حديث: لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)﴾
صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٤١) من طرق عن أبي عامر العقدي، عن المغيرة -وهو ابن عبد الرحمن الحزامي-، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا».
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 2966) ومسلم في صحيحه (رقم 1741).
1. شرح المفردات:
* تَمَنَّوْا: من التمني، وهو طلب حصول شيء محبوب وتحقيقه.
* لِقَاءَ الْعَدُوِّ: المواجهة في ساحة القتال مع أعداء الدين.
* فَاصْبِرُوا: الصبر هنا يشمل أنواع الصبر الثلاثة: الصبر على طاعة الله (الجهاد)، والصبر عن معصيته (الفرار من الزحف أو فعل ما ينافي الشجاعة)، والصبر على قدره (ما يصيب المجاهد من جراح أو استشهاد).
2. شرح الحديث:
يحتوي هذا الحديث على توجيه نبوي عظيم للمجاهدين، ينقسم إلى شقين:
* الشق الأول: النهي عن تمني لقاء العدو (لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ):
نهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عن أن يتمنوا ويُقدِموا على لقاء العدو في القتال بشوق ولهفة دون سبب قوي، أو بدافع العجب والغرور والاعتماد على القوة البشرية فقط. وهذا النهي ليس من باب الجبن أو الخوف، بل هو من باب الحكمة والتوكل على الله حق التوكل، والخشية من عواقب التهور. فالمسلم لا يدري ما ستؤول إليه عاقبة المعركة، وقد يكون في تمني اللقاء استصغار للعدو واستخفاف به، وهو ما قد يؤدي إلى الهزيمة. كما أن فيه حماية للقلب من الرياء والعجب بالنفس.
* الشق الثاني: الأمر بالصبر عند اللقاء (فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا):
إذا وقع اللقاء بالعدو حقيقةً، وحدث القتال، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالثبات وعدم الفرار، والصبر على القتال ومشاقه. والصبر هنا هو العماد الأكبر للنصر، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45]. فالمطلوب هو الجدية والاستعداد الكامل، وعند وقوع المعركة يكون الثبات والصدق مع الله.
الجمع بين الشقين:
يجمع العلماء بين هذا الحديث والأحاديث التي تحث على الجهاد وبيان فضله بأن النهي عن تمني اللقاء هو حال السلم وعدم وجود سبب مباشر للقتال، أو عندما يكون الدافع هو حب الظهور أو الغرور. أما إذا وجد العدو وبغى واعتدى، فإنه يجب الاستعداد له ومواجهته، وعندها يجب الصبر والثبات. فالأول نهي عن التهوّر قبل المعركة، والثاني أمر بالثبات أثناء المعركة.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النهي عن تمني اللقاء يدل على وجوب الأخذ بجميع الأسباب المادية والمعنوية (من استعداد وتخطيط وعدم استعجال الأمور) مع الاعتماد الكلي على الله تعالى وحده، وعدم الاعتماد على القوة العددية أو العددية فقط.
2- التوسط والاعتدال في الأمور: الإسلام دين الوسطية، فلا جبن ولا تهور. فلا نفرط فنتمنى الحرب دون حكمة، ولا نقصر فنفر منها إذا وجبت.
3- الخشية من العواقب: تمني لقاء العدو قد يجر إلى عواقب غير محمودة إن لم يكن النصر حليفاً، فالمؤمن يتعامل مع реальية الحرب بجدية وروية.
4- قوة القلب والثبات عند الشدائد: الصبر عند اللقاء هو جوهر الإيمان في ساحة القتال، وهو الذي يميز المؤمن الصادق من غيره.
5- ذم العجب والاغترار: النهي عن تمني اللقاء يحمي القلب من داء العجب بالنفس والاغترار بالقوة، ويذكره بأن النصر من عند الله تعالى، لا بقوة البشر أو عددهم.
6- الحكمة النبوية في إدارة الصراع: الحديث يوضح المنهج النبوي في إدارة الصراع، وهو منهج قائم على الحكمة ووضع الأمور في مواضعها، وليس على العواطف والرغبات الشخصية.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في كلمات قليلة أسساً عظيمة في فن القيادة الحربية والإستراتيجية العسكرية.
* يوضح الحديث الفرق بين "الجبن" المذموم شرعاً، و "الحذر" و "الحيطة" المحمودين. فالجبن هو التخلف عن القتال when it is obligatory, أما الحذر فهو أخذ أسباب السلامة وعدم الدخول في مغامرة غير محسوبة العواقب.
* كان الصحابة رضي الله عنهم أشداء في الحرب، ولكنهم لم يكونوا يتمنونها؛ بل كانوا يفضلون السلم ما دام ممكناً، فإذا حضرت المعركة كانوا أروع ما يكون من الصبر والثبات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 545 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 520 اجتماع قريش في دار الندوة ومكرهم بالنبي ﷺ
- 521 عن أبي جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من...
- 522 لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما...
- 523 ويلكم قد قد
- 524 كان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة
- 525 من احسن في الإسلام لم يؤاخذ بعمل الجاهلية
- 526 أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية، من صدقة أو...
- 527 الإسلام يهدم ما كان قبله
- 528 الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه،...
- 529 أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟
- 530 أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا...
- 531 أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي
- 532 كان محمد يقاتل المشركين وكان الدخول عليهم فتنة
- 533 أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها
- 534 صلى النبي ﷺ إلى بعير وقال: لا يحل لي من...
- 535 كان النبي ﷺ أعطاني شارفا من الخمس
- 536 النبي ﷺ يقول: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد
- 537 للفرس سهمان وللرجل سهم
- 538 هل كان رسول الله يغزو بالنساء؟
- 539 من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه
- 540 عن ابن عباس في قوله: إن كنتم آمنتم بالله وما...
- 541 خرج رسول الله ﷺ يريد عير قريش، حتى جمع الله...
- 542 خروج النبي ﷺ لأخذ تجارة قريش مع أبي سفيان
- 543 أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة
- 544 اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم
- 545 لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
- 546 رمى رسول الله التراب في وجوه المشركين يوم بدر
- 547 يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما...
- 548 لا يحج بعد العام مشرك
- 549 من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة
- 550 معنى ألا إن القوة الرمي
- 551 الخيل لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر
- 552 الخيل معقود في نواصيها الخير والاجر والمغنم
- 553 فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة
- 554 من خير معاش الناس رجل ممسك عنان فرسه في سبيل...
- 555 ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي
- 556 الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا
- 557 لا يفرّ واحد من اثنين ومائة من المائتين
- 558 افترض الله عليهم أن يقاتل الواحد عشرة
- 559 ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في...
- 560 استشار النبي في الأسارى أبا بكر وعمر
- 561 لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم
- 562 مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ
- 563 استشارة النبي في الأسارى يوم بدر وأخذ الفداء منهم
- 564 غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد...
- 565 العنوان: أني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية ذهبا
- 566 اللَّه أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول، فاللَّه يجزيك
- 567 لا تدعون منها درهما
- 568 المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة
- 569 لا هجرة اليوم ولكن جهاد ونية
معلومات عن حديث: لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
📜 حديث: لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تتمنوا لقاء العدو واصبروا عند اللقاء
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








