حديث: إنكم لن تطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء أنَّ الإمام يتَّكئ في خطبته

عن شُعيب بن رُزَيق الطائفيّ، قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله ﷺ، يقال له: الحكم بن حَزْنٍ الكُلَفيّ، فأنشأ يحدثنا قال: وفدتُ إلى رسول الله ﷺ سابع سبعةٍ، أو تاسع تسعةٍ فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله! زُرناك فادع الله
لنا بخير، فأمر بنا، أو أمر لنا بشيء من التمر، والشأنُ إذ ذاك دُون، فأقمنا بها أيامًا شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله ﷺ فقام متوكِّئًا على عصًا، أو قوسٍ، فحمد الله، وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثمّ قال: «أيُّها الناس! إنَّكم لن تُطيقوا، أو لن تفعلوا كلَّ ما أُمِرتُم به، ولكن سَدِّدُوا وأبشروا».

حسن: رواه أبو داود (١٠٩٦) عن سعيد بن منصور، ثنا شهاب بن خراش، حَدَّثَنِي شعيب بن رُزَيق الطائفي فذكره.

عن شُعيب بن رُزَيق الطائفيّ، قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله ﷺ، يقال له: الحكم بن حَزْنٍ الكُلَفيّ، فأنشأ يحدثنا قال: وفدتُ إلى رسول الله ﷺ سابع سبعةٍ، أو تاسع تسعةٍ فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله! زُرناك فادع الله
لنا بخير، فأمر بنا، أو أمر لنا بشيء من التمر، والشأنُ إذ ذاك دُون، فأقمنا بها أيامًا شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله ﷺ فقام متوكِّئًا على عصًا، أو قوسٍ، فحمد الله، وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثمّ قال: «أيُّها الناس! إنَّكم لن تُطيقوا، أو لن تفعلوا كلَّ ما أُمِرتُم به، ولكن سَدِّدُوا وأبشروا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم فيه موعظة جامعة من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وها هو الشرح المفصل له:

أولاً. شرح المفردات:


● وفدتُ: أي قصدتُ وقَدِمْتُ مع الوفد.
● سابع سبعة، أو تاسع تسعة: أي كان في وفد مكون من سبعة أو تسعة أشخاص، وكان هو السابع أو التاسع منهم.
● الشأن إذ ذاك دون: أي الحال في ذلك الوقت كان صعباً، وكانت البلاد في قلة من العيش والمال.
● متوكئاً على عصاً أو قوس: يستند على عصا أو على قوس (وهو من سلاح ذلك الزمن).
● كلمات خفيفات طيبات مباركات: كلمات قليلة في اللفظ، لكنها عظيمة في المعنى، مليئة بالخير والبركة.
● لن تُطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أُمِرْتُم به: لن تستطيعوا القيام بجميع ما كلفكم الله به من الطاعات على وجه الكمال.
● سَدِّدُوا: اطلبوا السداد، أي التوسط والاستقامة في الأمور، وإصابة الحق دون غلو أو تقصير.
● أبشروا: تهللوا وافرحوا بوعد الله وثوابه.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل الحكم بن حَزْنٍ الكُلَفي رضي الله عنه، أنه قدم في وفد من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة. وكانت الأيام التي قضاها الوفد أياماً قليلة الموارد، كما يذكر بقوله "الشأن إذ ذاك دون"، مما يدل على تواضع العيش وقلة الدنيا في ذلك الوقت.
وشهد الوفد مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجمعة، فخطبهم النبي صلى الله عليه وسلم خطبة قصيرة لكنها مليئة بالحكمة والموعظة. لم يكن يعتمد على كثرتها بل على عظم معانيها، فبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم وجههم بهذه الكلمات النبوية التي تخفف عنهم مشقة التكليف وتشرح صدورهم للخير.
فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم لن تُطيقوا كل ما أُمِرْتُم به» إشارة إلى أن البشر لا يستطيعون القيام بجميع الفرائض والنوافل على وجه الكمال الذي لا نقص فيه، وذلك بسبب طبيعة النفس البشرية وما جبلت عليه من الضعف والنسيان والتقصير.
ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يتركهم لهذا الضعف، بل وجههم إلى العلاج العملي والمنهج الواقعي بقوله: «ولكن سَدِّدُوا وأبشروا».
● «سَدِّدُوا»: أي الزموا الاستقامة والتوسط، واطلبوا من الله التوفيق لإصابة الحق في الأقوال والأعمال. والسداد يعني القصد والاعتدال بلا إفراط ولا تفريط، وهو من أعلى درجات الدين.
● «أبشروا»: أي ابشروا برحمة الله وفضله ومغفرته، فالله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهو الغفور الرحيم الذي يتجاوز عن التقصير ويضاعف الأجر على القليل من العمل.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التيسير ورفع الحرج: من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير على العباد ورفع الحرج عنهم، وهذا الحديث من أوضح الأدلة على ذلك. فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين لأمته أن الكمال المطلق غير مطلوب منهم، بل المطلوب هو السعي والاجتهاد within الطاقة البشرية.
2- الاستقامة والاعتدال: الأمر بالسداد هو أمر بالوسطية والاعتدال في الدين، وهو منهج الإسلام القويم. فخير الأمور أوسطها، والغلو والتقصير كلاهما مذموم.
3- البشارة والتفاؤل: الدين الإسلامي مليء بالبشارات والأمل. فالمسلم مطالب بأن يبشر برحمة الله ويقينه، ولا يقنط من روح الله أبداً.
4- قبول الأعمال الناقصة: إذا صدق العبد وأخلص، وقام بما يستطيع، فإن الله تعالى يتقبل منه عمله ويكمل له نقصه بفضله ورحمته.
5- أهمية الخطبة الوجيزة: في هذا الحديث دليل على أن البلاغة والإفادة لا تكون بطول الكلام، بل بدقة المعنى وحسن expression.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح بشواهده.
- مفهوم "السداد" يتفرع إلى أمور كثيرة: السداد في العبادة، والسداد في المعاملة، والسداد في النفقات، وغيرها.
- يستحب للدعاة والخطباء أن يقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في اختصار الخطبة وعدم إطالتها مع استيفاء المعاني.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المستقيمين على دينه، المتوسطين في عبادتهم، المبشرين برحمته وفضله.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٠٩٦) عن سعيد بن منصور، ثنا شهاب بن خراش، حَدَّثَنِي شعيب بن رُزَيق الطائفي فذكره.
قال أبو عليّ: سمعتُ أبا داود قال: ثَبَّتني في شيء منه بعض أصحابنا.
وإسناده حسن لأجل شهاب بن خراش وشيخه شُعيب بن رُزيق فهما في مرتبة «صدوق».
والحديث أخرجه الإمام أحمد (١٧٨٥٦)، وابن خزيمة (١٤٥٢)، والبيهقي (٣/ ٢٠٦) كلّهم من طرق عن شهاب بن خراش به نحوه.
قال الحافظ في «التلخيص»: «إسناده حسن، فيه شهاب بن خراش، وقد اختلف فيه، والأكثر وثَّقوه، وقد صحَّحه ابن السكن وابن خزيمة». انتهى.
ويشهد له مرسل عطاء. قال ابن جريج: قلت لعطاء: أكان رسول الله ﷺ يقوم إذا خطب على عصا، قال: نعم، وكان يعتمد عليها اعتمادًا، رواه البيهقي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 47 من أصل 58 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إنكم لن تطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به

  • 📜 حديث: إنكم لن تطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إنكم لن تطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إنكم لن تطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إنكم لن تطيقوا، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب