أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟

حديث: أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟

عن أبي حميد السّاعديّ قال: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَجُلًا مِنَ الْأَسْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ -قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ أَبِي عُمَرَ: عَلَى الصَّدَقَةِ- فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي. قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: «مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي! أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا؟ ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ! هَلْ بَلَّغْتُ». مَرَّتَيْنِ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأيمان والنّذور (٣٦٦)، ومسلم في الإمارة (١٨٣٢) كلاهما من حديث الزّهريّ، عن عروة، عن أبي حميد السّاعديّ، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح الحديث الشريف شرحًا وافيًا بحسب الطلب:

الحديث:

عن أبي حميد الساعدي قال: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَجُلًا مِنَ الْأَسْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ -قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ أَبِي عُمَرَ: عَلَى الصَّدَقَةِ- فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي. قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: «مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي! أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا؟ ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ! هَلْ بَلَّغْتُ». مَرَّتَيْنِ.

1. شرح المفردات:

● اسْتَعْمَلَ: ولاه وعينه في عمل.
● ابن اللتبية: هو رجل من قبيلة الأسد، واسمه كعب بن عمرو، و"اللتبية" هي أمه، فاشتهر بها.
● على الصدقة: أي جعله عاملاً على جمع زكاة المسلمين.
● أُهْدِيَ لِي: أي قدم له هدية بسبب منصبه.
● رُغَاءٌ: صوت الإبل.
● خُوَارٌ: صوت البقر.
● تَيْعِرُ: صوت الغنم.
● عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ: بياض إبطيه، والعفرة هي البياض.

2. شرح الحديث:

قام رسول الله ﷺ بتعيين رجل من قبيلة الأسد يسمى ابن اللتبية ليجمع زكاة المسلمين. بعد أن انتهى من مهمته وعاد، قدم الأموال وقال: هذا المال لكم (أي للبيت العام للمسلمين)، وهذا هدية أهديت لي. فغضب النبي ﷺ من هذا التصرف، وخطب في الناس على المنبر، وحمد الله وأثنى عليه، ثم أنكر على العامل تصرفه، قائلاً: كيف يعمل موظفًا عندي فيأتي ويقول: هذا لكم وهذا أهدي لي؟! ثم بين أن الهدية في مثل هذه الحالة ليست هدية حقيقية، بل هي رشوة مقنعة، لأنها أهديت له بسبب منصبه، ولو لم يكن عاملاً لما أهديت له. ثم أقسم بالنفس الطاهرة للنبي ﷺ أن أي شخص يأخذ شيئًا من أموال المسلمين بغير حق، فإنه سيحاسبه الله يوم القيامة، وسيحمل ما أخذه على عنقه، ويكون الحيوان الذي أخذه يصرخ ويشهد عليه. ثم رفع يديه إلى السماء حتى رأى الصحابة بياض إبطيه، ودعا الله قائلاً: "اللهم هل بلغت" مرتين، أي سأل الله أن يشهد أنه قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة.

3. الدروس المستفادة منه:

● تحريم الغلول والخيانة في الأمانة: الحديث يظهر تحريم أخذ أي شيء من أموال المسلمين أو公共 المال بدون حق.
● الهدايا للعُمَّال رشوة: إذا قبل الموظف العام هدية بسبب منصبه، فإنها تعتبر رشوة محرمة، وليست هدية مباحة.
● المسؤولية الكبيرة للموظف العام: العامل في خدمة المسلمين يجب أن يكون أمينًا، وأن يتجنب أي شبهة أو مصلحة شخصية من منصبه.
● التنبيه على خطورة أموال المسلمين: أموال الزكاة والصدقات وأموال بيت المال يجب أن تصرف في مصارفها الشرعية، ولا يجوز التلاعب بها.
● التخويف من عقاب الآخرة: الحديث يذكر عقوبة أخذ أموال المسلمين بغير حق، حيث سيحملها الإنسان يوم القيامة على عنقه، وتكون شاهدة عليه.
● بلاغ الرسول ﷺ: النبي ﷺ كان حريصًا على تبليغ الرسالة، وبيان الأحكام، والدعاء بأن الله يشهد على بلاغه.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالأمانة والمسؤولية.
- الفقهاء استدلوا به على تحريم الهدايا للعُمَّال، لأنها في الحقيقة رشوة.
- الحديث يظهر شدة غضب النبي ﷺ عندما يتعلق الأمر بأموال المسلمين وحقوقهم.
- ينبغي للمسلمين، وخاصة العاملين في الوظائف العامة، أن يتقوا الله في أموال الناس، وأن يجتنبوا أي شكل من أشكال الاختلاس أو الرشوة.
أسأل الله أن يجعلنا من الأمناء على أموال المسلمين، وأن يحفظ

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأيمان والنّذور (٣٦٦)، ومسلم في الإمارة (١٨٣٢) كلاهما من حديث الزّهريّ، عن عروة، عن أبي حميد السّاعديّ، فذكره. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ نحوه.
قال أبو حميد: وقد سمع ذلك معي زيد بن ثابت من النبيّ ﷺ فسلوه.
وابن اللّتبية هو عبد الله بن اللّتبية بن ثعلبة الأزدي.
ورُويت هذه القصّة عن عائشة ﵂ أيضًا قالت: «إنّ رسول الله ﷺ بعث رجلًا مصدّقًا يقال لَهُ: ابن اللتبية، فصدق ثُمَّ رجع إلى النبيّ ﷺ فقال: يَا رسول الله! مَا تركتُ لكم حقًا ولقد أهدي إلي فقبلت الهديّة، فجلس رسول الله ﷺ على المنبر فقال: «إنّي أبعث رجالًا عَلَى الصّدقة فيأتي أحدهم فيقول: والله! مَا تعديتُ ولا تركت لكم حقًا، ولقد أُهدي إليّ فقبلت الهدية! ألا جلس فِي حقش أمِّه فينظر من هَذَا يهدي لَهُ؟ ! إيّاكم وأن يأتي أحدكم على عاتقه ببعير لَهُ رغاء، أو بقرة لَهَا خوار، أو شاة تيعر». ثُمَّ رفع يديه حَتَّى نُظر إلى بياض إبطيه.
رواه البزار -«كشف الأستار» (٨٩٩) - عن معمر بن سهل، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن نصر، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبية، عن داود بن الحصين، عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
قال البزّار: «روي هذا هشام والزّهريّ عن عروة، عن أبي حميد، وروي يزيد بن رومان، عن عروة، عن أبي حميد، ولكن هكذا قال ابن أبي حبيبة، ولا نعلمه عن عائشة إلا من هذا الوجه».
وقال الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٨٥): «وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وهو ضعيف».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإنّ إبراهيم بن إسماعيل هذا قال فيه ابن حبان: «كان يقلِّب الأسانيد ويرفع المراسيل»، ولعلّ هذا منه، وضعفه جمهور أهل العلم إلّا أنّ أحمد كان حسن الرّأي فيه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 97 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟

📜 حديث: أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية