حديث: مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩)﴾

عن خيثمة قال: كان سعد بن أبي وقاص في نفر، فذكروا عليا، فشتموه، فقال سعد: مهلا عن أصحاب رسول اللَّه ﷺ، فإنا أصبنا دنيا مع رسول اللَّه ﷺ، فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، فأرجو أن تكون
رحمة من عند اللَّه سبقت لنا، فقال بعضهم: فواللَّه إن كان ليبغضك، ويشتمك الأُخَينَس، فضحك سعد حتى استعلاه الضحك. ثم قال: أوليس الرجل قد يجد على أخيه في الأمر يكون بينه وبينه، ثم لا يبلغ ذلك أمانته، وذكر كلمة أخرى.

صحيح: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٧٣٤)، والحاكم (٢/ ٣٢٩ - ٣٣٠) -واللفظ له- كلاهما من طريق عبيد اللَّه بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن خيثمة، قال: فذكره.

عن خيثمة قال: كان سعد بن أبي وقاص في نفر، فذكروا عليا، فشتموه، فقال سعد: مهلا عن أصحاب رسول اللَّه ﷺ، فإنا أصبنا دنيا مع رسول اللَّه ﷺ، فأنزل اللَّه ﷿: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، فأرجو أن تكون
رحمة من عند اللَّه سبقت لنا، فقال بعضهم: فواللَّه إن كان ليبغضك، ويشتمك الأُخَينَس، فضحك سعد حتى استعلاه الضحك. ثم قال: أوليس الرجل قد يجد على أخيه في الأمر يكون بينه وبينه، ثم لا يبلغ ذلك أمانته، وذكر كلمة أخرى.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وله شواهد تدل على صحته. وهو يحكي موقفاً عظيماً من مواقف الصحابة رضي الله عنهم، ويحتوي على دروس وعبر عظيمة.

أولاً. شرح المفردات:


● في نفر: أي في جماعة من الناس.
● شتموه: أي ذكروه بسوء وسبُّوه.
● مهلاً: كلمة تقال للزجر والنهي عن الاستمرار في الفعل، أي اتركوا هذا واقفوا عنه.
● أُخَيْنَس: هو أخينس بن شريق الثقفي، وكان من المنافقين.
● استعلاه الضحك: أي غلبه الضحك وارتفع صوته به.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي خيثمة رضي الله عنه أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه – وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة – كان جالساً في مجموعة من الناس، فذكروا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوقعوا في عرضه وسبُّوه.
فانبرى لهم سعد رضي الله عنه ناهياً إياهم عن ذلك، قائلاً: "مهلاً عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي اتركوا هذا المسلك واقفوا عن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهم أفضل الخلق بعد الأنبياء، وقد صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ونصروا الدين.
ثم علل سعد رضي الله عنه نهيه لهم بذكر عظة وعبرة، فقال: "إنا أصبنا دنيا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}".
والقصة التي يشير إليها سعد رضي الله عنه هي ما حدث في غزوة حنين، عندما وزع النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم على المؤلفة قلوبهم، ولم يعطِ بعض الأنصار، فوجدوا في أنفسهم من ذلك، حتى أن أحدهم قال: "لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه" (أي فضل قومه على الآخرين)، فأنزل الله تعالى هذه الآية توضيحاً أن هذا التوزيع كان بوحي من الله، وأنهم لولا سابقة رحمة الله تعالى لهم لعاقبهم على ما وجدوه في أنفسهم.
فاستدل سعد رضي الله عنه بهذه الحادثة على أن مجرد الوجدان في القلب – وهو دون القول أو الفعل – كان يمكن أن يعاقبوا عليه لولا رحمة الله، فكيف بمن يتجرأ على السب والشتم للصحابة الكرام؟! ثم عبر عن رجائه بأن تكون تلك الرحمة السابقة شاملة لهم.
فلما سمع أحد الحاضرين هذا الكلام من سعد، قال له محاولاً إثارة الغضب في قلبه: "فوالله إن كان (أي علي بن أبي طالب) ليبغضك، ويشتمك الأخينس (أي المنافق)".
فما كان من سعد رضي الله عنه إلا أن ضحك ضحكاً شديداً، ثم رد رداً حكيماً يظهر خلقه العالي وفهمه العميق، فقال: "أوليس الرجل قد يجد على أخيه في الأمر يكون بينه وبينه، ثم لا يبلغ ذلك أمانته".
أي: أليس من الممكن أن يغضب الإنسان على أخيه بسبب خصومة أو خلاف شخصي بينهما، ثم لا يجعله هذا الغضب يتهم أخاه في دينه أو يقدح في أمانته وعدالته؟ فالخلاف الشخصي لا يفسد للود قضية، ولا يقدح في عدالة الصحابي ودينه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب محبة الصحابة والذب عن أعراضهم: فسعد رضي الله عنه لم يسكت عن من سب علياً رضي الله عنه، بل نَهَرهم وذكّرهم بمكانة الصحابة. ومحبة جميع الصحابة واجبة، والاعتقاد بعدالتهم أصل من أصول أهل السنة والجماعة.
2- الحكمة في الرد والمناظرة: لم يرد سعد رضي الله عنه بانفعال، بل استدل بنص قرآني وقصة معروفة ليعظهم ويبين خطأهم.
3- التجرد من الهوى والحقد: فمع أن الراوي حاول إثارة سعد بإخباره أن علياً يبغضه، لم يغضب سعد، بل ضحك ورد رداً حكيماً يظهر تجرده من الهوى الشخصي، وفصله بين الخلاف الشخصي والتعدي على الدين والعدالة.
4- الرحمة والسعة في التعامل مع أخطاء الآخرين: فهم سعد أن الخلافات الشخصية قد تحدث، ولكن لا ينبغي أن تدفع إلى الطعن في الدين والأمانة.
5- علو أخلاق الصحابة رضي الله عنهم: الموقف يظهر خلقاً رفيعاً من سعد بن أبي وقاص، من النصيحة، والحلم، والحكمة، والعفو.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الموقف يعلمنا كيف نتعامل مع الخلافات التي قد تحدث بين الصالحين، فلا نُغَالي فيمدح أحدهم ويوالي، ولا نجفو فيذم الآخر ويعادى، بل نعدل ونتوسط، ونحب الجميع في الله، وندرك أن لهم فضائل وسوابق، وأن الخلاف بينهم مغتفر.
- يجب على المسلم أن يتجنب الخوض في ما شجر بين الصحابة، وأن يقف موقف المتوقف، ويقول: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا ل
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٧٣٤)، والحاكم (٢/ ٣٢٩ - ٣٣٠) -واللفظ له- كلاهما من طريق عبيد اللَّه بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن خيثمة، قال: فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 562 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ

  • 📜 حديث: مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مهلا عن أصحاب رسول الله ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب