حديث: عثمان بن مظعون جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن المبالغة في التزكية للميت

عن خَارِجَة بْن زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنَّ أُمَّ الْعَلاءِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهمْ قَدْ بَايَعَت النَّبِيَّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُ سَهْمُهُ فِي السُّكْنَى حِينَ أَقْرَعَت الْأَنْصَارُ سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أُمُّ الْعَلاءِ: فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَاشْتَكَى، فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ وَجَعَلْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللهُ. فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللهَ أَكْرَمَهُ؟» فَقُلْتُ: لا أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّيِ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءهُ وَاللهِ! الْيَقِينُ وَإِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللهِ! مَا أدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللهِ مَا يُفْعَلُ بِهِ» قَالَتْ: فَوَاللهِ! لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا، وَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ. قَالَتْ: فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «ذَاك عَمَلُهُ».
وفي رواية: «أما هو فقد جاءه اليقين، والله! إني لأرجو له الخير، والله! ما أدري، وأنا رسول الله، ما يُفعل بي»، قالت: فوالله! لا أزكِّي أحدًا بعده أبدًا».

صحيح: رواه البخاري في الشهادات (٢٦٨٧) حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني خارجة بن زيد الأنصاري، فذكره.

عن خَارِجَة بْن زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنَّ أُمَّ الْعَلاءِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهمْ قَدْ بَايَعَت النَّبِيَّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُ سَهْمُهُ فِي السُّكْنَى حِينَ أَقْرَعَت الْأَنْصَارُ سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أُمُّ الْعَلاءِ: فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَاشْتَكَى، فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ وَجَعَلْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللهُ. فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللهَ أَكْرَمَهُ؟» فَقُلْتُ: لا أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّيِ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءهُ وَاللهِ! الْيَقِينُ وَإِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللهِ! مَا أدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللهِ مَا يُفْعَلُ بِهِ» قَالَتْ: فَوَاللهِ! لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا، وَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ. قَالَتْ: فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «ذَاك عَمَلُهُ».
وفي رواية: «أما هو فقد جاءه اليقين، والله! إني لأرجو له الخير، والله! ما أدري، وأنا رسول الله، ما يُفعل بي»، قالت: فوالله! لا أزكِّي أحدًا بعده أبدًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه:

أولاً. شرح المفردات:


● طار له سهمه: أي ناله وقُسِم له بالسكنى.
● أقرعت الأنصار سكنى المهاجرين: أي أجرت القرعة بينهم لتوزيع المساكن.
● ابا السائب: كنية عثمان بن مظعون رضي الله عنه.
● اليقين: هنا يعني الموت.
● أزكي: أمدح وأشهد بالجنة لأحد.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة وفاة الصحابي الجليل عثمان بن مظعون رضي الله عنه، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، وكان قد هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة. وعندما آخى النبي ﷺ بين المهاجرين والأنصار، وقعت القرعة بأن يسكن عثمان عند أم العلاء الأنصارية، فمرض وتوفي في بيتها.
عندما دخل النبي ﷺ بعد وفاة عثمان، قالت أم العلاء دعاءها له بـ "رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ" وشهدت له بأن الله أكرمه (أي أدخله الجنة)، فأنكر عليها النبي ﷺ ذلك الاستباق في الشهادة بالجنة لأحد دون علم، وسألها: "وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللهَ أَكْرَمَهُ؟" أي كيف تعلمين ذلك وأنت لا تملكين علم الغيب؟
ثم بين النبي ﷺ أن عثمان قد مات (جاءه اليقين) وهو يرجو له الخير، لكنه مع ذلك لا يجزم بمصيره النهائي لأنه لا يعلم الغيب حتى وهو رسول الله، بل قال: "وَأَنَا رَسُولُ اللهِ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي" تأكيدًا على أن علم الغيب لله وحده.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عدم الجزم بالجنة أو النار لأحد إلا من شهد له النبي ﷺ أو جاء النص الصحيح بذلك، لأن هذا من علم الغيب الذي استأثر الله به.
2- التواضع النبوي العظيم: حيث نفى النبي ﷺ عن نفسه علم الغيب حتى في مصيره الشخصي تأدبًا مع الله تعالى.
3- الرجاء والخوف: ينبغي للمسلم أن يرجو الرحمة للمؤمن ويخاف عليه من سوء الحساب، فلا يغلب جانب الرجاء أو الخوف.
4- الاعتبار بموت الصالحين: وفاة عثمان بن مظعون - وهو من خيرة الصحابة - تذكرنا بحقيقة الموت وأنه لا ينجو منه أحد.
5- حسن الظن بالله مع العمل الصالح: رؤيا أم العلاء التي رأت لعثمان عينًا تجري (نهرًا في الجنة) وتحقيق النبي ﷺ لذلك بقوله "ذَاكَ عَمَلُهُ" تدل على أن الأعمال الصالحة هي سبب الفوز بالجنة.

رابعًا. فوائد إضافية:


- الحديث يدل على كمال أدب الصحابة مع النبي ﷺ حيث قبلت أم العلاء قوله دون جدال.
● فضل عثمان بن مظعون رضي الله عنه الذي كان من الزاهدين العابدين.
● جواز الإخبار بالرؤى الصالحة إذا كانت صادقة وتُحدَّث بها للاستبشار لا للافتخار.
نسأل الله أن يتوفانا على الإيمان، وأن يرزقنا حسن الخاتمة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الشهادات (٢٦٨٧) حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني خارجة بن زيد الأنصاري، فذكره.
رواه البخاري أيضا في الجنائز (١٢٤٣) من حديث عقيل، عن ابن شهاب به وفيه: «والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يُفعل بي».
وإنما قال رسول الله ﷺ ذلك موافقة لقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾ [الأحقاف: ٩] وكان ذلك قبل نزول وله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢]؛ لأن الأحقاف مكية وسورة الفتح مدنية بلا خلاف فيها. وقد ثبت أن النبي ﷺ قال: «أنا أول من يدخل الجنة«، وغير ذلك من الأحاديث الصريحة في معناه. الفتح (٣/ ١١٥ - ١١٦).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 236 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عثمان بن مظعون جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير

  • 📜 حديث: عثمان بن مظعون جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عثمان بن مظعون جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عثمان بن مظعون جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عثمان بن مظعون جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب