تحويل القبلة إلى الكعبة أثناء الصلاة

حديث: تحويل القبلة إلى الكعبة أثناء الصلاة

عن أنس بن مالك، قال: جاء منادي رسول الله ﷺ فقال: «إنَّ القبلة قد حوِّلتْ». والإمام في الصّلاة قد صلّى ركعتين. فقال المنادي: «قد حوّلتِ القبلة إلى الكعبة». فصلّوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة.

حسن: رواه أبو بكر بن أبي شيبة (١/ ٣٣٤)، والبزّار - كشف الأستار (٤٢١) - كلاهما من حديث زيد بن الجباب، ثنا جميل بن عبيد أبو النّضر، ثنا ثمامة، عن جدّه أنس بن مالك، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي تُبيّن جانبًا من السيرة النبوية العطرة ومراحل التشريع الإسلامي، وله فوائد ودروس عظيمة.
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم في صحيحه، وغيرهم من أئمة الحديث. وهو حديث صحيح متفق على صحته.
### ثانيًا. شرح المفردات
● جاء منادي رسول الله ﷺ: أي أذن المؤذن أو نادى المنادي بأمر النبي ﷺ.
● «إنَّ القبلة قد حوِّلتْ»: أي تغير اتجاه القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة.
● والإمام في الصّلاة قد صلّى ركعتين: أي أن الإمام كان يصلي بالناس صلاة الظهر أو العصر (وهي أربع ركعات) وكان قد أتم الركعتين الأوليين.
● «قد حوّلتِ القبلة إلى الكعبة»: هذا تأكيد وتوضيح للمنادي بعد أن نادى أولاً بأن القبلة قد تغيرت.
● فصلّوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة: أي أن المصلين استداروا وواجهوا الكعبة في الركعتين المتبقيتين من صلاتهم.
### ثالثًا. المعنى الإجمالي للحديث
يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ أرسل منادياً ليعلن للناس أن القبلة قد تغيرت من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. وكان ذلك في منتصف صلاة الظهر أو العصر، حيث كان الإمام (والذي قد يكون النبي ﷺ نفسه أو غيره) قد صلى ركعتين من الصلاة متوجهاً نحو بيت المقدس. فلما سمع المصلون النداء، استداروا في صلاتهم وواجهوا الكعبة لأداء الركعتين الباقيتين.
### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- تاريخ تحويل القبلة: حدث تحويل القبلة في السنة الثانية للهجرة، في منتصف شهر شعبان، أثناء صلاة الظهر حسب أكثر الروايات. وكان ذلك بعد ستة عشر أو سبعة عشر شهراً من هجرة النبي ﷺ إلى المدينة.
2- طاعة الله ورسوله ﷺ: سرعة استجابة الصحابة رضي الله عنهم لأمر الله ورسوله، حيث غيروا اتجاههم في الصلاة فوراً دون تردد أو تساؤل، مما يدل على كمال إيمانهم وطاعتهم.
3- صحة الصلاة في مثل هذه الحال: الحديث دليل على أن من صلى часть صلاته إلى القبلة القديمة ثم بلغه التحويل أثناء الصلاة، فإنه يستدير إلى القبلة الجديدة ويتم صلاته، وصلاته صحيحة. وهذا من رحمة الله تعالى وتيسيره على عباده.
4- نسخ الأحكام الشرعية: الحديث مثال حي على نسخ الحكم الشرعي، حيث نسخ الله تعالى استقبال بيت المقدس واستبدله باستقبال الكعبة، والنسخ من حكم الله تعالى التي قد يشرع شيئاً ثم ينسخه لحكمة يعلمها.
5- الحكمة من تحويل القبلة: من الحكم أن تكون للأمة الإسلامية قبلة مستقلة تميزها عن اليهود الذين كانوا يتوجهون إلى بيت المقدس، فكان في التحويل امتحان للمؤمنين وتمييز لهم عن غيرهم.
### خامسًا. معلومات إضافية مفيدة
● مكان نزول الأمر بالتحويل: نزل الأمر بالتحويل وهو في صلاة الظهر في مسجد بني سلمة، الذي عُرف بعد ذلك بمسجد القبلتين؛ لأنه صلى فيه إلى القبلتين.
● ردة فعل المنافقين: استغل المنافقون هذا الحدث للتشكيك في الدين، وقالوا: «ما وَلاَّهُمْ عن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا؟»، فأنزل الله تعالى رداً عليهم في سورة البقرة: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142].
● موقف بعض المسملين: كان هناك قوم قد ماتوا قبل تحويل القبلة، فصلوا إلى بيت المقدس، فشكّ بعض المسلمين في صحة صلاتهم، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، أي صلاتكم إلى القبلة الأولى.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين والاستجابة الكاملة لأمره ونهيه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو بكر بن أبي شيبة (١/ ٣٣٤)، والبزّار - كشف الأستار (٤٢١) - كلاهما من حديث زيد بن الجباب، ثنا جميل بن عبيد أبو النّضر، ثنا ثمامة، عن جدّه أنس بن مالك، فذكره.
قال البزّار: «لا نعلم رواه عن ثمامة إِلَّا جميل».
وقال الهيثميّ في «المجمع» (٢/ ١٣): «إسناده حسن».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإنَّ جميل بن عبيد وشيخه ثمامة بن عبد الله بن أنس صدوقان. وقد قال ابن معين في جميل: «ثقة»، وثمامة بن عبد الله بن أنس وثَّقه أحمد والنسائي. قال ابن عدي: «له أحاديث عن أنس، وأرجو أنه لا بأس به».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 190 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تحويل القبلة إلى الكعبة أثناء الصلاة

📜 حديث: تحويل القبلة إلى الكعبة أثناء الصلاة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تحويل القبلة إلى الكعبة أثناء الصلاة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تحويل القبلة إلى الكعبة أثناء الصلاة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تحويل القبلة إلى الكعبة أثناء الصلاة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية