حديث: لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (٦٥) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦)﴾

عن ابن عباس قال: «لما نزلت: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ فكتب عليهم أن لا يفرّ عشرون من المائتين، ولا يفرّ واحد من عشرة، ثم قال: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ فكتب عليهم أن لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين، فإن فرّ من ثلاثة فلم يفرّ».

صحيح: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ٩١٣٨) عن محمد بن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، ويونس بن عبد الأعلى المصري، -والسياق لابن المقرئ- قالا: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: فذكره.

عن ابن عباس قال: «لما نزلت: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ فكتب عليهم أن لا يفرّ عشرون من المائتين، ولا يفرّ واحد من عشرة، ثم قال: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ فكتب عليهم أن لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين، فإن فرّ من ثلاثة فلم يفرّ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الأثر المروي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يتعلق بتفسير آيات من سورة الأنفال، ويبيّن التدرج في تشريع القتال وبيان النسبة بين المسلم والكافر في القتال.

أولاً. شرح المفردات:


● نزلت: أي أُنزلت آية من القرآن الكريم.
﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾: هذه هي الآية 65 من سورة الأنفال.
● فكتب عليهم: أي فرض الله تعالى عليهم وأوجب.
● لا يفرّ: لا يهرب من وجه العدو.
﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾: هذه هي الآية 66 من سورة الأنفال.
● فإن فرّ من ثلاثة فلم يفرّ: أي إذا هرب واحد من ثلاثة مقاتلين، فلا يعتبر هذا هروباً منهزمًا بالمعنى المذموم الذي يوجب الإثم، لأن النسبة أصبحت مختلفة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يشرح لنا ابن عباس رضي الله عنهما السياق التاريخي والتشريعي لنزول الآيتين الكريمتين:
1- المرحلة الأولى (التشديد):
- في بداية فرض الجهاد، كانت القلوب ضعيفة، والإيمان يحتاج إلى تثبيت، وكان العدد قليلاً.
- نزلت الآية الأولى (65 من الأنفال) التي تُوجب على عشرين من المؤمنين الصابرين أن يَغلبوا مائتين من الكفار، ولا يحل لهم أن يهربوا من هذه النسبة (أي لا يفر 20 من 200).
- وكذلك الحال في النسبة الأصغر: لا يفرّ واحد من عشرة (أي إذا كان العدد قليلًا، يجب على الواحد أن يقاتل عشرة).
2- المرحلة الثانية (التخفيف):
- بعد أن قويت شوكة المسلمين، واشتد عودهم، وازداد عددهم، وعلم الله تعالى ما في نفوسهم من ضعف بشري، خفف الله عنهم.
- فنزلت الآية الثانية (66 من الأنفال) التي خففت النسبة، فأصبحت: مائة صابرة تغلب مائتين.
- فَـُكُتب عليهم أن لا يهرب مائة من مائتين، ولا يهرب واحد من اثنين.
- وأما إذا هرب واحد من ثلاثة (أي إذا كانت نسبة المسلم إلى الكافر 1 إلى 3) فإن هذا الهروب لا يعتبر هزيمة مذمومة شرعًا تلحقها الإثم، لأن النسبة أصبحت غير متكافئة.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- مرونة التشريع الإسلامي: يظهر هذا الحديث حكمة الله تعالى في تشريعه، حيث راعى حال المسلمين وقوتهم وضعفهم، فبدأ بالتشديد ليعلمهم الصبر والثبات، ثم خفف عنهم عندما أصبحوا أقوى وأكثر استعدادًا.
2- التدرج في التكليف: من حكمة الله تعالى أن يشرع الأحكام بشكل تدريجي، بما يتناسب مع استطاعة المكلفين، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده.
3- قيمة الصبر في القتال: النصر مرتبط بالصبر والثبات، وليس بالعدد والعدة فقط، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾.
4- رحمة الله تعالى بعباده: حيث خفف عنهم عندما علم ضعفهم، قال تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا﴾.
5- فقه النصوص: فهم الآيات القرآنية يحتاج إلى بيان من السنة النبوية وكلام الصحابة الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا أسباب النزول.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الأثر رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
- الآيات الواردة في الحديث هي من سورة الأنفال، التي نزلت بعد غزوة بدر، وتناولت أحكام القتال والغنائم.
- النسبة النهائية التي استقر عليها الأمر هي (1 إلى 2)، وهي نسبة التخفيف، مما يدل على أن الدين يسر.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين الثابتين على دينه، وأن ينصر المسلمين في كل مكان.
والله تعالى أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ٩١٣٨) عن محمد بن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، ويونس بن عبد الأعلى المصري، -والسياق لابن المقرئ- قالا: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: فذكره. وإسناده صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 557 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين

  • 📜 حديث: لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب