تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة

حديث: تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة

عن أبي هريرة في هذا الخبر - يعني قصة التعريس - قال: فقال رسول الله ﷺ: «تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلةُ» قال: فأمر بلالًا فأذَّن وأقام وصلَّى.

صحيح: رواه أبو داود (٤٣٦) عن موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا معمر عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو جزء من قصة تعرُّس النبي ﷺ وأصحابه في سفر، أي نومهم ليلاً في الطريق. وها هو الشرح المفصل له:

1. شرح المفردات:

● التعريس: النوم ليلاً في السفر، أو الاستراحة في آخر الليل.
● الغفلة: هنا تعني النوم الثقيل الذي غلبهم ففاتتهم صلاة الفجر في وقتها.
● تحوّلوا: اتركوا واغادروا.
● أذَّن وأقام: الأذان للإعلام بدخول وقت الصلاة، والإقامة للشروع فيها.

2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن حادثة وقعت لهم في سفر مع النبي ﷺ. حيث نام النبي ﷺ وأصحابه نومًا عميقًا (غفلة) في مكانهم حتى طلعت الشمس ففاتتهم صلاة الفجر في وقتها.
فلما استيقظوا وانتبهوا للشمس، لم يأمرهم النبي ﷺ بالصلاة في نفس المكان الذي غفلوا فيه، بل أمرهم أولاً بالتحول والانتقال إلى مكان آخر. ثم بعد ذلك أمر سيدنا بلال رضي الله عنه أن يؤذن ويقيم للصلاة، فصلى بهم النبي ﷺ صلاة الفجر.

3. الدروس المستفادة والعبر العظيمة:
1- الحكمة النبوية في معالجة الأخطاء: لم يوبخ النبي ﷺ أصحابه، ولم يعنفهم على نومهم، بل عالج الموقف بحكمة بالغة. فبيَّن أن المكان الذي حصلت فيه المعصية (وهي تفويت الصلاة) له حرمة، وينبغي مفارقته.
2- استحباب مفارقة مكان المعصية: ذهب جمهور العلماء إلى استحباب ترك المكان الذي وقعت فيه معصية أو غفلة عن طاعة، لا وجوبه. وهو من باب الهروب من أسباب المعصية وقطعًا للذكريات السيئة المرتبطة به، لئلا يتعود القلب على ذلك المكان فيقع في الغفلة مرة أخرى.
3- التيسير ورفع الحرج: الحديث دليل عظيم على يسر الإسلام ورفعه للحرج عن الأمة. فالنوم غلبة طبيعية وليس من التقصير المتعمد، فشرع لهم النبي ﷺ العلاج السهل وهو تغيير المكان ثم أداء الصلاة، من غير أي لوم أو تعقيد.
4- المحافظة على الصلاة ووجوب قضائها: بيَّن النبي ﷺ بالأمر بالصلاة بعد الاستيقاظ أن الصلاة الفائتة بسبب النوم يجب قضاؤها، وهذا أصل عظيم في الدين.
5- الأمر بالصلاة جماعة حتى في السفر: لم يصل كل واحد لنفسه، بل أذن بلال وأقام وصلى النبي ﷺ بهم جماعة، مما يدل على تأكيد مشروعية الجماعة حتى في ظروف السفر والنوم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● حكم الصلاة في مكان المعصية: الأمر في الحديث للاستحباب والكراهة التنزيهية وليس للتحريم. فلا تحرم الصلاة في مكان المعصية، ولكن الأفضل والأكمل مفارقته طلبًا للبركة وابتعادًا عن مشابهة أهل المعاصي.
● الفرق بين النسيان والغفلة: النسيان: ذهاب العلم من الذهن. أما الغفلة هنا فالمقصود بها النوم، وهو غلبة تمنع العبد من تذكر ما يجب عليه.
● الاقتداء بالنبي ﷺ في الحكمة: يعلمنا النبي ﷺ في هذا الموقف كيف يكون القائد الحكيم الذي يعالج الهفوات برفق وحكمة، لا بعنف وتأنيب.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٣٦) عن موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا معمر عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
قال أبو داود: رواه مالك وسفيان بن عيينة والأوزاعي وعبد الرزّاق، عن معمر وابن إسحاق لم يذكر أحد منهم الأذان في حديث الزهري هذا، ولم يسنده منهم أحد إِلَّا الأوزاعي وأبان العطّار، عن معمر، انتهى.
قال الأعظمي: ورواه أيضًا مسلم في المساجد (٦٨٠) من وجه آخر عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ولم يذكر فيه الأذان وإنما قال فيه: ثم توضأ رسول الله ﷺ وأمر بلالًا فأقام الصّلاة فصلَّى بهم الصبح، فلمّا قضى الصّلاة قال: «من نسى الصّلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [سورة طه: ١٤].
قال يونس: وكان ابن شهاب يقرؤها: (للذِّكْرَي).
ورواه أيضًا مسلم عن يحيى بن سعيد قال: حَدَّثَنَا يزيد بن كيسان، حَدَّثَنَا أبو حازم، عن أبي هريرة فذكر الحديث وفيه: ثم دعا بالماء فتوضأ، ثم سجد سجدتين، ثم أقيمت الصّلاة فصلَّى الغداة.
فتبين من هذا أن ذكر الأذان في رواية أبان، عن معمر زيادة.
وأبان هو ابن يزيد العطّار أبو يزيد البصري ثقة، وثَّقه ابن معين وابن المديني والعجلي وغيرهم، وهو من رجال الشّيخين، فيجب قبول زيادثه. وإليه ذهب الإمام أحمد بأنه يؤذَّن للفائت ويقام له كما قال الخطّابي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 145 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة

📜 حديث: تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية