حديث: كانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في ترك القنوت بعد زوال سببه

عن أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: «يا أبتِ إنَّك قد صليتَ خلْفَ رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب ههنا بالكوفة نحوًا من خمس سنين، أكانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ».

صحيح: رواه الترمذي (٤٠٢)، وابن ماجه (١٢٤١)، والإمام أحمد (١٥٨٧٩) كلُّهم من طريق يزيد بن هارون، قال: أخبرنا أبو مالك قال: فذكر الحديث.

عن أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: «يا أبتِ إنَّك قد صليتَ خلْفَ رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب ههنا بالكوفة نحوًا من خمس سنين، أكانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث صحيح رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم، عن الصحابي الجليل طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه، أنه سأل أباه أبا مالك الأشجعي رضي الله عنهما سؤالاً عن صلاة الفجر.
وفيما يلي شرحه على النحو المطلوب:


1. شرح المفردات:


● يا أبتِ: يا أبي (تصغير تدل على التودد والتلطف في السؤال).
● صليتَ خلفَ رسول الله ﷺ...: حضرت الصلاة وإمامك هو رسول الله ﷺ ثم الخلفاء الراشدون.
● ههنا بالكوفة: أي في مدينة الكوفة بالعراق، حيث استقر أبو مالك رضي الله عنه.
● نحوًا من خمس سنين: مدة تقارب الخمس سنوات.
● يَقْنُتُون؟: هل كانوا يداومون على القنوت في صلاة الفجر؟ (والمراد هنا القنوت في صلاة الصبح، وهو الدعاء في الركعة الثانية بعد الرفع من الركوع).
● أي بُنيَّ: كلمة نداء وتلطف، أي "يا ابني".
● مُحْدَثٌ: الشيء المستحدث، أي الذي أُحدث بعد عهد النبي ﷺ والخلفاء الراشدين ولم يكن من سنتهم الدائمة.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يسأل الابن (طارق) والده (أبا مالك) - وهو صحابي جليل أدرك النبي ﷺ وصلى خلفه وخلف الخلفاء الأربعة - سؤالاً دقيقاً يستفسر فيه عن عمل من أعمال الصلاة، فيقول: يا أبي، لقد صليت خلف أفضل الأئمة وهم رسول الله ﷺ وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، هنا في الكوفة لمدة طويلة (خمس سنين)، فهل كانوا يداومون على القنوت في صلاة الفجر؟
فأجابه الأب إجابةً حاسمةً جامعةً، مفادها: أن المداومة على القنوت في الفجر ليست من السنة الثابتة التي كانوا يفعلونها دائماً، بل هي أمر مُحْدَث طارئ حدث بعد عهدهم.


3. الدروس المستفادة منه:


1- بيان السنة وتمييزها عن البدعة: الحديث من أقوى الأدلة عند أهل العلم على أن القنوت الدائم في صلاة الصبح ليس من السنة المؤكدة، بل إن المداومة عليه بدعة. وهذا هو مذهب الجمهور (المالكية والشافعية في الأصح والحنابلة) وهو رواية عن الإمام أحمد. وكان النبي ﷺ يقنت في النوازل فقط، كالدعاء على قبائل معينة فترة ثم يتركه.
2- حرص السلف على معرفة السنة: يظهر من سؤال الابن حرصه على معرفة هدي النبي ﷺ وخلفائه مباشرة ممن شاهدهم، وعدم الاكتفاء بما يفعله الناس.
3- الإنكار على المبتدعة بأسلوب حكيم: لم يقل الأب "هذا بدعة ضلالة"، بل قال بكلمة جامعة موحية: "مُحْدَث"، مما يدل على أن كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة.
4- الأدب في السؤال والخطاب: تلاحظ أدب الابن مع أبيه في قوله (يا أبتِ) وأدب الأب مع ابنه في قوله (أي بُنيَّ)، مما يجعل الحوار هادفاً ومثمراً.
5- الرد على من استمرأ البدع: ردٌ قاطع على من يعتقد أن القنوت الدائم في الفجر من السنن المؤكدة، ويؤصل قاعدة مهمة وهي أن العبرة بما ثبت عن النبي ﷺ وأصحابه، لا بكثرة من يفعله الناس لاحقاً.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم القنوت في الفجر: الصحيح الذي دلت عليه الأحاديث أن قنوت الفجر ليس بسنة راتبة، بل كان النبي ﷺ يقنت أحياناً في صلاة الصبح وغيرها عند نزول مصيبة أو كارثة (قنوت النوازل) ثم يتركه. أما جعله راتباً كل يوم فلم يثبت.
● الفرق بين القنوت والقيام: لا يخلط بين القنوت (وهو الدعاء في القيام) وبين القيام للقراءة نفسه، فالأخير ركن من أركان الصلاة.
● من فعل القنوت: من العلماء من استحبه استحباباً غير مؤكد (كبعض فقهاء الشافعية) بناء على بعض الآثار، ولكن الراجح هو قول الجمهور لصحة هذا الحديث وغيره.
● البدعة الإضافية: المداومة على القنوت تعتبر من البدع الإضافية، حيث أضيف إلى العبادة ما ليس منها، مع اعتقاد أنه سنة.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا في السنة، ويجنبنا البدع والضلال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٤٠٢)، وابن ماجه (١٢٤١)، والإمام أحمد (١٥٨٧٩) كلُّهم من طريق يزيد بن هارون، قال: أخبرنا أبو مالك قال: فذكر الحديث. وإسناده صحيح.
قال الترمذي: حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.
وأبو مالك اسمه: سعد بن طارق بن أَشْيَم. انتهى.
قال الأعظمي: طارق بن أَشْيم بوزن أحَمر، صحابي له أحاديث، ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (٤/ ٣٥٢) وقال: «له صحبة»، وكذا ذكره ابن سعد في الطبقات (٦/ ٣٧) فلا يجوز أن يشكك في صحبته.
قال مسلم: لم يرو عنه غير ابنه. كذا في التقريب.
وهذا الحديث رواه أيضًا النسائي (١٠٨٠) عن قتيبة بن سعيد عن خلف بن خليفة، عن أبي مالك الأشجعي به مثله.
وصحّحه ابن حبان (١٩٨٩) ورواه عن الحسن بن سفيان، حدثنا قتيبة بن سعيد به مثله.
ورواه الإمام أحمد (٢٧٢٠٩) عن حسين بن محمد، حدثنا خلف به، وفيه: كان أبي قد صلَّى خلف رسول الله ﷺ وهو ابن ست عشرة سنة ... فذكر بقية الحديث مثله.
ومثله رواه أيضًا (٢٧٢١٠) عن يزيد بن هارون، عن أبي مالك.
وخلف بن خليفة، هو ابن صاعد الأشجعي مولاهم، وإن كان قد اختلط بآخره، ولكن تابعه عليه غيره.
وقوله: أي بُنيَّ محدثٌ، يعني استمرار القنوت في صلاة الصبح لغير نازلة، وإلَّا فقد ثبت أنه ﷺ قنت في الصيح وغيرها من الصلوات عند النوازل.
وأما ما رُوي عن أنس بن مالكٍ قال: «ما زال رسول الله ﷺ يقنُت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا» فهو ضعيف.
رواه عبد الرزاق في مصنفه (٤٩٦٤) وعنه الإمام أحمد (١٢٦٥٧)، ومن طريقه الدارقطني (٢/ ٣٩) قال عبد الرزاق: عن أبي جعفر - يعني الرازي -، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك فذكره.
ورواه البيهقي (٢/ ٢٠٠١) عن الحاكم من وجه آخر، عن أبي جعفر الرازي به مثله. قال الحاكم: «إسناده صحيحٌ سنده، ثقةٌ رواته»، تعقبه التركماني فقال: كيف يكون سنده صحيحًا، وراويه عن الربيع أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي متكلم فيه. قال ابن حنبل والنسائي: ليس بالقوي، وقال أبو زرعة: يهم كثيرًا وقال الفلاس: سيء الحفظ، وقال ابن حبان: يُحدِّث بالمناكير عن المشاهير». انتهى.
قال الأعظمي: وهو كما قال، وقد قال ابن المديني: كان يُخلِّط، وقال يحيي: كان يخطئ، وأعتقد أن هذا الحديث مما أخطأ فيه أبو جعفر الرازي، فإن الروايات الصحيحة عن أنسٍ أنَّ رسول الله ﷺ قنت شهرًا ثمَّ تركهـ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1069 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ

  • 📜 حديث: كانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب