الفداء، ودخل بعض الأسرى في الإسلام بعد ذلك.
7- التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث لم يجادل عمر بعد إعراض النبي عنه، بل سكت واحترم القائد.

معلومات إضافية:


- بعض الأسرى الذين أُطلق سراحهم بالفداء دخلوا بعد ذلك في الإسلام، مثل العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي عزة الجمحي الشاعر، وغيرهم.
- الآية التي نزلت {لولا كتاب من الله سبق} فيها إشارة إلى أن أخذ الفداء كان جائزًا بفضل الله، ولكن لو لم يكن هناك حكم سابق من الله بجوازه لعُوقب المسلمون.
- هذا الحديث يظهر أيضًا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على لم الشمل وإصلاح القلوب، حيث ذكر أن الأسرى "إخوانكم بالأمس"، مما يسهل العفو عنهم.
نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يردنا إلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ردًا جميلاً. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٣٥٥٥) عن علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس وذكر رجلا عن الحسن قال: فذكره.
روي هذا الحديث بإسنادين: أحدهما: عن أنس موصولا.
وإسناده حسن من أجل علي بن عاصم هو ابن صهيب الواسطي، وهو ضعيف عند أكثر أهل العلم إلا أن العجلي وثّقه، وكان أحمد يقول: «خذوا من حديثه ما صحّ، ودعوه ما غلط، أو أخطأ فيه».
وهذا الحديث مما لم يخطئ فيه.
والثاني: روي مرسلا عن الحسن، وفيه رجل لم يُسمّ.
قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 563 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم

  • 📜 حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب