حديث: اعلموا أن الله غني عن صدقاتكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما لا يجوز من الثمرة في الصّدقة

عن البراء بن عازب في قوله سبحانه: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ كَانَتِ الْأَنْصَارُ تُخْرِجُ إِذَا كَانَ جِدَادُ النَّخْلِ مِنْ حِيطَانِهَا أَقْنَاءَ الْبُسْرِ، فَيُعَلِّقُونَهُ عَلَى حَبْلٍ بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَيَأْكُلُ مِنْهُ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ فَيَعْمِدُ أَحَدُهُمْ فَيُدْخِلُ قِنْوًا فِيهِ الْحَشَفُ يَظُنُّ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي كَثْرَةِ مَا يُوضَعُ مِنَ الْأَقْنَاءِ، فَنَزَلَ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ يَقُولُ: لَا تَعْمِدُوا لِلْحَشَفِ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ يَقُولُ: لَوْ أُهْدِيَ لَكُمْ مَا قَبِلْتُمُوهُ إِلَّا عَلَى اسْتِحْيَاءٍ مِنْ صَاحِبِهِ، غَيْظًا أَنَّهُ بَعَثَ إِلَيْكُمْ مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ فِيهِ حَاجَةٌ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ صَدَقَاتِكُمْ».

حسن: رواه ابن ماجه (١٨٢٢) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، قال: حدّثنا
عمرو بن محمد العنقريّ، قال: حدّثنا أسباط بن نصر، عن السُّديّ، عن عدي بن ثابت، عن البراء ابن عازب، فذكره.

عن البراء بن عازب في قوله سبحانه: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ كَانَتِ الْأَنْصَارُ تُخْرِجُ إِذَا كَانَ جِدَادُ النَّخْلِ مِنْ حِيطَانِهَا أَقْنَاءَ الْبُسْرِ، فَيُعَلِّقُونَهُ عَلَى حَبْلٍ بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَيَأْكُلُ مِنْهُ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ فَيَعْمِدُ أَحَدُهُمْ فَيُدْخِلُ قِنْوًا فِيهِ الْحَشَفُ يَظُنُّ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي كَثْرَةِ مَا يُوضَعُ مِنَ الْأَقْنَاءِ، فَنَزَلَ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ يَقُولُ: لَا تَعْمِدُوا لِلْحَشَفِ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ يَقُولُ: لَوْ أُهْدِيَ لَكُمْ مَا قَبِلْتُمُوهُ إِلَّا عَلَى اسْتِحْيَاءٍ مِنْ صَاحِبِهِ، غَيْظًا أَنَّهُ بَعَثَ إِلَيْكُمْ مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ فِيهِ حَاجَةٌ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ صَدَقَاتِكُمْ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النافع الذي رواه الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه، متناولًا جوانبه المختلفة:

1. شرح المفردات:


● جِدَادُ النَّخْلِ: وقت جني الثمار وحصادها.
● حِيطَانِهَا: بساتينها وحدائق النخيل الخاصة بهم.
● أَقْنَاءَ الْبُسْرِ: عذوق التمر وهو ما زال بسرًا، أي لم ينضج بعد تمامًا (أصفر وصلب).
● أُسْطُوَانَتَيْنِ: عمودين في المسجد.
● الْحَشَفُ: التمر الرديء، السيء، التالف الذي لا يُؤكل.
● تَيَمَّمُوا: تقصدوا وتعمدوا طلب الشيء.
● الْخَبِيثَ: الرديء والسيء.
● تُغْمِضُوا فِيهِ: تتساهلوا فيه وتقبلوه مع كراهية وخجل.

2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي البراء بن عازب عن سبب نزول قوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267].
كانت قبيلة الأنصار -وهم أهل المدينة المنورة- معروفون بكرمهم الشديد تجاه إخوانهم المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم في مكة. ففي موسم حصاد التمر، كانوا يجنون عذوق التمر (الأقناء) من بساتينهم ويعلقونها على حبل بين عمودين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتصدقوا بها على فقراء المهاجرين، فيأكلون منها.
لكن بعضهم -ربما بدافع التوفير أو ظنًا أن الكمية الكبيرة ستغطي على رداءة بعضها- كان يتعمد إدخال عذق (قِنو) فيه تمر رديء (حشف) ويضعه مع الصدقة، معتقدًا أن ذلك جائز ولا بأس به بسبب كمية التمر الجيد الكبيرة.
فنزلت هذه الآية الكريمة توبيخًا وتوجيهًا لهذا الفعل، مفيدة:
- النهي عن قصد وإرادة التصدق بالرديء والخبيث من المال {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}.
- بيان أن المتصدق نفسه لو أُهدي إليه مثل هذا الخبيث لما قبله إلا على استحياء ومشقة {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}. أي أنك لا ترضى لنفسك ما تتصدق به على غيرك.
- التأكيد على أن الله تعالى غني عن صدقات العباد، فلا ينبغي أن يُتصدق له بما لا يُقبل، فالصدقة هي لنفع النفس وتزكيتها، والله غني عنها.

3. الدروس المستفادة منه:


● وجوب إخلاص النية في الصدقة: فالصدقة قربة إلى الله، فيجب أن تكون خالصة لوجهه، لا للرياء أو لحفظ المال الرديء.
● إتقان العمل وإحسانه: من أعظم شروط قبول العمل إتقانه وإحسانه، والصدقة من أعظم الأعمال.
● التخير في الصدقة: يستحب للمتصدق أن يختار من ماله ما هو أجود وأطيب، لا ما هو أردأ وأخبث. قال تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92].
● مراعاة شعور الفقير: يجب أن تكون الصدقة بما يليق بحال الفقير ويحفظ كرامته، لا بما يهينه أو يسبب له الإحراج.
● التعامل مع الآخرين بما تحب أن يعاملوك به: وهو جوهر القاعدة النبوية "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
● أن الله غني عن العالمين: فالله لا يحتاج إلى صدقاتنا، ولكننا نحن المحتاجون إلى ثوابه ومغفرته، فالصدقة لمصلحتنا نحن.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني.
- الآية التي نزلت هي من سورة البقرة، وهي تأمر المؤمنين بالإنفاق من الطيبات، وتذم الذين ينفقون الرديء.
- القصة توضح حرص الصحابة على الخير والصدقة، ولكنهم بشر قد يخطئون، فجاء القرآن مصححًا وموجهًا.
- يستفاد منه أيضًا ذمُّ الاحتيال في العبادات، ومحاولة التوفير فيها على حساب الجودة والإخلاص.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن ينفقون من طيب ما كسبوا، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (١٨٢٢) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، قال: حدّثنا
عمرو بن محمد العنقريّ، قال: حدّثنا أسباط بن نصر، عن السُّديّ، عن عدي بن ثابت، عن البراء ابن عازب، فذكره.
ورواه الترمذي (٢٩٨٧) من وجه آخر

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 94 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اعلموا أن الله غني عن صدقاتكم

  • 📜 حديث: اعلموا أن الله غني عن صدقاتكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اعلموا أن الله غني عن صدقاتكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اعلموا أن الله غني عن صدقاتكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اعلموا أن الله غني عن صدقاتكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب