حديث: ما كان في طريق مأتي أو قرية عامرة فعرّفها سنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب زكاة الرّكاز

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه قال: سئل رسول الله ﷺ عن اللُّقطة فقال: «ما كان في طريق مأتي، أو في قرية عامرة فعرِّفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلّا فلك، وما لم يكن في طريق مأتي ولا في قرية عامرة ففيه، وفي الرّكاز الخمس».

حسن: رواه النسائيّ (٢٤٩٤) عن قتيبة، وأبو داود (١٧١٢) عن مسدّد، كلاهما عن أبي عوانة، عن عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، بإسناده، فذكره واللّفظ للنسائيّ.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه قال: سئل رسول الله ﷺ عن اللُّقطة فقال: «ما كان في طريق مأتي، أو في قرية عامرة فعرِّفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلّا فلك، وما لم يكن في طريق مأتي ولا في قرية عامرة ففيه، وفي الرّكاز الخمس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم، يتناول حكمًا مهمًا من أحكام المعاملات، وهو حكم اللُّقَطَة، أي المال الضائع الذي يجده الإنسان.

أولاً. شرح المفردات:


● اللُّقطة: هي كل مال ضاع من صاحبه، سواء كان نقودًا أو حيوانًا أو متاعًا، فوجده إنسان.
● طريق مأتي: الطريق المسلوك الذي يكثر مرور الناس فيه.
● قرية عامرة: المكان المسكون الذي تجتمع فيه الناس.
● عَرِّفها: أي أعلن عنها وابحث عن صاحبها واصفًا إياها للناس.
● الرِّكاز: هو كنز الجاهلية المدفون في الأرض الذي لا يعرف له مالك معين.


ثانيًا. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حكمين:
الحكم الأول: حكم اللقطة في الأماكن المأهولة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا كَانَ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ فَعَرِّفْهَا سَنَةً».
● المعنى: إذا وجدت شيئًا في مكانٍ يعمره الناس ويترددون عليه، كطريق رئيسي أو سوق أو مدينة، فهذا يدل على أن صاحبها يبحث عنه ويسأل عنه، لأنه فقدها في مكان قريب من الناس.
● الحكم: يجب على من وجدها أن يعرفها لمدة سنة كاملة، أي يعلن عنها بين الناس ويصفها دون أن يذكر علاماتها الفارقة التي لا يعرفها إلا صاحبها الحقيقي (حتى لا يدعيها أحدٌ كذبًا). يسأل في المجالس والأسواق ويخبر معارفه بأنه وجد شيئًا ضائعًا.
● بعد السنة: «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَلَكَ». فإن عرف صاحبها خلال هذه السنة وأتى بعلامة تثبت أنه ماله، وجب ردها إليه. وإن انقضت السنة ولم يأت أحد، فهي حلال لمن وجدها، يصبح ملكًا له.
الحكم الثاني: حكم اللقطة في الأماكن المهجورة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ وَلَا فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ فَفِيهِ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ».
● المعنى: إذا وجدت شيئًا في مكانٍ غير مأهول، كصحراء أو برية نائية، فهذا يدل على أن صاحبها قد يئس من العثور عليه أو نسي الأمر برمته، فهو أشبه بالمال abandoned.
● الحكم: «فَفِيهِ» أي أنه من حقك أن تأخذه مباشرة دون شرط التعريف لمدة سنة. وهذا قول جمهور العلماء.
● حكم الركاز (كنز الجاهلية): «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ». إذا وجد الإنسان كنزًا مدفونًا من زمن الجاهلية، فلا يحتاج إلى تعريف، ولكن يجب عليه أن يخرج خُمسه (20%) ويؤديه إلى بيت مال المسلمين (للمصالح العامة)، والباقي (80%) يكون له.


ثالثًا. الدروس المستفادة والفقه:


1- الحرص على حقوق الآخرين: الشرع يحرم الاستيلاء على مال الغير بغير حق. وجعل التعريف لمدة سنة تأكيدًا على هذه القيمة العظيمة، وهي الأمانة.
2- التيسير ورفع الحرج: الشرع يراعي واقع الناس. فلو وجد إنسان شيئًا في صحراء شاسعة، فإن التعريف لمدة سنة فيه مشقة كبيرة وقد لا يفيد، فشرع له أخذه مباشرة تخفيفًا عليه.
3- الفرق بين اللقطة والركاز: اللقطة هي مال حديث الضياع، وأصلها أنها أمانة يجب حفظها وردها. أما الركاز فهو مال قديم لا مالك معين له، فأوجب الشرع فيه حقًا للجماعة (الخمس) تشريفًا لهذا المال وتنمية لبيت المال.
4- حكمة التشريع: التفريق بين المكان العام والمكان النائي تفريقٌ حكيم، لأنه مبني على احتمال وجود صاحبها وطلبها. ففي المكان العام الاحتمال قوي، وفي النائي ضعيف.


رابعًا. معلومات إضافية ونصائح عملية:


- ينبغي لمن وجد لقطة أن ينوي بها الإحسان، إما بردها إلى صاحبها أو بالانتفاع بها بعد اليأس من وجوده.
- إذا كانت اللقطة من الحيوانات، فلها أحكام أخرى مفصلة في كتب الفقه؛ فمنها ما يجب عليه أن يعتني به وينفق عليه، ومنها ما يخشى هلاكه فيذبحه ويتصدق بلحمه.
- في عصرنا الحالي، يمكن التعريف عن اللقطة بوسائل أسهل وأوسع، مثل الإعلان في المساجد، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مجموعات المنطقة، أو الإبلاغ عن الشيء الثمين لدى الجهات الأمنية المختصة.
- إذا اشتبه على الإنسان أمر لقطته، فليستشر أهل العلم والفضل.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
هذا، والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائيّ (٢٤٩٤) عن قتيبة، وأبو داود (١٧١٢) عن مسدّد، كلاهما عن أبي عوانة، عن عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، بإسناده، فذكره واللّفظ للنسائيّ.
وأمّا أبو داود فذكره مختصرًا ولم يذكر منه موضع الشّاهد.
ولكن رواه عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا اللّيث، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه عبد الله بن عمرو بن العاص في سياق أطول، وفيه: «وما كان منها في طريق الميتاء أو القرية الجامعة فعرِّفها سنة، فإن جاء طالبها فادفعها إليه، وإن لم يأت فهي لك، وما كان في الخراب - يعني ففيها وفي الرّكاز الخمس».
ورواه الترمذيّ (١٢٨٨) عن هذا الوجه مختصرًا، وليس فيه ذكر الشاهد وقال: «حديث حسن».
وصحّحه الحاكم (٢/ ٦٥)، ورواه من وجه آخر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه عبد الله بن عمرو، أنّ رسول الله ﷺ قال في كنز وجده رجل: «إن كنت وجدته في قرية مسكونة، أو في سبيل ميتاء فعرِّفه، وإن كنت وجدته في خربة جاهليّة، أو في قرية غير مسكونة، أو غير سبيل ميتاء ففيه وفي الرّكاز الخمس».
وقال الحاكم: «قد أكثرت في هذا الكتاب الحجج في تصحيح روايات عمرو بن شعيب إذا كان الراوي عنه ثقة، ولا يذكر عنه أحسن من هذه الروايات، وكنتُ أطلب الحجّة الظاهرة في سماع شعيب بن محمد عن عبد الله بن عمرو، فلم أصل إليها إلى هذا الوقت». انتهى.
وهو حسن من أجل عمرو بن شعيب، وفي الإسناد فائدة مهمة وهي سماع شعيب بن محمد عن جدّه
عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو المراد إذا لم يسمه، وليس المراد به محمدًا جدّ عمرو بن شعيب.
كما أنّ حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه هذا رُوي بألفاظ مختلفة مطولة ومختصرة، ورواه عنه كثيرون فلا يبعد أن دخل حديث في حديث، وكلّه حسن.
وقوله: «مأتي» كمرمي، وهو طريق مسلوك.
وقوله: «في الركاز الخمس» الرِّكاز: هو الكنز الجاهليّ المدفون في الأرض، وإنما وجب فيه الخمس لكثرة نفعه، وسهولة أخذه. قاله السّندي في حاشية النسائيّ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 71 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما كان في طريق مأتي أو قرية عامرة فعرّفها سنة

  • 📜 حديث: ما كان في طريق مأتي أو قرية عامرة فعرّفها سنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما كان في طريق مأتي أو قرية عامرة فعرّفها سنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما كان في طريق مأتي أو قرية عامرة فعرّفها سنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما كان في طريق مأتي أو قرية عامرة فعرّفها سنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب