حديث: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ليس في الحلي زكاة

عن زينب امرأة عبد الله قالت: قال رسول الله ﷺ: «تصدّقن يا معشر النّساء، ولو من حُليّكنّ».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (١٤٦٦)، ومسلم في الزّكاة (١٠٠٠) كلاهما من حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن الحارث، عن زينب امرأة عبد الله، فذكرته في حديث طويل، وهو مذكور في موضعه.

عن زينب امرأة عبد الله قالت: قال رسول الله ﷺ: «تصدّقن يا معشر النّساء، ولو من حُليّكنّ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف:

الحديث:


عن زينب امرأة عبد الله (والمقصود بها زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما)، قالت: قال رسول الله ﷺ: «تصدّقن يا معشر النّساء، ولو من حُليّكنّ».

1. شرح المفردات:


● تصدّقن: الأمر بالصدقة، والمراد بها إخراج المال تقربًا إلى الله تعالى.
● يا معشر النّساء: النداء موجّه إلى جماعة النساء، مما يدل على عناية النبي ﷺ بتوجيههنّ وتعليمهنّ.
● حُليّكنّ: الحلي هو ما تتزين به المرأة من الذهب والفضة وغيرهما من الحلي المباحة.

2. شرح الحديث:


هذا الحديث توجيه نبوي كريم إلى النساء يحثهنّ على الصدقة، وهي من أعظم القربات إلى الله تعالى. وقد خاطبهنّ النبي ﷺ بقوله "يا معشر النساء" ليشمل جميع النساء، سواء كنّ غنيات أو فقيرات، لأن الصدقة ليست مقصورة على الأغنياء فقط، بل حتى الفقيرة يمكنها أن تتصدق بشيء ولو قليل.
وقوله ﷺ: "ولو من حُليّكنّ" توجيهٌ عظيم، حيث بيّن أن الصدقة يمكن أن تكون حتى من الحلي الذي تتزين به المرأة، وهو غالبًا ما يكون غاليًا وعزيزًا عليها. وهذا يدل على أن الصدقة ينبغي أن تكون من الشيء المحبوب إلى النفس، كما قال تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92]. فالحلي غالبًا ما تحبه المرأة وتحرص عليه، فإذا تصدقت به كان ذلك دليلاً على إيمانها وقوة يقينها.

3. الدروس المستفادة منه:


● الحث على الصدقة: الصدقة من الأعمال الصالحة التي يحبها الله تعالى، وهي سبب لتطهير النفس وزيادة الرزق ودفع البلاء.
● الصدقة ليست مقصورة على الأغنياء: حتى الفقير يمكنه أن يتصدق، ولو بشيء قليل، لأن الله تعالى ينظر إلى النية والإخلاص لا إلى مقدار الصدقة.
● التضحية بما تحبه النفس: الصدقة من الأشياء المحبوبة إلى النفس تكون أعظم أجرًا عند الله تعالى.
● عناية النبي ﷺ بالنساء: هذا الحديث يدل على اهتمام النبي ﷺ بتعليم النساء وتوجيههنّ إلى الخير، مما يردّ على من يدعي أن الإسلام يهمش دور المرأة.
● الصدقة تزيد البركة: الصدقة لا تنقص المال، بل تزيده بركةً ونماءً، كما قال النبي ﷺ: «ما نقصت صدقة من مال» (رواه مسلم).

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
- الصدقة من الحلي يمكن أن تكون بإخراج جزء منه، أو بيعه والتصدق بثمنه، أو التصدق بالحلي نفسه إذا كان من النوع الذي يمكن الانتفاع به.
- ينبغي للمرأة أن تتذكر أن زينتها الحقيقية هي تقوى الله تعالى، كما قال تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26]. فالصدقة من الحلي تدل على تقديم الزينة الأخروية على الزينة الدنيوية.
- الصدقة من الحلي قد تكون سببًا في حماية المرأة من الشرور والمخاطر، لأن الصدقة تدفع البلاء.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتصدقين والمتصدقات، وأن يتقبل منا صالح الأعمال، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الزكاة (١٤٦٦)، ومسلم في الزّكاة (١٠٠٠) كلاهما من حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن الحارث، عن زينب امرأة عبد الله، فذكرته في حديث طويل، وهو مذكور في موضعه.
قال ابن العربي في شرحه على الترمذيّ (٣/ ١٣٠ - ١٣١): «ظاهره أنه لا زكاة في الحلي، لقوله للنساء: «تصدّقن ولو من حليّكنّ«ولو كانت الصّدقة فيه واجبة لما ضرب المثل به في صدقة التّطوّع».
قال الترمذيّ بعد إخراج الحديث: «اختلف أهل العلم في ذلك، فرأى بعضُ أهل العلم من أصحاب النبيّ ﷺ والتابعين في الحلي زكاة ما كان منه ذهب وفضة، وبه يقول سفيان الثوريّ، وعبد الله بن المبارك. وقال بعض أصحاب النبيّ ﷺ منهم: ابن عمر، وعائشة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك: ليس في الحلي زكاة. هكذا رُوي عن بعض فقهاء التابعين، وبه يقول مالك بن أنس، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق». انتهى.
قال الأعظمي: أثر ابن عمر، رواه مالك في الموطأ في كتاب الزكاة (١١) عن نافع، عنه، أنه كان يحلي بناته وجواريه الذّهب، ثم لا يخرج من حُليهنّ الزّكاة.
وأثر عائشة أخرجه أيضًا مالك (١٠) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهنّ الحليّ، فلا تخرج من حليهن الزّكاة.
قال مالك بعد إخراج الأثرين: «فأمّا التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحَه ولبسه، فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه زكاة. وقال: ليس في اللّؤلؤ، ولا في المسك، ولا في العنبر زكاة». انتهى.
وأثر جابر بن عبد الله أخرجه الشّافعيّ وعنه البيهقيّ (٤/ ١٣٨) عن عمرو بن دينار، قال: سمعت رجلًا يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي أفيه الزّكاة؟ فقال جابر: «لا، فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال: كثير».
وقال علي بن سُليم: سألت أنس بن مالك عن الحلي فقال: ليس فيه زكاة.
وعن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلي بناتها الذهب، ولا تزكّيه نحوا من خمسين ألفا. أخرجها البيهقي في «السنن الكبرى» (٤/ ١٣٨).
قال القاضي أبو الوليد الباجي في شرح الموطأ: «وهذا مذهب ظاهر بين الصّحابة، وأعلم الناس به عائشة ﵂، فإنّها زوج النبيّ ﷺ، ومنْ لا يخفى عليها أمره في ذلك. وكذلك عبد الله بن عمر، فإنّ أخته حفصة كانت زوج النبيّ ﷺ، وأمر حليها لا يخفى عن النبيّ ﷺ، ولا يخفى عليها حكمه فيه». «المنتقي» (٢/ ١٠٧).
وفي معناه ما رُوي عن جابر بن عبد الله مرفوعًا: «ليس في الحلي زكاة» وإسناده ضعيف.
قال البيهقيّ في «المعرفة» (٦/ ١٤٤): «وما رُوي عن عافية بن أيوب، عن اللّيث، عن أبي الزّبير، عن جابر مرفوعًا: «ليس في الحلي زكاة«فباطل لا أصل له، إنّما يُروى عن جابر من قوله. وعافية بن أيوب مجهول، فمن احتجّ به مرفوعًا كان مغرّرًا بدينه داخلًا فيما نُعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذّابين».
قال الأعظمي: وليس الأمر كما قال البيهقيّ؛ فإنّ عافية بن أيوب ليس بمجهول، وقد سُئل أبو زرعة عن عافية ابن أيوب فقال: «أبو عبيدة عافية بن أيوب هو مصريّ ليس به بأس». «الجرح والتعديل» (٧/ ٤٤).
ولكن الحديث ضعيف ليس من أجله، بل من أجل الرّاوي عنه وهو إبراهيم بن أيوب الجوزجانيّ، قال الحافظ في «اللسان»: «ذكره أبو العرب في: الضعفاء«ونقل عن أبي الطّاهر أحمد بن محمد بن عثمان المقدسيّ: أنه قال: إبراهيم بن أيوب حورانيّ ضعيف، وكان أبو الطاهر من أهل النّقد والمعرفة بالحديث بمصر».
وللحديث علّة أخرى وهي الوقف وقد أشار إليه ابن عبد الهادي في «التنقيح» (٣/ ٦٧) وصوّبه.
وبناءً على هذه الأحاديث والآثار ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا زكاة في الحلي، وشبّهوها بمتاع البيت؛ لأن الزكاة تجب في الأموال النامية مثل الزراعة والتجارة والمواشي، وأما الحلي فهي مثل الملابس والأحذية والأواني وبقية متاع البيت.
وللشافعي قولان: قال بغداد: -في رواية الحسن بن محمد الزعفراني عنه- «لا زكاة في الحلي إذا استمتع به أهله في عمل مباح».
والقول الثاني: قال: «هذا ما أستخير الله تعالى فيه»، وترك الجواب فيه.
ولم يختلف قول مالك وأصحابه في أنه لا زكاة في الحلي للنساء يلبسنه.
وبه قال من التابعين ومن بعدهم سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعامر الشعبي، ويحيى بن سعيد، وربيعة، وأكثر أهل المدينة.
قال أبو عبيد: «الحلي الذي يكون ربقة ومتاعا فهو كالأثاث، وليس كالرقة التي ورد في السنة يؤخذ ربع العشر فيها». انظر للمزيد: «الاستذكار» (٩/ ٦٩ - ٧٠).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 73 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن

  • 📜 حديث: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب