أدّ زكاة الذهب فليس بكنز

حديث: أدّ زكاة الذهب فليس بكنز

عن أمّ سلمة: كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ: «مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّي زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ».

حسن: رواه أبو داود (١٥٦٤) عن محمد بن عيسي، حدّثنا عتّاب -يعني ابن بشير-، عن ثابت بن عجلان، عن عطاء، عن أمّ سلمة، فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث عظيم يتعلق بباب الزكاة، وهو من الأحاديث التي تُزيل الإشكال وتوضح المقصود بـ "الكنز" الذي ذُكر في القرآن الكريم وتوعد الله عليه.
الحديث: عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ: «مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّي زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ».
[رواه أبو داود في سننه، وهو حسن]

أولاً. شرح المفردات:

● أَوْضَاحًا: جمع وَضَح، وهو ما تتزين به المرأة من حليٍّ من الذهب والفضة، كالخواتم والأساور والقلائد.
● كَنْزٌ: هو المال الذي لا تؤدى زكاته، فيُحبس ويُمنع حق الله فيه. وهو الذي توعد الله عليه في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].
● مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّي زَكَاتُهُ: أي ما بلغ المال النصاب (وهو الحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة) وحال عليه الحول (مرت عليه سنة قمرية).
● فَزُكِّيَ: أي فأديت زكاته وحق الله تعالى فيه.

ثانيًا. شرح الحديث:

تخبرنا أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس حلياً من ذهب للزينة، كما هو شأن النساء. فدخل عليها شكٌ وحرصٌ على تطهير مالها وبراءته من وعيد "الكنز" الذي ذكر في القرآن. فسألت النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة: يا رسول الله، أيعتبر هذا الحلي الذي ألبسه كنزاً يدخلني في الوعيد؟
فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم جواباً شافياً يزيل اللبس ويضع ضابطاً واضحاً يميز بين الكنز المحرم والمال المباح. فقال: «مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّي زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ».
● المعنى الإجمالي: أي أن الذهب أو الفضة أو النقود لا تُسمى "كنزاً" محرماً إلا إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول، ثم منع صاحبها إخراج زكاتها. فأما إذا أدى صاحبها زكاتها عندما وجبت عليه، فإنها لا تعد كنزاً ولا يدخل في الوعيد، حتى لو كان المال كثيراً.
● التفصيل في مسألة حلي الذهب والفضة: هذا الحديث أصل في مذهب الإمامين مالك والشافعي رحمهما الله، وهو أن حلي المرأة المعد للزينة المعتاد لا زكاة فيه، لأنه ليس بمعد للكنز والنماء، بل للاستعمال واللبس. وسؤال أم سلمة يدل على أن الأصل عندها عدم وجوب الزكاة فيه، وإنما سألت خوفاً من أن يصدق عليه اسم الكنز مجازاً. وهذا قول جمهور العلماء.
وهناك مذهب آخر (وهو مذهب الإمام أبي حنيفة وأحمد في رواية) أن في حلي الذهب والفضة الزكاة إذا بلغ النصاب. واستدلوا بعموم أدلة وجوب الزكاة في الذهب والفضة.
والراجح - والله أعلم - هو قول الجمهور أن حلي المرأة للزينة المعتاد لا زكاة فيه، لورود أحاديث خاصة فيه، منها هذا الحديث، حيث لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج الزكاة، بل بين أن الكنز هو ما منعت زكاته. وهذا هو الذي عليه الفتوى في كثير من البلدان.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- حرص الصحابة على السؤال والتثبت: حرص السلف الصالح على سؤال العلماء عن كل ما أشكل عليهم، خوفاً من الوقوع في المحذور أو ترك الواجب. فالسؤال نصف العلم.
2- التيسير ورفع الحرج في الشريعة: الشريعة الإسلامية سمحة، لا تأتي بالتشديد والعسر، فمباح للمرأة أن تتحلى بالذهب والفضة للزينة دون حرج، ما دامت تتقي الله في مصدره وطريقة لبسه.
3- ضابط التخلي من الإثم: بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن سبب الإثم هو منع الحق الواجب (الزكاة)، وليس مجرد وجود المال أو كثرته. فلو كان عند الإنسان أموال طائلة لكنه يؤدي زكاتها ويصرفها في وجوهها المشروعة، فهو مأجور غير آثم.
4- التحذير من كنز الأموال ومنع الزكاة: الحديث反面ياً contains تحذيراً شديداً لمن يمنع زكاة ماله ويكنزه، وأنه داخل في الوعيد الوارد في القرآن الكريم.
5- جواز زينة المرأة للذهب: الحديث دليل على جواز تحلي المرأة بالذهب، وهو من الأمور المعروفة في الشريعة والتي جاءت النصوص بإباحتها.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:

● نصاب ذهب: النصاب الذي تجب فيه الزكاة في الذهب هو (85 جراماً) من الذهب الخالص (عيار 24).
● حولان الحول: يشترط لوجوب الزكاة أن يمر على امتلاك النصاب سنة قمرية

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٥٦٤) عن محمد بن عيسي، حدّثنا عتّاب -يعني ابن بشير-، عن ثابت بن عجلان، عن عطاء، عن أمّ سلمة، فذكرته.
وإسناده حسن من أجل الكلام في عتّاب بن بشير غير أنه حسن الحديث وهو من رجال البخاريّ.
ورواه الحاكم (١/ ٣٩٠) من طريق محمد بن المهاجر، عن ثابت، وقال: صحيح على شرط البخاريّ.
وفي الباب عن أسماء بنت يزيد قالت: دخلتُ أنا وخالتي على النبيّ ﷺ، وعليها أسورة من ذهب، فقال لنا: «أتعطيان زكاته؟». قالت: فقلنا: لا. قال: «أما تخافان أن يسوِّركُما اللهُ أسورةً من نار؟ أدِّيا زكاته».
رواه الإمام أحمد (٢٧٦١٤)، والطبرانيّ في «الكبير» (٢٤/ (٤٣١) كلاهما من طريق علي بن عاصم، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، فذكرته.
وإسناده ضعيف؛ لأنّ فيه علي بن عاصم الواسطيّ وشيخه عبد الله بن خثيم، وشيخه شهرب بن حوشب كلّهم ضعفاء.
هذا الحديث عزاه الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٦٧) لأحمد وقال: «إسناده حسن». وفاته العزو للطبرانيّ، وقوله: «إسناده حسن» فليس بحسن.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن فاطمة بنت قيس أنّ النبيّ ﷺ قال: «في الحلي زكاة». رواه الدّارقطنيّ (١٩٥٤) عن أبي حمزة ميمون، عن الشعبيّ، عن فاطمة بنت قيس وقال: أبو حمزة هذا ميمون، ضعيف الحديث.
وروى ابن أبي شيبة (٣/ ٢٧) عن وكيع، عن مساور الورّاق، عن شعيب بن يسار، قال: كتب عمر بن الخطّاب إلى أبي موسى الأشعريّ: «أنْ مُرْ مَنْ قبلك من نساء المسلمين أن يُزكين حُليهن».
وأخرجه البيهقي (٤/ ١٣٩) من وجه آخر عن مساور الورّاق، وقال: قال البخاريّ: «مرسل».
وكذا قاله أيضًا الزّيلعيّ في «نصب الراية» (٢/ ٤٧٤) وعزا قول البخاريّ في تاريخه.
وأثر آخر أخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: «في الحلي زكاة».
وأثر آخر أخرجه الدارقطني (١٩٥٧) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه أنه كان يكتب إلى خازنه سالم: أن يخرج زكاة حلي بناته كلّ سنة، ورواه ابن أبي شيبة عن وكيع، عن جرير بن حازم، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن عمرو أنه كان يأمر نساءه أن يُزكّين حُليّهن.
وقد حكى ابن المنذر عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله ابن عباس الزّكاة في الحليّ.
قال الخطّابي في «معالم السنن شرح أبي داود»: «الظاهر من الكتاب يشهد لقول من أوجبها، والأثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب إلى النظر، ومعه طرف من الأثر، والاحتياط أداؤها».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 76 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أدّ زكاة الذهب فليس بكنز

📜 حديث: أدّ زكاة الذهب فليس بكنز

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أدّ زكاة الذهب فليس بكنز

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أدّ زكاة الذهب فليس بكنز

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أدّ زكاة الذهب فليس بكنز

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية