حديث: شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الأذان للفائتة والإقامة لها
صحيح: رواه النسائيّ (٦٦١) عن عمرو بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا يحيى (يعني ابن سعيد القطان) قال: حَدَّثَنَا ابن أبي ذئب، قال: حَدَّثَنَا سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه فذكر الحديث.
![عن أبي سعيد قال: شَغَلَنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتَّى غربتِ الشمسُ، وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل، فأنزل الله ﷿: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ [سورة الأحزاب:] فأمر رسولُ الله ﷺ بلالًا فأقام لصلاة الظهر فصلاها كما كان يُصليها لوقتها، ثم أقام للعصر فصلاها كما كان يُصَلِّيها لوقتها، ثم أذَّن للمغرب فصلَّاها كما كان يُصَلِّيها في وقتها. عن أبي سعيد قال: شَغَلَنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتَّى غربتِ الشمسُ، وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل، فأنزل الله ﷿: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ [سورة الأحزاب:] فأمر رسولُ الله ﷺ بلالًا فأقام لصلاة الظهر فصلاها كما كان يُصليها لوقتها، ثم أقام للعصر فصلاها كما كان يُصَلِّيها لوقتها، ثم أذَّن للمغرب فصلَّاها كما كان يُصَلِّيها في وقتها.](img/Hadith/hadith_1834.png)
شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين. هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم يروي لنا حدثاً تاريخياً مهماً في غزوة الخندق، ويوضح حكماً فقهياً بالغ الأهمية.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث وفق الخطوات المطلوبة:
1. شرح المفردات:
* شَغَلَنا: منعنا وألهانا وأعاقنا عن أداء الصلاة.
* يوم الخندق: أي غزوة الخندق التي وقعت في السنة الخامسة للهجرة، وتُسمى أيضاً غزوة الأحزاب.
* حتَّى غربتِ الشمسُ: أي حتى غابت الشمس ودخل وقت صلاة المغرب.
* قبل أن ينزل في القتال ما نزل: أي قبل أن يشرع الله تعالى للمسلمين قصر الصلاة أو جمعها أثناء القتال، حيث كانت الأحكام التخفيفية تتَنَزّل تدريجياً.
* وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ: هي آية من سورة الأحزاب (الآية: 25) تخبر بنصر الله للمؤمنين ودفاعه عنهم.
* أقام: أي أقام الإقامة للصلاة، وهي الإعلام بدخول وقتها والدعوة إلى قيامها.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن المسلمين في غزوة الخندق كانوا منشغلين بالقتال الدائر ضد جيوش الأحزاب، واستمر هذا الشغل والقتال الشديد طوال النهار، حتى فاتتهم صلاة الظهر ثم صلاة العصر دون أن يصلوها، وذلك لأن تشريع الجمع بين الصلاتين في السفر والحرب لم يكن قد نزل بعد.
فلما انتهت المعركة بنصر الله تعالى وكفايته المؤمنين القتال، كما ذكرت الآية الكريمة، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً رضي الله عنه أن يؤذن للصلاة. فصلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر أولاً في وقت المغرب، ثم صلى بعدها صلاة العصر، ثم صلى صلاة المغرب في وقتها الطبيعي. أي أنه قضى الصلوات الفائتة (الظهر والعصر) حسب ترتيبها، ثم صلى الصلاة الحاضرة (المغرب).
3. الدروس المستفادة منه:
* عظم مكانة الصلاة: يظهر من الحديث حرص النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة على الصلاة رغم شدة الحرب والقتال، مما يدل على أنها من أهم الفرائض وأوكدها.
* وجوب قضاء الفوائت: الحديث أصل عظيم في وجوب قضاء الصلوات التي فاتت على المسلم لعذر أو لغير عذر، وهو إجماع بين أهل العلم.
* ترتيب الصلوات الفائتة: يستفاد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم (الظهر ثم العصر ثم المغرب) أن القضاء يجب أن يكون مرتباً، فيقضي الفائتة أولاً ثم التي بعدها، ثم يصلي الحاضرة. وهذا مذهب جمهور العلماء.
* الجمع بين الصلاتين: الحديث يبين السبب في نزول الرخصة بالجمع بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء في أوقات الحرب والسفر، تخفيفاً من الله تعالى على الأمة.
* التيسير ورفع الحرج: الشرائع الإسلامية مليئة بالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين، وخاصة في أوقات الشدة والمشقة كأثناء القتال.
* التفاؤل بنصر الله: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الصلاة بعد انكشاف الأزمة مباشرة، وهو درس في شكر الله على نعمه والتفاؤل بعد اليأس.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* الغزوة: وقع هذا الحدث في غزوة الخندق (الأحزاب) والتي كانت من أشد الغزوات على المسلمين بسبب حصارهم وقلّة عددهم وكثرة عدوهم.
* الحكم الفقهي: هذا الحديث هو أحد الأدلة الرئيسية عند الفقهاء على وجوب قضاء الصلوات الفائتة وعلى وجوب الترتيب في القضاء.
* الفرق بين الجمع والقضاء: الجمع (جمع تقديم أو تأخير) هو فعل الصلاتين في وقت إحداهما بعذر شرعي كالسفر أو المطر، وهو رخصة. أما القضاء فهو فعل الصلاة بعد خروج وقتها مضيقاً كان أو موسعاً، وهو واجب لاستدراك ما فات.
* الاستمرار في الذكر: رغم انشغالهم بالقتال، إلا أن قلوب الصحابة كانت معلقة بالصلاة ومواقيتها، مما يدل على عِظم منزلتها في القلب.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المحافظين على الصلوات في أوقاتها، المقيمين لها على الوجه الذي يرضيه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده صحيح ورجاله ثقات، والذي رواه الشافعي في الأم (١/ ٨٦) عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب به، فيه ذكر لأربع صلوات وهي بزيادة صلاة العشاء، وفيه تفصيل لقوله: قبل أن ينزل في القتال - وهي صلاة الخوف ﴿فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [سورة البقرة: ٢٣٩].
قال الشافعي: «وبهذا كله نأخذ، وفيه دلالة على أن كل من جمع بين صلاتين في وقت الأوّلى منهما أقام لكل واحدة منهما، وأذَّن للأولى، وفي الآخرة يقيم بلا أذان».
وهذا الحديث رواه كل من الإمام أحمد (٧١٨٩) وابن خزيمة (٩٩٦) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، ولكن لم يذكر أحد منهم الأذان في أول الصّلاة، إِلَّا أن يفهم من قول النَّبِيّ ﷺ أنه دعا بلالًا فأمره (أي أن يؤذن) فأقام الظهر - أي بعد الأذان ويبدو أن هذا الذي فهمه النسائيّ فبوَّب بقوله: الأذان للفائت، والبغوي فبوَّب في «شرح السنة» (٣/ ٣٠٢) الأذان للفائة والإقامة لها.
ولكن قال البيهقيّ (١/ ٤٠٢ - ٤٠٣) رواه الشافعي في القديم عن غير واحد عن ابن أبي ذئب لم يُسَمَّ أحدًا منهم وقال في الحديث: فأمر بلالًا فأذَّن وأقام فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء.
ثم قال البيهقيّ: «هكذا رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه في هذه القصة في إحدى الروايتين عنه، إِلَّا أن أبا عبيدة لم يدرك أباه وهو مرسل جيد».
قال الأعظمي: وهو كما قال فإن حديث عبد الله بن مسعود فيه انقطاع، رواه الترمذيّ (١/ ٣٣٧)،
والنسائي (٢/ ١٨)، وأحمد (٣٥٥٥) كلّهم من طريق أبي الزُّبير، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: إن المشركين شغلوا رسول الله ﷺ عن أربع صلوات يوم الخندق حتَّى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالًا فأذَّن، ثم أقام فصلَّى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء.
قال الترمذيّ: حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، إِلَّا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله. انتهى.
انظر للمزيد: «المنة الكبرى (١/ ٣٩٦).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 146 من أصل 1241 حديثاً له شرح
- 121 رؤية عبد الله بن زيد للأذان في المنام
- 122 فقم مع بلال فإنه أندى أو صوتًا منك
- 123 لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان
- 124 إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط
- 125 شاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة، ويكفر عنه ما...
- 126 المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة
- 127 من يسمع صوت المؤذن شهد له يوم القيامة
- 128 الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب إلى الرَّوْحاء
- 129 فضل المؤذنين يوم القيامة أطول الناس أعناقا
- 130 يغفر الله للمؤذن مد صوته
- 131 بلال يؤذن على بيت من بني النجار
- 132 رسول الله ﷺ يعلم أبي محذورة الأذان تسعة عشر كلمة
- 133 الصلاة خير من النوم
- 134 الصلاة خير من النوم في أذان الفجر
- 135 أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة
- 136 الأذان مرتين مرتين والإقامة مرة مرة
- 137 إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم...
- 138 لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن...
- 139 جواز الاكل والشرب حتى يؤذن ابن ام مكتوم
- 140 ابن مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال
- 141 لا يغرنكم نداء بلال من السحور
- 142 إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا
- 143 إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم
- 144 أسند بلال ظهره إلى راحلته، فغلبته عيناه فنام
- 145 تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة
- 146 شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس
- 147 ناموا عن صلاة الفجر فاستيقظوا بحر الشمس
- 148 نام النبي ﷺ عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس
- 149 من نام أو نسي فليصل إذا ذكر
- 150 إن سمع أذانا أمسك وإلا أغار
- 151 راعي غنم يؤذن ويصلي في رأس جبل
- 152 صاحب ماشية أدركتْه الصّلاة فنادى بها
- 153 كان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت
- 154 ابن أم مكتوم يؤذن لرسول الله ﷺ وهو أعمى
- 155 عصى أبا القاسم ﷺ بالخروج من المسجد بعد الأذان
- 156 كان لرسول الله ﷺ مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم الأعمى
- 157 كان للنبي ﷺ مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم.
- 158 أنت إمامهم واقتد بأضعفهم
- 159 بين كل أذانين صلاة لمن شاء
- 160 المؤذن إذا أذن قام ناس يبتدرون السواري ليصلوا الركعتين قبل...
- 161 إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن
- 162 إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي
- 163 كيفية الترديد مع المؤذن
- 164 فضل من قال عند النداء أشهد أن لا إله إلا...
- 165 معاوية يردد الأذان كما كان النبي ﷺ يفعل
- 166 وأنا وأنا إذا سمع المؤذن يتشهد
- 167 عن معاوية يردد الأذان كما سمع من النبي.
- 168 إن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة فادعوا
- 169 اللَّهُمَّ ربَّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة
- 170 من سأل لي الوسيلة حلّت له شفاعتي
معلومات عن حديث: شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس
📜 حديث: شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








