نهي النبي عن الجعرور ولون الحبيق في الصدقة

حديث: نهي النبي عن الجعرور ولون الحبيق في الصدقة

عن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، قال: نهى رسول الله ﷺ عن الجعرور، ولون الحُبيق أن يؤخذ في الصّدقة.
قال الزهريّ: لونين من تمر المدينة.
قال أبو داود: وأسنده أيضًا أبو الوليد، عن سليمان بن كثير، عن الزّهريّ.

حسن: رواه أبو داود (١٦٠٧) عن محمد بن يحيى بن فارس، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا عبّاد، عن سفيان بن حسين، عن الزّهريّ، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام أبو داود في سننه، وإليك شرحه وافيًا على النحو التالي:

1. شرح المفردات:

* نهى: أي حرّم أو منع منعًا شديدًا يدل على كراهة الفعل أو تحريمه.
* الجعرور: هو نوع رديء من التمر، صغير الحجم، رقيق اللحم، قليل المنفعة. وقيل هو التمر الذي يسقط من النخلة قبل أن ينضج.
* الحُبيق (بضم الحاء وفتح الباء): هو نوع آخر رديء من التمر، وهو الذي لم ينضج جيدًا، ويكون لونه بين الخضرة والصفرة، وهو حامض الطعم.
* أن يؤخذ في الصدقة: المقصود بالصدقة هنا الزكاة الواجبة، أي لا يجوز لإنسان أن يخرج من زكاة ماله من هذين النوعين الرديئين من التمر.

2. شرح الحديث:

يدل هذا الحديث النبوي الشريف على تحريم إخراج الرديء من المال في الزكاة الواجبة.
* المعنى الإجمالي: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج المزكي في زكاة تمره النوعين الرديئين (الجعرور والحبيق)، وأوجب أن يخرج من التمر الجيد المتوسط الذي يكون من أوسط ماله وأجوده، لا من أسوأه.
* العلة والمنطق: الزكاة حق لله تعالى، وهي كذلك حق للفقراء والمساكين. وإخراج الرديء من المال إساءة في أداء حق الله، وظلم للفقراء الذين يستحقون أن يأخذوا من المال الطيب الذي ينفعهم، وليس من البضاعة الرديئة التي لا فائدة منها أو فائدتها قليلة. وهو أيضًا شكل من أشكال الشح والبخل، حيث يريد المزكي التخلص من أسوأ ما عنده بدفع الواجب عليه.
* تفسير الزهري: جاء في رواية الحديث تفسير الإمام الزهري (وهو من كبار أئمة التابعين وعلماء الحديث) بأن الجعرور والحبيق هما "لونين من تمر المدينة"، أي نوعان معروفان من التمر الرديء الموجود في المدينة المنورة في ذلك الوقت. وهذا يوضح أن النهي كان عن أنواع محددة ومعروفة برداءتها.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- إخلاص النية لله تعالى: يجب أن يكون أداء العبادة، ومنها الزكاة، خالصًا لوجه الله، ويُؤدى على أكمل وجه، لا على وجه المكر والتحايل للتهرب من الواجب.
2- مراعاة حق الفقير: الإسلام دين العدل والرحمة. الفقير له كرامة ويستحق أن يأخذ من المال الطيب النافع، وليس من الفضلات والسلع الرديئة. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267].
3- تحريم الغش في العبادات والمعاملات: النهي عن إخراج الرديء في الزكاة هو صورة من صور النهي عن الغش، الذي يحرمه الإسلام في كل شيء.
4- الزكاة تطهير للمال والنفس: جزء من حكمة الزكاة أنها تطهر نفس الغني من الشح والبخل، وإخراج الرديء يناقض هذه الحكمة.
5- الأخذ بالأوسط: القاعدة المستفادة من الحديث وغيره أن الإنسان يخرج في زكاة ماله من أوسط ما عنده، لا من أجوده (وهو أفضل إن فعله) ولا من أردئه (وهو محرم).

4. معلومات إضافية مفيدة:

* الحكم الفقهي: ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن إخراج الرديء في الزكاة حرام، وأن الزكاة لا تجزئ به، ويجب إخراجها مرة أخرى من الصنف المتوسط. بينما يرى المالكية أن الزكاة تجزئ مع الإثم.
* التطبيق المعاصر: يمكن تطبيق هذا الحكم على كل أنواع الأموال الزكوية في عصرنا. فلا يجوز مثلاً:
* إخراج أسوأ العملات المعدنية في زكاة النقود.
* إخراج الحبوب أو الفواكه التالفة أو المتعفنة في زكاة الخارج من الأرض.
* إخراج الأنعام الهزيلة أو المريضة في زكاة بهيمة الأنعام.
* الفرق بين الزكاة والهدية: هذا النهي خاص بالزكاة الواجبة (وهي حق لله والفقير). أما التصدق تطوعًا بشيء رديء فلا حرج فيه إذا كان بنية صادقة، وقد يقبله الله إذا كان من قلبٍ مُخلص، لكن الأفضل والأكمل هو إخراج الطيب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٦٠٧) عن محمد بن يحيى بن فارس، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا عبّاد، عن سفيان بن حسين، عن الزّهريّ، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٣١٣) ورواه من طريق سعيد بن سليمان.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل متابعة سليمان بن كثير سفيانَ بن حسين وهو أبو محمد أو أبو الحسن الواسطيّ، وهو ثقة في غير الزهريّ.
ولعلّ أبا داود تنبّه لذلك فذكر هذه المتابعة قائلًا: «وأسنده أيضًا أبو الوليد، عن سليمان بن كثير، عن الزهريّ». ووصله ابن أبي حاتم في تفسيره (٢٨٠٢) عن أبيه، عن أبي الوليد، به.
وسليمان بن كثير هو العبديّ البصريّ لا بأس به، ولكن في غير الزهريّ كما قال الحافظ في التقريب.
فاجتماعهما في رواية هذا الحديث عن الزهريّ مشعر بأنّهما لم يخطئا فيه.
ولكن يعكّر هذا ما رواه النسائيّ (٢٤٩٤) وصحّحه ابن خزيمة (٢٣١٢) كلاهما من حديث عبد الجليل بن حميد اليحصبيّ، أنّ ابن شهاب حدّثه قال: حدّثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف في الآية التي قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٢٦٧] قال: «هو الجعرور ولون الحبيق، فنهى رسول الله ﷺ أن تؤخذ في الصدقة الرّذالة».
فلم يقل عبد الجليل بن حميد «عن أبيه»، وتابعه على ذلك محمد بن أبي حفصة. ومن طريقه رواه ابن خزيمة أيضًا (٢٣١١).
وأبو أمامة واسمه أسعد بن سهل، ولد في حياة النبيّ ﷺ وليست له صحبة، وما روي عنه فهو مرسل، وقد رُوي عن جماعة من الصحابة منهم أبوه سهل بن حنيف. فلا يستبعد أن يكون هذا الحديث سمعه من أبيه.
فيكون الطريقان محفوظين، فكان أبو أمامة أحيانًا يسنده عن أبيه، وأحيانًا يرسله. فكان الزهريّ يرويه على الوجهين. فإذا كان كذلك فلا يُعلُّ المسند بالمرسل، والله أعلم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 92 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهي النبي عن الجعرور ولون الحبيق في الصدقة

📜 حديث: نهي النبي عن الجعرور ولون الحبيق في الصدقة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهي النبي عن الجعرور ولون الحبيق في الصدقة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهي النبي عن الجعرور ولون الحبيق في الصدقة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهي النبي عن الجعرور ولون الحبيق في الصدقة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية