حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤٨)﴾

عن ابن عباس قال: جاء إبليس يوم بدر في جُنْد من الشياطين، معه رأيته، في صورة رجل من بني مُدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: ﴿لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ﴾ فلما اصطف الناس، أخذ رسول اللَّه ﷺ قبضةً من التراب، فرمى بها في وجوه المشركين، فولَّوا مدبرين. وأقبل جبريل إلى إبليس، فلما رآه، وكانت يده في يد رجل من المشركين، انتزع إبليس يده، فولَّى مدبرًا هو وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة، تزعم أنك لنا جار؟ قال: ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ وذلك حين رأى الملائكة.

حسن: رواه الطبري في تفسيره (١١/ ٢٢١)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٧١٥)، والبيهقي في الدلائل (٣/ ٧٨) كلهم من طريق عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قال: جاء إبليس يوم بدر في جُنْد من الشياطين، معه رأيته، في صورة رجل من بني مُدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: ﴿لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ﴾ فلما اصطف الناس، أخذ رسول اللَّه ﷺ قبضةً من التراب، فرمى بها في وجوه المشركين، فولَّوا مدبرين. وأقبل جبريل إلى إبليس، فلما رآه، وكانت يده في يد رجل من المشركين، انتزع إبليس يده، فولَّى مدبرًا هو وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة، تزعم أنك لنا جار؟ قال: ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ وذلك حين رأى الملائكة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ويحكي قصة من قصص غزوة بدر الكبرى، التي كانت أول معركة فاصلة في تاريخ الإسلام. وسأشرح هذا الحديث شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● جُنْد: أي جماعة وعصبة وجيش.
● بني مُدلج: هي قبيلة معروفة من قبائل العرب.
● سراقة بن مالك بن جعشم: هو رجل من بني مدلج وكان مشهورًا بشجاعته.
● جارٌ لَكُمْ: أي حامٍ وناصرٌ لكم.
● اصطف الناس: اصطف الفريقان للقتال وتراصوا.
● قبضةً من التراب: حفنة من التراب.
● فولَّوا مدبرين: هربوا منهزمين.
● شيعته: أي أتباعه وأنصاره من الشياطين.


ثانيًا. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث المشهد العجيب الذي حدث يوم غزوة بدر، حيث تدخلت القوى الغيبية في المعركة:
1- مقدمة الحدث: جاء إبليس -لعنة الله عليه- يوم بدر في جماعة من شياطينه يتشجعون ويحرضون المشركين على القتال. وتجسّد إبليس في صورة رجل من قبيلة بني مدلج، بينما تجسد شيطان آخر في صورة سراقة بن مالك، وهو فارس مشهور ومعروف بالشجاعة بين العرب، ليكون له تأثير أكبر في نفوس المشركين.
2- الوعد الكاذب: وقف هذا الشيطان (في صورة سراقة) أمام صفوف المشركين ووعدهم بالنصر قائلاً: {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}، أي أنكم لن تُهزموا اليوم من البشر، وأنا حامٍ وناصر لكم. وهذا من كذبه وإغوائه، حيث جعلهم يطمئنون إلى قوتهم ويغترون بعددهم وعتادهم.
3- معجزة النبي ﷺ: عندما اصطف الفريقان للقتال، أخذ رسول الله ﷺ حفنة من التراب ورمى بها تجاه وجوه المشركين. فدخل ذلك التراب في أعينهم وأنوفهم وأفواههم، وشلت حركتهم وأصابهم الذعر والهلع. فولوا هاربين منهزمين، وكانت هذه القبضة من التراب بركة ونصرًا من الله تعالى، حيث حولها الله إلى آية عظيمة أذهلت المشركين.
4- فرار إبليس: لما رأى جبريل عليه السلام وهو يقاتل مع الملائكة نصرًا للمؤمنين، أقبل نحو إبليس. وكان إبليس في تلك اللحظة ممسكًا بيد رجل من المشركين ليشجعه على القتال، فلما أبصر جبريل عليه السلام -وكان يعرفه- فزع وانتزع يده من يد المشركي وهرب هو وجنوده من الشياطين.
5- اعتراف الشيطان بالهزيمة: فتعجب ذلك المشرك من فرار "سراقة" (وهو الشيطان في الحقيقة) بعد أن وعده بالنصر والحماية، فناداه: يا سراقة، تزعم أنك لنا جار؟ فرد عليه الشيطان منكرًا وعده ومتبرئًا منهم قائلاً: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. فهو يرى الملائكة تنزل لنصرة المسلمين، بينما المشركون لا يرونها، فخاف عقاب الله وهرب.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- أن النصر من عند الله تعالى، وليس بالعدد والعدة، فالمسلمون في بدر كانوا قلة مستضعفين، ولكنهم نصرهم الله بالملائكة وبمعجزة النبي ﷺ.
2- خداع الشيطان ووعوده الكاذبة، فهو لا يعد المؤمنين إلا غرورًا، وإذا حلت الشدة فر وتبرأ من أتباعه.
3- اليقين بحماية الله ونصره للمؤمنين الصادقين، حتى لو تآمرت عليهم قوى الأرض والجن.
4- فضل الدعاء والتوكل على الله، فقبضة التراب كانت سببًا ظاهريًا للنصر، ولكنها في الحقيقة كانت آية من آيات الله تعالى.
5- أن الكفار قد لا يرون الملائكة ولكنهم يحضرون في القتال بنصرة المؤمنين، كما قال تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} [الأنفال: 43].


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك، وصححه الألباني.
- الغزوة وقعت في السنة الثانية للهجرة، وكان عدد المسلمين فيها حوالي 313 رجلاً، بينما كان المشركون حوالي 1000 مقاتل.
- قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ} [الأنفال: 17] نزلت في هذا المشهد، فالنبي ﷺ رمى، ولكن الله هو الذي جعل تلك الرمية مؤثرة ونافذة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبري في تفسيره (١١/ ٢٢١)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٧١٥)، والبيهقي في الدلائل (٣/ ٧٨) كلهم من طريق عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل علي بن أبي طلحة وهو وإن كان يرسل عن ابن عباس، ولكن الواسطة معروف وهو صدوق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 546 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر

  • 📜 حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب