حديث: غزوة تبوك وخبر المرأة في حَدِيقَتِهَا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب خرص الثّمار

عن أبي حميد السّاعديّ قال: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَصْحَابِهِ: «اخْرُصُوا»، وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا» فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ: «أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلا يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ» فَعَقَلْنَاهَا، وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ، وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ، فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ القُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ: «كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ؟». قَالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى المَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي، فَلْيَتَعَجَّلْ» فَلَمَّا -قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا- أَشْرَفَ عَلَى المَدِينَةِ قَالَ: «هَذِهِ طَابَةُ» فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ: «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ؟». قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «دُورُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ دُورُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دُورُ بَنِي سَاعِدَةَ أَوْ دُورُ بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ يَعْنِي خَيْرًا».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الزكاة (١٤٨١) عن سهل بن بكّار، حدّثنا وُهيب، عن عمرو بن يحيى، عن عبّاس السّاعديّ، عن أبي حميد السّاعديّ، قال (فذكره) واللّفظ له.

عن أبي حميد السّاعديّ قال: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَصْحَابِهِ: «اخْرُصُوا»، وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا» فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ: «أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلا يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ» فَعَقَلْنَاهَا، وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ، وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ، فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ القُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ: «كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ؟». قَالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى المَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي، فَلْيَتَعَجَّلْ» فَلَمَّا -قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا- أَشْرَفَ عَلَى المَدِينَةِ قَالَ: «هَذِهِ طَابَةُ» فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ: «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ؟». قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «دُورُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ دُورُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دُورُ بَنِي سَاعِدَةَ أَوْ دُورُ بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ يَعْنِي خَيْرًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو حميد الساعدي رضي الله عنه، معتمدًا على كُتب أهل السنة والجماعة المعتمدة:

أولًا:

تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد والسير، ورواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بغزوة تبوك.

ثانيًا. شرح المفردات:


● غزوة تبوك: آخر غزوات النبي ﷺ، وكانت في السنة التاسعة للهجرة.
● وادي القرى: منطقة بين المدينة وتبوك.
● حديقة: بستان من النخيل.
● اخرصوا: الخَرص هو تقدير ثمار النخيل وهي على الشجر.
● أوسق: جمع وَسْق، وهو مكيال يساوي ستين صاعًا.
● أحصي: احسبي وعدي.
● تهب: تثير الريح وتقوي.
● يعقله: يربط البعير ويشده.
● أيلة: مدينة على ساحل البحر الأحمر.
● بغلة بيضاء: دابة من خيل البغال.
● بردًا: ثوبًا من الصوف.
● بحرهم: منطقتهم الساحلية.
● طابة: اسم من أسماء المدينة المنورة.
● أحد: الجبل المشهور في المدينة.
● دور الأنصار: بيوت وقبائل الأنصار.

ثالثًا. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل أبو حميد الساعدي رضي الله عنه عن أحداث غزوة تبوك، وهي آخر الغزوات التي خاضها النبي ﷺ. وفي الطريق إلى تبوك، مرّ النبي ﷺ وأصحابه بوادي القرى، فوجدوا امرأة لها بستان نخيل. فأمر النبي ﷺ أصحابه أن يخْرصوا الثمار (أي يقدّروا كم ستُنتج من التمر)، وقدر النبي ﷺ بنفسه أن البستان سينتج عشرة أوسق (أي ستمائة صاع). ثم أمر المرأة أن تعدّ ما يخرج من ثمار بستانها فعلاً.
ثم واصل الجيش سيره حتى وصل تبوك، وأنبأهم النبي ﷺ بأن ريحاً شديدة ستهبّ في الليل، ونهاهم عن القيام، وأمر من كان معه بعير أن يعقله (يربطه) حتى لا تجرفه الريح. وقد تحققت نبوءته، فهبّت ريح شديدة، وقام رجل فقذفته الريح إلى جبل طيء (وهذا تحذير من مخالفة أوامر النبي ﷺ).
وأثناء وجودهم في تبوك، أهدى ملك أيلة (مدينة على ساحل البحر الأحمر) للنبي ﷺ بغلة بيضاء وثوبًا، وكتب له كتابًا يؤمن فيه أهل منطقته الساحلية.
وعند عودة النبي ﷺ من الغزوة، مرّ مرة أخرى بوادي القرى، فسأل المرأة عن كمية التمر التي أنتجها بستانها، فأخبرته أنها جاءت عشرة أوسق، تمامًا كما قدّر النبي ﷺ. وهذا من إخباره بالغيب الذي أطلعه الله عليه، وهو من معجزاته ﷺ.
وفي طريق العودة إلى المدينة، أعلم النبي ﷺ أصحابه بأنه سيتعجل السير، فمن أراد أن يعجل معه فليفعل. وعندما أشرف على المدينة قال: "هذه طابة" (وهو اسم من أسماء المدينة المنورة)، وعندما رأى جبل أحد قال: "هذا جبيل يحبنا ونحبه"، ثم أخبر أصحابه بخير دور الأنصار (أي أفضل بيوت وقبائل الأنصار)، فذكر بني النجار ثم بني عبد الأشهل ثم بني ساعدة أو بني الحارث بن الخزرج، وأخبر أن في كل دور الأنصار خيرًا.

رابعًا. الدروس المستفادة:


1- بيان معجزة النبي ﷺ في إخباره بالغيب، سواء في تقدير ثمار النخيل أو في预告 الريح الشديدة.
2- وجوب طاعة النبي ﷺ واتباع أوامره، كما في الأمر بربط الإبل وعدم القيام أثناء الريح.
3- بركة الصحابة وفضلهم، وخصوصًا الأنصار الذين ذكر النبي ﷺ فضل قبائلهم.
4- محبة النبي ﷺ للمدينة المنورة وتعبيره عن حبه لجبل أحد.
5- جواز قبول الهدايا من غير المسلمين إذا لم يكن فيها محذور شرعي.
6- الدقة في الوفاء بالوعد، حيث سأل النبي ﷺ المرأة عن نتيجة تخرّصه ليثبت صدق نبوته.

خامسًا. فوائد إضافية:


- الحديث يدل على كرم النبي ﷺ وحسن تعامله حتى مع غير المسلمين.
- فيه بيان لعلم النبي ﷺ بالغيب فيما أطلعه الله عليه.
- يظهر الحديث حرص النبي ﷺ على أمته وتحذيره لهم من المخاطر.
- تظهر في الحديث منزلة الأنصار وفضلهم، مما يدل على أهمية الاعتراف بالجميل وذكر الفضائل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الزكاة (١٤٨١) عن سهل بن بكّار، حدّثنا وُهيب، عن عمرو بن يحيى، عن عبّاس السّاعديّ، عن أبي حميد السّاعديّ، قال (فذكره) واللّفظ له.
ورواه مسلم في الموضعين في الحجّ (١٣٩٢) عن عبد الله بن مسلمة القعنبيّ، حدّثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن يحيى، بإسناده مختصرًا، ولم يذكر فيه قصة الخرص. ثم رواه في كتاب الفضائل (١٣٩٢: ١١) بالإسناد نفسه نحو رواية البخاريّ.
وقوله: «أحصي» أي احفظي عدد كيلها. وفي رواية مسلم: «أحصيها حتى نرجع إليك إن شاء الله».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 84 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: غزوة تبوك وخبر المرأة في حَدِيقَتِهَا

  • 📜 حديث: غزوة تبوك وخبر المرأة في حَدِيقَتِهَا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: غزوة تبوك وخبر المرأة في حَدِيقَتِهَا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: غزوة تبوك وخبر المرأة في حَدِيقَتِهَا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: غزوة تبوك وخبر المرأة في حَدِيقَتِهَا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب