حديث: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (٥٨)﴾
صحيح: رواه أبو داود (٢٧٥٩)، والترمذي (١٥٨٠)، وابن حبان (٤٨١٧) كلهم من طرق عن شعبة قال: أخبرني أبو الفيض (وهو موسى بن أيوب الحمصي)، عن سليم بن عامر فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا حديث عظيم، يرويه الصحابي الجليل سليم بن عامر، عن الصحابي عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه، وهو حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، وصححه الألباني.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● عهد: معاهدة أو ميثاق على ترك القتال لمدة محددة.
● أغار عليهم: هجم عليهم فجأة للحرب.
● انقضى العهد: انتهت مدته.
● لا غدر: لا خيانة، ضد الوفاء.
● عقدة: العهد، شبه بالعقدة التي تربط بين الطرفين.
● ينبذ إليهم على سواء: يعلن لهم نقض العهد بشكل صريح وواضح، بحيث يكون الطرفان على علم متساوٍ بفسخ العهد.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي سليم بن عامر عن قصة حدثت في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. فقد كان بين المسلمين بقيادة معاوية، وبين الروم (دولة الروم البيزنطيين) معاهدة وهدنة لمدة محددة.
وعندما اقتربت مدة الهدنة من النهاية، لكنها لم تنتهِ بعد، بدأ معاوية رضي الله عنه يستعد ويخطط للهجوم على الروم فور انتهاء المدة. بل إنه سار بجيشه في أراضيهم استعداداً للغارة بمجرد انتهاء آخر لحظة من مدة العهد.
وهنا ظهر رجل على دابة (أي حمار أو بغلة) أو فرس، وهو يصرخ قائلاً: "الله أكبر، وفاء لا غدر". أي أنه يذكر الله ويكبره، ويؤكد على ضرورة الوفاء بالعهد وعدم الغدر. وهذا الرجل هو الصحابي الجليل عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه.
فسأله معاوية: لماذا تقول هذا؟ فأخبره عمرو بن عبسة أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَلَا يَحُلَّنَّ عُقْدَةً وَلَا يَشُدَّهَا حَتَّى يَمْضِيَ أَمَدُهُ، أَوْ يُنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ».
● "فلا يحلن عقدة ولا يشدها": هذا أسلوب كناية عن أي فعل يمس العهد، سلباً أو إيجاباً. فـ"يحل عقدة" يعني يفسخ العهد قبل أوانه، و"يشدها" يعني يزيد في مدته أو يشدد في شروطه دون اتفاق الطرف الآخر. والمعنى: لا يتلاعب بالعهد من أي جهة كانت.
● "حتى يمضي أمده": أي ينتظر حتى تنتهي المدة المتفق عليها تماماً.
● "أو ينبذ إليهم على سواء": إذا أراد أن يفسخ العهد قبل انتهاء مدته، فلا يفعل ذلك بالمكر والخديعة، بل يجب أن يعلن لهم صراحة أنه قد نقض العهد، ويخبرهم بذلك، حتى يكونوا مستعدين مثله، ويكون الطرفان على علمٍ متساوٍ، فلا غدر ولا مباغتة.
فلما سمع معاوية رضي الله هذا الحديث من الصحابي عمرو بن عبسة، وهو يرويه عن رسول الله ﷺ، استجاب فوراً وتراجع عن خطته، ورجع بجيشه، احتراماً للعهد والتزاماً بأمر النبي ﷺ.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- قدسية العهود والمواثيق في الإسلام: الإسلام دين الوفاء والأمانة، ويأمر بالالتزام بالعهود مع المسلمين والكافرين على حد سواء، ما دام الطرف الآخر ملتزماً بها.
2- تحريم الغدر بشدة: الغدر من صفات المنافقين، وقد قال النبي ﷺ: «وَأَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: ... وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ». فالمسلم يوفى بعهده ولا يغدر.
3- الاستعداد للحرب أثناء الهدنة ليس غدراً: ما دامت الهدنة قائمة، فلا يجوز القتال. لكن الاستعداد والتأهب أثناء الهدنة استعداداً لانتهائها هو أمر مشروع وجائز، بشرط ألا يتعدى على شروط العهد.
4- وجوب الإعلان عن نقض العهد: إذا أراد المسلمون فسخ العهد، يجب أن يعلنوا ذلك صراحة للطرف الآخر، حتى لا يهاجموا غدراً.
5- تواضع القادة وسماعهم للحق: موقف معاوية رضي الله عنه نموذج رائع في تواضع القائد وتراجعه عن رأيه عندما سمع الدليل من سنة النبي ﷺ، وهذا من أدب الصحابة رضوان الله عليهم.
6- جرأة أهل العلم في قول الحق: موقف عمرو بن عبسة رضي الله فيه جرأة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصيحة للقائد بأسلوب حكيم.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل عظيم في القانون الدولي والإنساني في الإسلام، وهو سابق لقوانين الحرب الحديثة التي تحظر الغدر والمباغتة دون إنذار.
- الحديث يدل على أن الوفاء بالعهد من صفات المؤمنين، وهو من أعظم أسباب عز الأمة وثقة الآخرين بها.
- فيه بيان أن النية لا تغير حكم الفعل. فمعاوية رضي الله عنه نوي الوفاء بعدم القتال خلال
تخريج الحديث
وقال الترمذيّ: «حديث حسن صحيح».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 549 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 524 كان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة
- 525 من احسن في الإسلام لم يؤاخذ بعمل الجاهلية
- 526 أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية، من صدقة أو...
- 527 الإسلام يهدم ما كان قبله
- 528 الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه،...
- 529 أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟
- 530 أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا...
- 531 أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي
- 532 كان محمد يقاتل المشركين وكان الدخول عليهم فتنة
- 533 أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها
- 534 صلى النبي ﷺ إلى بعير وقال: لا يحل لي من...
- 535 كان النبي ﷺ أعطاني شارفا من الخمس
- 536 النبي ﷺ يقول: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد
- 537 للفرس سهمان وللرجل سهم
- 538 هل كان رسول الله يغزو بالنساء؟
- 539 من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه
- 540 عن ابن عباس في قوله: إن كنتم آمنتم بالله وما...
- 541 خرج رسول الله ﷺ يريد عير قريش، حتى جمع الله...
- 542 خروج النبي ﷺ لأخذ تجارة قريش مع أبي سفيان
- 543 أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة
- 544 اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم
- 545 لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
- 546 رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
- 547 يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما...
- 548 لا يحج بعد العام مشرك
- 549 من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
- 550 معنى ألا إن القوة الرمي
- 551 الخيل لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر
- 552 الخيل معقود في نواصيها الخير والاجر والمغنم
- 553 فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة
- 554 من خير معاش الناس رجل ممسك عنان فرسه في سبيل...
- 555 ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي
- 556 الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا
- 557 لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين
- 558 افترض الله عليهم أن يقاتل الواحد عشرة
- 559 ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في...
- 560 استشار النبي في الأسارى أبا بكر وعمر
- 561 لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم
- 562 مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ
- 563 استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
- 564 غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد...
- 565 العنوان: أني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية ذهبا
- 566 اللَّه أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول، فاللَّه يجزيك
- 567 لا تدعون منها درهما
- 568 المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة
- 569 لا هجرة اليوم ولكن جهاد ونية
- 570 اغزوا باسم الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا
- 571 عن الزبير في نزول آية أولو الأرحام بعضهم أولى ببعض
- 572 الذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم
- 573 لماذا لم تكتب البسملة في سورة التوبة
معلومات عن حديث: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
📜 حديث: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








