فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر

حديث: فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر

عن عائشةَ زوجِ النبيِّ ﷺ أنَّها قالت: فُرضت الصلاةُ ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأُقِرَّتْ صلاةُ السفر، وزيد في صلاة الحضر.

متفق عليه: رواه مالك في قصر الصلاة في السفر (٨) عن صالح بن كيسان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا من كنوز علمه وحكمته. هذا حديث عظيم من أحاديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يشرح لنا أصل تشريع الصلاة وكيف تطورت إلى ما هي عليه الآن. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● فُرضت: أي أُوجبت وشرعت من الله تعالى.
● ركعتين ركعتين: أي أن أصل الفرض كان ركعتين لكل صلاة.
● في الحضر والسفر: أي في حالة الإقامة في البلد (الحضر) وحالة السفر.
● فأُقِرَّتْ: أي بَقِيَتْ على حالها وأُثْبِتَتْ ولم يزدد فيها.
● صلاة السفر: الصلوات في حالة السفر.
● وزيد في صلاة الحضر: أُضيف إليها ركعات فأصبحت أربعاً للظهر والعصر والعشاء.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا هذا الحديث الشريف عن المرحلة التأسيسية لتشريع فريضة الصلاة. ففي بداية فرضها في ليلة الإسراء والمعراج، كانت الصلوات الخمس مفروضة كلها ركعتين فقط، سواء كان المسلم مقيماً في بلده أم مسافراً.
وبعد ذلك، استقر التشريع على أن تبقى صلاة السفر على حالها الأصلية (ركعتين) لكل صلاة، بينما زاد النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الحضر فأصبحت الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات، بينما بقيت الصبح ركعتين والمغرب ثلاث ركعات كما هي.
والزيادة في صلاة الحضر كانت بتوقيف من الله تعالى عن طريق الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، فهي تشريع إلهي.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- مرونة التشريع الإسلامي وتراحمه: يظهر لنا هذا الحديث كيف أن الشريعة الإسلامية نزلت بشكل تدريجي، مراعيةً حال الناس، فبدأت باليسير ثم زيد فيها. وهذا من رحمة الله بعباده.
2- التيسير في السفر: من حكمة الله تعالى أن أبَقى صلاة السفر على الأصل (القصر) تخفيفاً على المسلمين وتيسيراً لهم، لأن السفر يشق على الإنسان ويُنقِص من قوته وهمته. قال تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}.
3- بيان أصل العبادات هو التوقيف: الأصل في العبادات أن تؤخذ كما شرعها الله ورسوله، ولا يجوز الزيادة فيها أو النقصان إلا بدليل. فزيادة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الحضر كانت بوحي من الله.
4- مكانة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها العلمية: فهي من كبار رواة الحديث والعلماء الذين نقلوا لنا دقائق التشريع وأسبابه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد القرآن.
- الحكمة من بقاء صلاة الفجر ركعتين في الحضر والسفر، وصلاة المغرب ثلاث ركعات: أن الفجر تُصلى في وقت نوم وكلال، والمغير تُصلى في وقت انشغال الناس بأمعائهم وعشائهم، فكانت الأخبار في هاتين الصلاتين قريبة من صلاة السفر تخفيفاً على الأمة.
- القصر في السفر هو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل للمسلم أن يقصر الصلاة الرباعية في السفر اقتداءً به.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المقيمين للصلاة، المحافظين عليها، العالمين بأسرارها وأحكامها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في قصر الصلاة في السفر (٨) عن صالح بن كيسان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.
رواه البخاري في الصلاة (٣٥٠) عن عبد الله بن يوسف، ومسلم في صلاة المسافرين (٦٨٥) عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك به مثله.
ورواهما أيضًا من حديث سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: الصلاة أوّلُ ما فُرضتْ ركعتين. فأُقِرَّتْ صلاة السفر، وأُتِمَّت صلاة الحضر.
قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تُتِم؟ قال: تأولتْ ما تأوَّل عثمان. البخاري (١٠٩٠).
ورواه ابن خزيمة (٩٤٤)، وابن حبان (٢٧٣٨) كلاهما من طريق محبوب بن الحسن، عن داود ابن أبي هند، عن الشعبيّ، عن مسروق، عن عائشة وزادا فيه: «وتركت صلاة الفجر لطول القراءة، وصلاة المغرب لأنها وتر النهار».
وإسناده حسن لأجل محبوب بن الحسن وهو: محمد بن الحسن بن هلال ابن أبي زينب، أبو جعفر أو أبو الحسن، لقبه: محبوب، مختلف فيه غير أنه حسن الحديث. أخرج له البخاري مقرونًا.
ومعنى قول عروة: تأوَّلَتْ ما تأول عثمان: قال الجمهور: معنى تأويلهما أنَّهما رأيا القَصْرَ جائزًا لا واجبًا، وقيل غير ذلك. قاله النووي في «الخلاصة» (٢/ ٧٢٥).
وأما ما رُويَ عن عثمانَ مرفوعًا: «من تأهَّل في بلد فليصلِّ صلاة المقيم» فهو حديث ضعيف.
رواه الإمام أحمد (٤٤٣) عن أبي سعيد، يعني مولى بني هاشم، حدثنا عكرمة بن إبراهيم الباهلي، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب، عن أبيه، أن عثمان بن عفان صلَّى بِمِنىَ أربع ركعاتٍ، فأنكره الناس عليه، فقال: يا أيُّها الناس! إنِّي تأهَّلت بمكة منذ قَدِمتُ، وإنِّي سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: فذكر الحديث.
فيه عكرمة بن إبراهيم الباهلي نقل الحافظ في «التعجيل» عن الحسيني أنه قال: «ليس بالمشهور».
وقال أبو زرعة: «لا أعرف حاله» ولكن تعقبه الحافظ بأنه: «مشهور وحاله معروفه» ظنًّا منه أنه عكرمة بن إبراهيم الأزدي، ثم نقل كلام أهل العلم في تضعيف الأزدي، وقال: ينظر فيمن نسبه باهِلِيًّا.
قال الأعظمي: وفي كلا الحالين سواء كان باهِلِيًّا أو أزديًّا فالإسناد ضعيف.
وفي الإسناد أيضًا عبد الرحمن بن أبي ذُباب لم يوثقه غير ابن حبان فهو في مرتبة «مقبول» عند الحافظ.
ومن تأويلات عثمان ما بيَّنه هو نفسه: إنما يقصر الصلاة من حمل الزاد والمزاد، وحل وارتحل. ذكره الطحاوي في «شرحه» (١/ ٤٢٦) وذكره فيه تأويلات أخرى أيضًا. انظر للمزيد «أحكام السفر والإقامة» (٤٩) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. وخلاصته ما قاله النووي بأنَّ عثمان كان يرى القصر جائزًا لا واجبًا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1074 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر

📜 حديث: فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية