ابن عمر للحجاج: أنت أصبتني، حملت السلاح في يوم لا يحمل فيه

حديث: ابن عمر للحجاج: أنت أصبتني، حملت السلاح في يوم لا يحمل فيه

عن سعيد بن جبير قال: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أَخمصِ قدمه، فلزقتْ قدمه بالرِّكاب، فنزلتُ فنزعتُها -وذلك بمنى-، فبلغ الحجاجَ فجعلَ
يعودُه، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك؟ فقال ابن عمر: أنت أصبتني. قال: كيف؟ قال: حملت السِّلاحَ في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاحَ الحرمَ، ولم يكن السلاحُ يُدخل الحرمَ.

صحيح: رواه البخاري في العيدين (٩٦٦) عن زكريا بن يحي أبي السُّكين، قال: حدثنا المحاربي، قال: حدثنا محمد بن سوقة، عن سعيد بن جبير فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي ذكر هو من رواية الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم المعنى، كثير الفوائد، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله تعالى.

أولًا:

شرح المفردات:
● أَخمصِ قدمه: أخمص القدم هو الجزء المجوف من باطن القدم الذي لا يلامس الأرض عند الوقوف.
● لزقتْ قدمه بالرِّكاب: الركاب هو مكان وضع الرجل في السرج، أي علقت قدمه في الركاب بسبب الإصابة.
● بمنى: مكان قريب من مكة يكون فيه الحجاج أيام الحج.
● الحجاج: هو الحجاج بن يوسف الثقفي، والي العراق في ذلك الوقت.
● يعودُه: يزوره ويطمئن على صحته.
● حملت السِّلاحَ في يوم لم يكن يُحمل فيه: أي في أيام الحج التي يحرم فيها القتال وإراقة الدماء.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحكي سعيد بن جبير -وهو من كبار التابعين- أنه كان يصحب الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في منى أثناء موسم الحج، فأصيب ابن عمر برمح في قدمه، فعلقـت قدمه في الركاب، فنزل سعيد بن جبير ليحرر قدمه من الركاب.
فلما علم الحجاج بن يوسف -الوالي المعروف- بما حدث لابن عمر، جاء ليعوده ويزوره، وقال له: "لو نعلم من أصابك" تعبيرًا عن غضبه للحادث ورغبته في معاقبة المسؤول. فرد عليه ابن عمر مباشرة دون تردد: "أنت أصبتني"، فاستغرب الحجاج وسأله: "كيف؟"، فأجابه ابن عمر: "أنت حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم، ولم يكن السلاح يدخل الحرم".
فمعنى كلام ابن عمر أن الحجاج هو المسؤول عن هذه الإصابة لأنه هو الذي خالف السنة والشرع بحمله للسلاح وإدخاله إلى الحرم في أيام الحج، وهي أيام سلام وأمن يحرم فيها القتال وحمل السلاح، فبسبب هذا الفعل غير الشرعي حدثت الفوضى وأصيب ابن عمر.

ثالثًا. الدروس المستفادة منه:

1- تحريم القتال وحمل السلاح في الحرم وأيام الحج: وهذا من مبادئ الإسلام في تعظيم حرمة البيت الحرام وتأمين الحجاج.
2- مسؤولية الحاكم عن أفعاله وتصرفاته: فالحجاج كوالي مسؤول عن الفوضى التي حدثت بسبب أمره بحمل السلاح.
3- الشجاعة في قول الحق: ابن عمر لم يخف من الحجاج مع سلطته وقوته، بل وبخه مباشرة على خطئه.
4- الأخذ بالأسباب الشرعية: فابن عمر بين أن مخالفة الشرع (كحمل السلاح في الحرم) تؤدي إلى المفاسد والاضطرابات.
5- عزة الصحابة وعدم خوفهم من اللومة: فابن عمر لم يسكت عن الحق خوفًا من الحجاج.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدل على جرأة الصحابة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى مع الحكام.
- الحجاج كان معروفًا بشدته وقسوته، ومع ذلك واجهه ابن عمر بالحق.
- الحديث يظهر أهمية التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في منع القتال وحمل السلاح في الحرم.
- فيه إثبات لمبدأ المسؤولية الجماعية، فالحاكم يتحمل تبعات قراراته الخاطئة.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في العيدين (٩٦٦) عن زكريا بن يحي أبي السُّكين، قال: حدثنا المحاربي، قال: حدثنا محمد بن سوقة، عن سعيد بن جبير فذكره.
ورواه أيضًا (٩٦٧) عن أحمد بن يعقوب، قال: حدثني إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه قال: دخل الحجاج على ابن عمر، وأنا عنده فقال: كيف هو؟ فقال: صالح. فقال: من أصابك؟ قال: أصابني من أمر بحملٍ السلاح في يومٍ لا يحل فيه حملُه. يعني: الحجاجُ.
قوله: «أخمص قدمه» بإسكان الخاء وفتح الميم - باطن القدم وما رق من أسفلها. وقيل: هو خصر باطنها الذي لا يُصيب الأرض عند المشي.
وأما ما جاء من ذكر السودان أنَّهم كانوا يلعبون بالدَّرق والحِراب يوم عيد فالظاهر أنَّ ذلك كان بعد رجوعه ﷺ من المصلَّي؛ لأنَّه كان يخرج أوَّلَ النهار فيصلِّي، ثم يرجع، ولذا كَرِه أهل العلم حمل السلاح يوم عيد إلا أن يخاف العدو.
و«الحراب» بكسر الحاء - جمع حربة، «والدرق» جمع درقة وهي الترس.
وأما ما رُوي عن ابن عباس، أنَّ النبي ﷺ نهى أن يُلْبس السِّلاحُ في بلاد الإسلام في العيدين إلَّا أن يكون بحضرة العدو. فهو ضعيف. رواه ابن ماجه (١٣١٤) عن عبد القدوس بن محمد، قال: حدثنا نائل بن نَجِيح قال: حدثنا إسماعيل بن زياد، عن ابن جُريج، عن عطاء، عن ابن عباس فذكره.
ونائل بن نجيح وهو: أبو سهل البصري، أو البغدادي، وشيخه إسماعيل بن زياد الكوفي، قاضي الموصل ضعيفان بل كذَّبوا إسماعيل بن زياد وتركوه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 58 من أصل 58 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابن عمر للحجاج: أنت أصبتني، حملت السلاح في يوم لا يحمل فيه

📜 حديث: ابن عمر للحجاج: أنت أصبتني، حملت السلاح في يوم لا يحمل فيه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ابن عمر للحجاج: أنت أصبتني، حملت السلاح في يوم لا يحمل فيه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ابن عمر للحجاج: أنت أصبتني، حملت السلاح في يوم لا يحمل فيه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ابن عمر للحجاج: أنت أصبتني، حملت السلاح في يوم لا يحمل فيه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية