حديث: السائبة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب زكاة الرّكاز

عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «السائبة -وقال خلف بن الوليد: السائمة - جبار، والجبُّ جبار، والمعدن جبار، وفي الرّكاز الخمس».
قال: قال الشعبي: الركاز: الكنز العادي.

حسن: رواه الإمام أحمد (١٤٨١٠، ١٤٥٩٢) من طريقين عن عباد بن عباد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر فذكره.

عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «السائبة -وقال خلف بن الوليد: السائمة - جبار، والجبُّ جبار، والمعدن جبار، وفي الرّكاز الخمس».
قال: قال الشعبي: الركاز: الكنز العادي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع، الذي يبين أحكامًا مهمة في المعاملات المالية والأمور الاقتصادية في الإسلام، معتمدًا على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. نص الحديث ورواته
● الراوي: الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
● الراوي للاختلاف: خلف بن الوليد (وهو ثقة من رواة الحديث).
● الشارح للفظ "الرّكاز": الإمام الشعبي (وهو تابعي جليل، فقيه ومحدث).

### ثانيًا. شرح المفردات
1- السائبة/السائمة: (في رواية خلف بن الوليد) هي البهيمة التي كانت تُترك في الجاهلية لا يُركب ظهرها ولا يُحلب لبنها تكرمةً للأصنام. فجاء الإسلام وأبطل هذا العمل الجاهلي، وأخبر النبي ﷺ أن ما فُعل منها فهو جبار، أي: هدر لا ضمان على فاعله، ولا إثم عليه لأنه كان يعتقد صحته في الجاهلية.
*ملاحظة:* رواية "السائمة" (بالميم) قد تكون تصحيفًا من بعض الرواة، والأشهر "السائبة" (بالباء)، والله أعلم.
2- الجَبُّ: هو البئر القديمة المهجورة التي حفرها الناس في الجاهلية ثم تركوها، فإذا حفرها أحد في الإسلام فوجدها، فهي له، ولا ضمان على من حفرها في الجاهلية. وهي جبار، أي: هدر لا غرم فيه.
3- المعدن: هو مكان استخراج المعادن من باطن الأرض (كذهب، فضة، نحاس، إلخ). فمن حفر في أرض مملوكة أو غير مملوكة ووجد معدنًا، فهو له، ولا ضمان على أحد. وهو جبار، أي: لا زكاة فيه عند الاستخراج، ولكن تجب زكاته إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول.
4- جبار: كلمة مفتاحية في الحديث، معناها: هدر، أو ساقط، أو لا ضمان فيه، أو لا غرم على فاعله. أي أن هذه الأمور لا يطالب بها فاعلوها في الجاهلية، ولا يضمنونها.
5- الرّكاز: هو الكنز المدفون في الأرض من عهد الجاهلية.
6- الخمس: هو مقدار الزكاة أو الحق الواجب إخراجه من الركاز، وهو خُمس قيمته (20%).
7- الكَنز العَادِيّ: كما فسره الشعبي، يعني الكنز الذي يعود إلى العادة، أي إلى أهل الجاهلية السابقين، وليس كنزًا دفنه مسلم حديثًا.

### ثالثًا. شرح الحديث
يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث أحكام أربعة أمور كانت معروفة في الجاهلية، ويقرر الحكم الشرعي فيها في الإسلام:
1- السائبة، والجَبُّ، والمعدن: هذه ثلاثة أشياء إذا وجدها المسلم أو فعلها أحد في الجاهلية ثم أسلم، فهي جبار، أي أن الإسلام جبّ ما قبلها، فلا يطالب بثمنها ولا إثم عليه لفعلها في الجاهلية، لأنها وقعت في زمن الجهل بالشرع. أما من وجدها في الإسلام، فهي ملك له بشرط أن تكون في أرض مباحة لا مالك لها.
2- حكم الركاز (الكنز): يقرر النبي ﷺ أن في الركاز خمسًا واجبًا. أي أن من وجد كنزًا من دفن الجاهلية، يجب عليه أن يخرج خُمس قيمته (20%) ويصرفه في مصارف الزكاة (الفقراء، المساكين، إلخ)، والأربعة أخماس الباقية تكون ملكًا له. وهذا الحكم خاص بالكنز القديم، أما إذا وجد شخص كنزًا حديثًا يعرف صاحبه، يجب عليه ردّه إليه.

### رابعًا. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- الرحمة والتيسير: من حكمة الإسلام أنه جبّ ما حدث في الجاهلية من أخطاء في المعاملات، تخفيفًا على الناس وتيسيرًا لدخولهم في الإسلام بلا تبعات مالية ثقيلة.
2- تشجيع الإعمار والاستثمار: حكم المعدن والجَبُّ (حفر الآبار) يشجع على تعمير الأرض واستخراج خيراتها، بجعلها ملكًا لمن يعمرها ويبذل الجهد في استخراجها.
3- العدالة الاجتماعية: إيجاب الخمس في الركاز يحقق عدالة اجتماعية، حيث يشارك المجتمع في فوائد الكنوز المدفونة التي لا تعود ملكيتها لأحد، فتُصرف في مصالح المسلمين العامة.
4- الفروق بين الركاز والمعادن: الحديث يفرق بين حكم المعدن (لا زكاة عند الاستخراج) والركاز (فيه الخمس فورًا). فالمعدن يحتاج إلى عمل وجهد لاستخراجه، أما الركاز فهو كنز جاهز.
5- الاهتمام ببيان الأحكام: حرص النبي ﷺ على بيان الأحكام العملية التي تهم الناس في معاشهم ومعاملاتهم.

### خامسًا. معلومات إضافية مفيدة
* مصرف الخمس من الركاز: يرى جمهور العلماء أن الخمس يُصرف في مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في سورة التوبة (آية 60)، وهو قول الأئمة مالك والشافعي وأحمد.
* الفرق بين الركاز واللقطة: الركاز هو كنز قديم لا يعرف مالكه أصلاً، أما اللقطة فهي مال حديث ضاع من شخص معاصر يمكن التعرف عليه.
* هذا الحديث أصل من أصول أبواب إحياء الموات والمعادن والكنوز في
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٤٨١٠، ١٤٥٩٢) من طريقين عن عباد بن عباد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر فذكره.
ومجالد هو ابن سعيد بن عمير الهمداني مختلف فيه، وكان البخاري حسن الرأي فيه فقال: «صدوق».
وروى عنه حماد بن زيد كما عند البزار «كشف الأستار» (٨٩٤)، وروايته عنه مستقيمة.
وذكره الهيثميّ في «المجمع» وقال: (٣/ ٧٨): «رواه أحمد والبزار والطبراني في: الأوسط«، ورجاله موثقون».
وفي الباب ما روي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: أُتي رسول الله ﷺ بقطعة من ذهب، كانت أوّل صدقة جاءته من معدن، فقال: «ما هذه؟». فقالوا: صدقة من معدن لنا. فقال: «إنّها ستكون معادن، وسيكون فيها شرّ الخلق».
رواه الطّبرانيّ في «الأوسط» (٣٥٥٦)، و«الصغير» (١/ ١٥٣) عن حاتم بن حُميد أبي عدي البغداديّ، حدّثنا يوسف بن موسي القطّان، قال: حدّثنا عاصم بن يوسف اليربوعيّ، قال: حدّثنا سُعير الخمس، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، فذكره.
قال الطبرانيّ: «لم يرو هذا الحديث عن سُعير إلّا عاصم بن يوسف».
وأخرجه الخطيب في «تاريخه» (٨/ ٢٤٨ - ٢٤٩) في ترجمة حاتم بن حميد، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. فهو في عداد المجهولين، وأما الهيثمي فقال في «المجمع» (٣/ ٧٨): «رجاله رجال الصحيح» وليس كما قال.
وأمّا ما رُوي عن أنس بن مالك أنه قال: «خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى خيبر، فدخل صاحب لنا إلى خِرْبةٍ يقضي حاجتَه، فتناول لبنة ليستطيب بها، فانهارتْ عليه تبرًا، فأخذها فأتي بها النبيَّ ﷺ فأخبره بذلك فقال: «زنْها«فوزنها فإذا مئتا درهم، فقال النبيُّ ﷺ: «هذا ركاز وفيه الخمس».
فهو ضعيف.
رواه الإمام أحمد (١٢٢٩٨)، والبزّار - «كشف الأستار» (٨٩٣)، والبيهقي (٤/ ١٥٥) كلّهم من طريق أبي عامر، حدّثنا زهير، حدّثني عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، أنّ أنسًا أخبره، فذكره.
قال البزار: «لا نعلمه عن أنس إلا من هذا الوجه، ولا روي زيد عن أنس إلا هذا».
قال الأعظمي: وإسناده ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فقد ضعّفه جمهور أهل العلم. قال ابن حبان: «كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم».
وبه علّله أيضًا البيهقيّ.
وكذلك لا بصح ما رُوي عن عبادة بن الصامت قال: إنّ من قضاء رسول الله ﷺ: «أنّ المعدن جبار، والبئر جبار، والعجماء جرحها جبار».
والعجماء: البهيمة من الأنعام وغيرها.
والجبار: هو الهدر الذي لا يُغرم.
«وقضى في الرّكاز الخمس».
رواه عبد الله في مسند أبيه (٢٢٧٧٨) عن أبي كامل الجحدريّ، حدّثنا الفضيل بن سليمان، حدّثنا موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصّامت، عن عبادة في أقضية النبيّ ﷺ ومنها هذا.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا ابن ماجه (٢٢١٣)، والحاكم (٤/ ٣٤٠) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».
وهذا وهمٌ منه، فإن إسحاق بن يحيى لم يخرّج له الشيخان وإنما أخرج له ابن ماجه ثم هو «مجهول الحال»، ولم يسمع من عبادة بن الصامت؛ ولذا قال الدّارقطنيّ وغيره: «هذا حديث مرسل، إسحاق بن يحيى لم يسمع من عبادة بن الصّامت».
وفي الباب عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا قَالَتْ: ذَهَبَ الْمِقْدَادُ لِحَاجَتِهِ بِـ (بَقِيعِ الْخَبْخَبَةِ)، فَإِذَا جُرَذٌ يُخْرِجُ مِنْ جُحْرٍ دِينَارًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُخْرِجُ دِينَارًا دِينَارًا، حَتَّى أَخْرَجَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا، ثُمَّ أَخْرَجَ خِرْقَةً حَمْرَاءَ -يَعْنِي فِيهَا دِينَارٌ- فَكَانَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، وَقَالَ لَهُ: خُذْ صَدَقَتَهَا. فَقَالَ لَهُ ﷺ: «هَلْ هَوَيْتَ إِلَى الْجُحْرِ». قَالَ: لَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا».
رواه أبو داود (٣٠٨٧) وابن ماجه (٢٥٠٨) من طريقين عن موسى بن يعقوب الزمعي، حدثتني عمتي قريبة بنت عبد الله، أن أمها كريمة بنت المقداد بن عمرو أخبرتها عن ضباعة بنت الزبير فذكرته.
وفي إسناده قريبة بنت عبد الله، تفرد عنها ابن أخيها موسي بن يعقوب، وذكرها الذهبي في
المجهولات من النساء، وقال ابن حجر في «التقريب»: «مقبولة» أي عند المتابعة ولم أجد لها متابعا.
وأما موسي بن يعقوب الزمعي فهو حسن الحديث إذا لم يخالف ولم يأت بما ينكر عليه.
وقوله: «هل أهويت إلى الجحر» أي هل أخذت من الجحر فيكون فيه الخمس؛ لأنه في معنى الركاز.
وفي الباب أحاديث أخرى لا تصح أيضًا. انظر «مجمع الزوائد».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 72 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: السائبة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس

  • 📜 حديث: السائبة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: السائبة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: السائبة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: السائبة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب