حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤٨)﴾
حسن: رواه الطبري في تفسيره (١١/ ٢٢١)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٧١٥)، والبيهقي في الدلائل (٣/ ٧٨) كلهم من طريق عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث عظيم يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ويحكي قصة من قصص غزوة بدر الكبرى، التي كانت أول معركة فاصلة في تاريخ الإسلام. وسأشرح هذا الحديث شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
أولاً. شرح المفردات:
● جُنْد: أي جماعة وعصبة وجيش.
● بني مُدلج: هي قبيلة معروفة من قبائل العرب.
● سراقة بن مالك بن جعشم: هو رجل من بني مدلج وكان مشهورًا بشجاعته.
● جارٌ لَكُمْ: أي حامٍ وناصرٌ لكم.
● اصطف الناس: اصطف الفريقان للقتال وتراصوا.
● قبضةً من التراب: حفنة من التراب.
● فولَّوا مدبرين: هربوا منهزمين.
● شيعته: أي أتباعه وأنصاره من الشياطين.
ثانيًا. شرح الحديث:
يصف هذا الحديث المشهد العجيب الذي حدث يوم غزوة بدر، حيث تدخلت القوى الغيبية في المعركة:
1- مقدمة الحدث: جاء إبليس -لعنة الله عليه- يوم بدر في جماعة من شياطينه يتشجعون ويحرضون المشركين على القتال. وتجسّد إبليس في صورة رجل من قبيلة بني مدلج، بينما تجسد شيطان آخر في صورة سراقة بن مالك، وهو فارس مشهور ومعروف بالشجاعة بين العرب، ليكون له تأثير أكبر في نفوس المشركين.
2- الوعد الكاذب: وقف هذا الشيطان (في صورة سراقة) أمام صفوف المشركين ووعدهم بالنصر قائلاً: {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}، أي أنكم لن تُهزموا اليوم من البشر، وأنا حامٍ وناصر لكم. وهذا من كذبه وإغوائه، حيث جعلهم يطمئنون إلى قوتهم ويغترون بعددهم وعتادهم.
3- معجزة النبي ﷺ: عندما اصطف الفريقان للقتال، أخذ رسول الله ﷺ حفنة من التراب ورمى بها تجاه وجوه المشركين. فدخل ذلك التراب في أعينهم وأنوفهم وأفواههم، وشلت حركتهم وأصابهم الذعر والهلع. فولوا هاربين منهزمين، وكانت هذه القبضة من التراب بركة ونصرًا من الله تعالى، حيث حولها الله إلى آية عظيمة أذهلت المشركين.
4- فرار إبليس: لما رأى جبريل عليه السلام وهو يقاتل مع الملائكة نصرًا للمؤمنين، أقبل نحو إبليس. وكان إبليس في تلك اللحظة ممسكًا بيد رجل من المشركين ليشجعه على القتال، فلما أبصر جبريل عليه السلام -وكان يعرفه- فزع وانتزع يده من يد المشركي وهرب هو وجنوده من الشياطين.
5- اعتراف الشيطان بالهزيمة: فتعجب ذلك المشرك من فرار "سراقة" (وهو الشيطان في الحقيقة) بعد أن وعده بالنصر والحماية، فناداه: يا سراقة، تزعم أنك لنا جار؟ فرد عليه الشيطان منكرًا وعده ومتبرئًا منهم قائلاً: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. فهو يرى الملائكة تنزل لنصرة المسلمين، بينما المشركون لا يرونها، فخاف عقاب الله وهرب.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- أن النصر من عند الله تعالى، وليس بالعدد والعدة، فالمسلمون في بدر كانوا قلة مستضعفين، ولكنهم نصرهم الله بالملائكة وبمعجزة النبي ﷺ.
2- خداع الشيطان ووعوده الكاذبة، فهو لا يعد المؤمنين إلا غرورًا، وإذا حلت الشدة فر وتبرأ من أتباعه.
3- اليقين بحماية الله ونصره للمؤمنين الصادقين، حتى لو تآمرت عليهم قوى الأرض والجن.
4- فضل الدعاء والتوكل على الله، فقبضة التراب كانت سببًا ظاهريًا للنصر، ولكنها في الحقيقة كانت آية من آيات الله تعالى.
5- أن الكفار قد لا يرون الملائكة ولكنهم يحضرون في القتال بنصرة المؤمنين، كما قال تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} [الأنفال: 43].
رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك، وصححه الألباني.
- الغزوة وقعت في السنة الثانية للهجرة، وكان عدد المسلمين فيها حوالي 313 رجلاً، بينما كان المشركون حوالي 1000 مقاتل.
- قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ} [الأنفال: 17] نزلت في هذا المشهد، فالنبي ﷺ رمى، ولكن الله هو الذي جعل تلك الرمية مؤثرة ونافذة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل علي بن أبي طلحة وهو وإن كان يرسل عن ابن عباس، ولكن الواسطة معروف وهو صدوق.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 546 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 521 عن أبي جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من...
- 522 لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما...
- 523 ويلكم قد قد
- 524 كان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة
- 525 من احسن في الإسلام لم يؤاخذ بعمل الجاهلية
- 526 أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية، من صدقة أو...
- 527 الإسلام يهدم ما كان قبله
- 528 الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه،...
- 529 أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟
- 530 أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا...
- 531 أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي
- 532 كان محمد يقاتل المشركين وكان الدخول عليهم فتنة
- 533 أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها
- 534 صلى النبي ﷺ إلى بعير وقال: لا يحل لي من...
- 535 كان النبي ﷺ أعطاني شارفا من الخمس
- 536 النبي ﷺ يقول: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد
- 537 للفرس سهمان وللرجل سهم
- 538 هل كان رسول الله يغزو بالنساء؟
- 539 من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه
- 540 عن ابن عباس في قوله: إن كنتم آمنتم بالله وما...
- 541 خرج رسول الله ﷺ يريد عير قريش، حتى جمع الله...
- 542 خروج النبي ﷺ لأخذ تجارة قريش مع أبي سفيان
- 543 أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة
- 544 اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم
- 545 لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
- 546 رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
- 547 يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما...
- 548 لا يحج بعد العام مشرك
- 549 من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
- 550 معنى ألا إن القوة الرمي
- 551 الخيل لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر
- 552 الخيل معقود في نواصيها الخير والاجر والمغنم
- 553 فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة
- 554 من خير معاش الناس رجل ممسك عنان فرسه في سبيل...
- 555 ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي
- 556 الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا
- 557 لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين
- 558 افترض الله عليهم أن يقاتل الواحد عشرة
- 559 ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في...
- 560 استشار النبي في الأسارى أبا بكر وعمر
- 561 لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم
- 562 مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ
- 563 استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
- 564 غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد...
- 565 العنوان: أني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية ذهبا
- 566 اللَّه أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول، فاللَّه يجزيك
- 567 لا تدعون منها درهما
- 568 المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة
- 569 لا هجرة اليوم ولكن جهاد ونية
- 570 اغزوا باسم الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا
معلومات عن حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
📜 حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








