أشعرنها إياه

حديث: أشعرنها إياه

عن أم عطية قالت: دخل علينا النبي ﷺ ونحن نغسل ابنته، فلما فرغنا ألقي إلينا حِقْوه، فقال: «أشعرنها إياه».

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٦١)، ومسلم في الجنائز (٩٢٩: ٣٦) كلاهما من حديث أيوب، عن ابن سيرين، عن أم عطية فذكرته في كيفية غسل النبي ﷺ.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أم عطية قالت: دخل علينا النبي ﷺ ونحن نغسل ابنته، فلما فرغنا ألقي إلينا حِقْوه، فقال: «أشعرنها إياه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، ورواه الإمام مسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم، عن الصحابية الجليلة أم عطية نسيبة بنت الحارث الأنصارية رضي الله عنها وأرضاها.

أولاً. شرح المفردات:

● دخل علينا النبي ﷺ: أي زارنا وتكرّم بدخوله علينا.
● ونحن نغسل ابنته: أي كنا نقوم بتغسيل ابنته صلى الله عليه وسلم، وهي السيدة زينب رضي الله عنها.
● فلما فرغنا: أي عندما انتهينا من عملية التغسيل.
● ألقي إلينا حِقْوه: (الحِقْو) -بكسر الحاء- هو الإزار أو الثوب الذي يُلبس على النصف الأسفل من الجسم. وقيل هو خاص بإزار المرأة.
● «أشعرنها إياه»: (أشعرن) من الإشعار، وهو جعل الشيء ملاصقًا للجلد أو للجسم مباشرة. والمعنى: البسنها إياه بحيث يلامس جسدها مباشرة.

ثانياً. شرح الحديث:

يصف هذا الحديث الموقف النبوي الكريم عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على النساء اللاتي كن يغسلن ابنته الراحلة زينب رضي الله عنها. وبعد أن انتهين من تغسيلها، ألقى إليهن إزاره (حِقْوه) الكريم، وأمرهن أن يلبسنها إياه بحيث يلامس جسدها مباشرة.
وهذا الفعل النبوي يحمل معاني عظيمة:
1- بيان سنية التبرك بآثار الصالحين: فقد أمر النبي ﷺ أن يلامس ثوبه جسد ابنته، وهذا من باب التبرك بآثار الصالحين، وهي من خصائصه ﷺ. وهو توجيه لأمته إلى محبته وتوقيره، والتأسي به في كل خير.
2- التواضع النبوي وحسن العشرة: يدل على تواضعه ﷺ وعظيم شفقته، حيث شارك في تشييع جنازة ابنته بطريقة عملية، بتقديم ثوبه لتكون في كفنها، مما يسلي القلب ويخفف المصاب.
3- الإرشاد إلى حسن التحنيط والتكفين: فيه إرشاد إلى الاهتمام بحسن تكفين الميت، والتشريف بما يمكن تشريفه به.
4- جواز التبرك بآثار النبي ﷺ: وهذا كان من فعل الصحابة رضوان الله عليهم، حيث كانوا يتبركون بشعره وعرقه وثيابه ﷺ، تأسياً بهذا الحديث وغيره.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- تقدير مكانة الصالحين وآثارهم: فالتبرك بآثار النبي ﷺ من محبته وتعظيمه، وهو من دلائل الإيمان.
2- الرحمة والمواساة في أوقات المصائب: النبي ﷺ بفعله هذا قدوة في المواساة والتخفيف عن أهل المصاب.
3- مشروعية التبرك بما مس جسد الصالح أو ثوبه: مع التنبيه على أن التبرك الممنوع هو ما كان بمعنى العبادة أو الاعتقاد بأن الشيء يضر وينفع بذاته، أما التبرك بآثار الصالحين على معنى طلب البركة بفضل الله تعالى، فهو جائز كما في هذا الحديث.
4- بيان اهتمام الشريعة بتكريم الميت: والحرص على ما ينفعه ويشرف كفنه.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث التي استدل بها العلماء على جواز التبرك بآثار النبي ﷺ، كالشعر والثوب وغير ذلك.
- وفيه أيضاً بيان كيفية تعامل النبي ﷺ مع أهل بيته، وتقديره للمرأة، حتى بعد وفاتها.
- وهو من الأدلة على أن البركة قد تكون في أشياء مادية بسبب اتصالها بالصالحين، بإذن الله تعالى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجنائز (١٢٦١)، ومسلم في الجنائز (٩٢٩: ٣٦) كلاهما من حديث أيوب، عن ابن سيرين، عن أم عطية فذكرته في كيفية غسل النبي ﷺ.
وقال الحافظ في «الفتح» (٣/ ١٣٣): «ورواه الجوزقي من طريق إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن هشام، عن حفصة، عن أم عطية قالت: فكفنّاها في خمسة أثوابٍ، وخمّرناها كما يخمّر الحيُّ، وقال هذه الزيادة صحيحة الإسناد».
وأما ما رُوي عن ليلى بنت قائف الثقفيّة قالت: كنت فيمن غسَّل أم كلثوم بنت رسول الله ﷺ عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسولُ الله ﷺ الحِقا، ثم الدرع، ثم الخمار، ثم الملحفة ثم أُدرجتْ بعد في الثوب الآخر. قالت: ورسول الله ﷺ جالس عند الباب معه كفنها يُناولنا ثوبًا ثوبًا. فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٣١٥٧) عن أحمد بن حنبل، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن
إسحاق، حدثني نوح بن حكيم الثقفي، وكان قارئًا للقرآن، عن رَجُل من بني عروة بن مسعود، يقال له داود، قد ولدتْه أم حبيبة بنت أبي سفيان، زوج النبي ﷺ أن ليلي بنت قائف قالت: فذكرته.
والصحيح أن هذه قصة في زينب بنت رسول الله ﷺ كما قال أهل العلم.
وفي إسناده: نوح بن حكيم الثقفي مجهول.
وفيه أيضا: رجل من بني عروة بن مسعود يقال له: داود، ووُصف بأنه ولدتْه أم حبيبة بنت أبي سفيان، وقد أطال الزيلعي في «نصب الراية» (٢/ ٢٥٨) في الرد على هذا الزعم، والخلاصة أنه لا يُعرف من هو؟ .
ومن أجله وأجل الراوي عنه وهو نوح الثقفي ضُعِّفَ هذا الحديث.
ونظرا لضعف هذا الحديث ذهبَ بعضُ أهل العلم إلى أنه لا فرق بين كفن المرأة وكفن الرجل، فيُكفنُ كلٌّ منهما في ثلاثة أثواب.
وذهب الأئمة الأربعة وأصحابهم إلى أن الأفضل للمرأة أن تكفن في خمسة أثواب لحديث ليلى بنت قائف، وأعضدوه بقول بعض التابعين مثل الحسن البصري وغيره كما أن الزيادة التي ذكرها الجوزقي في حديث أم عطية تساندهم، بل وقد قال المالكية: الأفضل للمرأة أن تكفن في سبعة أثواب بزيادة لفافتين.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 254 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أشعرنها إياه

📜 حديث: أشعرنها إياه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أشعرنها إياه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أشعرنها إياه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أشعرنها إياه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية