حديث: الرخصة لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الرّخصة لرعاة الإبل أن يؤخِّروا رمي اليوم الحادي عشر إلى الثاني عشر وأن يرموا بالليل.
صحيح: رواه مالك في الحج (٢١٨) عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، أنّ أبا البدّاح ابن عاصم بن عدي، أخبره عن أبيه، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
هذا الحديث الشريف الذي ذكرتَ رواه الإمام أبو داود في سننه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهما، عن الصحابي الجليل عاصم بن عدي رضي الله عنه، وهو يتعلق ببعض أحكام الحج ورمي الجمرات، وبيان التيسير الذي جاء به الشرع الحنيف.
أولاً. شرح المفردات:
● أرخص: أباح وأجاز، بمعنى أنه أعطى الرخصة والتيسير في حكمٍ كان الأصل فيه التشديد.
● لرِعاء الإبل: الرِعاء جمع راعٍ، وهم الذين يقومون على رعي الإبل وحمايتها والاهتمام بها.
● في البيتوتة: المبيت، أي أن يبيتوا خارج منى.
● خارجين عن مني: أي أن مكان مبيتهم خارج حدود منى.
● يرمون يوم النّحر: يقصد به الرمي الذي يكون في يوم العيد (اليوم العاشر من ذي الحجة)، وهو رمي جمرة العقبة الكبرى.
● ثم يرمون الغد: أي اليوم الذي يلي يوم النحر (الحادي عشر من ذي الحجة).
● ومن بعد الغد ليومين: أي اليوم الثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة.
● ثم يرمون يوم النّفر: النفر هو الرحيل من منى، ويوم النفر هو اليوم الأخير من أيام التشريق الذي ينفر فيه الحجاج.
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي عاصم بن عدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد منح رخصة خاصة لفئة معينة من الحجاج، وهم رعاة الإبل.
● أصل الحكم: الأصل الواجب على الحاج أن يبيت ليالي أيام التشريق (ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة) في منى، وأن يرمي الجمرات الثلاث (الصغرى، الوسطى، العقبة) في كل يوم من هذه الأيام بعد الزوال.
● مشقة الرعاة: كان رعاة الإبل مضطرين للخروج بإبلهم إلى المراعي والمياه، والتي غالبًا ما تكون بعيدة عن منى. وكان من الصعب عليهم العودة كل ليلة للمبيت في منى والعودة مرة أخرى للإبل في الصباح، لما في ذلك من مشقة عظيمة وتفريط في الأمانة (وهي رعاية الإبل).
● الرخصة النبوية: تخفيفًا من هذه المشقة، ورحمةً بهم، أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيتوا خارج منى عند إبلهم لحمايتها ورعايتها.
● كيفية الرمي لهم: لم يعفهم النبي صلى الله عليه وسلم من الرمي، بل بين لهم كيف يؤدونه تيسيرًا عليهم:
1- يوم النحر (العاشر): يرمون جمرة العقبة الكبرى فقط في ذلك اليوم، كما يفعل كل الحجاج.
2- اليوم التالي (الحادي عشر): يرمون الجمرات الثلاث (الصغرى، الوسطى، الكبرى) في هذا اليوم.
3- اليوم الذي يليه (الثاني عشر): يرمون الجمرات الثلاث أيضًا في هذا اليوم.
4- يوم النفر (الثالث عشر): إذا أرادوا التأخر (أي أن يكونوا من النافرين في اليوم الأخير)، فإنهم يرمون الجمرات الثلاث في يوم الثالث عشر ثم ينفرون.
فالرخصة لهم كانت في الجمع بين رمي يومين في يوم واحد (كأن يجمعوا رمي اليوم الحادي عشر والثاني عشر في يوم الحادي عشر، أو يجمعوا رمي اليوم الثاني عشر والثالث عشر في يوم الثاني عشر)، على خلاف في تفصيل ذلك بين الفقهاء، ولكن المقصود العام هو التيسير في ترتيب أيام الرمي بسبب ضرورة البيتوتة خارج منى.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- يسر الإسلام وسماحته: من أعظم الدروس في هذا الحديث بيان يسر هذا الدين ومرونته، ومراعاة الظروف الطارئة والمشقات التي قد تلحق بالمسلمين. فالشريعة لم تأتِ لتعنت الناس، بل لتسهل عليهم وتُدخل الرحمة إلى قلوبهم.
2- مراعاة الضرورات والحاجات: الشرع الحكيم يراعي الضرورات والحاجات المعتبرة، فيقدم رفع الحرج والمشقة على بعض المستحبات أو الأعمال التي يمكن أداؤها على وجه آخر.
3- الجمع بين الحقوق: الرخصة هنا جمعت بين حق الله تعالى (أداء مناسك الحج) وحق العبد (المحافظة على الأمانة التي هي الإبل وعدم التفريط فيها). فلم يُضحَّ بأحدهما لمصلحة الآخر.
4- تفقد أحوال الناس: القائد والحاكم والمشرع يجب أن يكون على علم بأح الناس وطبائعهم ومشقاتهم، ليكون تيسيره وتشريعه موضع حاجة ونفع.
5- فضل الرعاة وأهل الحرف: في هذا الحديث إشارة إلى أهمية العمل اليدوي ورعاية الأموال، وأن أصحاب هذه المهن لهم مكانتهم، ويستحقون التقدير والتيسير عليهم.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذه الرخصة خاصة بأهل الأعذار كرعاة الإبل والحراس ونحوهم ممن لا يستطيعون المبيت في منى لعذر مقبول.
- من كان بلا عذر، فإنه 必須 يبيت في منى ويؤدي الرمي في أيامه المحددة؛ لأن الرخصة مقيدة بسبب، فإذا انتفى السبب انتفت الرخصة.
- الفقهاء استنبطوا من هذه الرخصة وغيرها جواز الجمع والترخيص في العبادات عند وجود المشقة والعذر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده صحيح، وأبو البدّاح يقال: كنيته أبو عمرو، وأبو البدّاح لقب. ويقال: اسمه: عدي، البلويّ حليف الأنصار، وهو ثقة كما في التقريب.
وهو مشهور من التابعين كما قال الحاكم، والذهبي، ووهم من ذكره في الصحابة كما قال
ابن حجر.
ورواه أبو داود (١٩٧٥)، والترمذي (٩٥٥)، والنسائي (٣٠٦٩)، وابن ماجه (٣٠٣٧)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٩٧٥)، وابن حبان (٣٨٨٨)، والحاكم (١/ ٤٧٨) كلّهم من طريق مالك، به، نحوه. إلّا ابن حبان فإنه رواه من حديث سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر، بإسناده، مثله.
ولفظ أبي داود مثله، ولفظ النسائي نحوه، ولفظ الترمذي وابن ماجه: »... أن يرموا يوم النّحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد النّحر، فيرمونه في أحدهما -قال مالك: ظننتُ أنه قال: في الأول منهما-، ثم يرمون يوم النّفر».
وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح، وهو أصح من حديث ابن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر».
قال الأعظمي: حديث ابن عيينة. رواه الترمذيّ نفسه (٩٥٤)، وأبو داود (١٩٧٦)، والنسائي (٣٠٦٨)، وابن ماجه (٣٠٣٦)، وصححه ابن خزيمة (٢٩٧٧)، وابن حبان (٣٨٨٨)، والحاكم (١/ ٤٧٨) كلّهم عنه، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم - وزاد أبو داود: وعن محمد ابني أبي بكر، عن أبيهما، عن أبي البدَّاح بن عدي، عن أبيه: أنّ النبيّ ﷺ أرخص للرعاة أن يرموا يومًا ويدعوا يومًا.
وإسناده صحيح، وأبو البداح بن عدي هو ابن عاصم بن عدي نسب في هذه الرواية إلى جده، وأبوه عاصم بن عدي كما قال البيهقيّ (٥/ ١٥١) عقب رواية الحديث من طريق أبي داود. قال: «هكذا رواه سفيان بن عيينة. وكذلك قال روح بن القاسم عن عبد الله بن أبي بكر. وكأنهما نسبا أبا البداح إلى جدّه، وأبوه عاصم بن عدي».
وعاصم بن عدي هو صاحب اللّعان الصحابي المشهور.
ونظرًا لكون حديث ابن عيينة اختصارًا مخلًا للمعني رجّح الترمذيّ رواية مالك، وقد سبقه يحيي بن معين، فقد رواه عن سفيان بن عيينة، ثم قال: «وكلام سفيان هذا خطأ إنما هو كما قال مالك بن أنس قال يحيي: فكان سفيان لا يضبطه كان إذا حدث به يقول: ذهب عليَّ من هذا الحديث شيءٌ» انظر تاريخ ابن معين برواية الدّوريّ (٦٤٦).
ولكن من أهل العلم من جمعوا بين رواية ابن عيينة ورواية مالك، فقالوا: إنّ النبيّ ﷺ رخّص للرعاء في ترك رمي الجمار يومًا ويرموا يومًا (أي ليومين من أيام التّشريق)، ثم يوم النّفر. انظر كلام ابن خزيمة (٤/ ٣٢٠).
قال مالك عقب الحديث في «الموطأ»: «تفسير الحديث الذي أرخص رسولُ الله ﷺ لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار، فيما نُري -والله أعلم- أنّهم يرمون يوم النّحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النّحر رموا من الغد، وذلك يوم النّفر الأوّل، فيرمون لليوم الذي مضى، ثم يرمون ليومهم ذلك؛ لأنّهم لا يقضي أحدٌ شيئًا حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه ومضى كان القضاءُ بعد ذلك،
فإنْ بدا لهم النَّفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النّفر الآخر ونفروا».
قال الخطّابي في «معالمه»: وقال الشافعي نحوّا من قول مالك. وقال بعضهم: «هم بالخيار إن شاؤا قدموا وإن شاؤا أخّروا».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 518 من أصل 689 حديثاً له شرح
- 493 لم يحلل من شيء حرم منه حتى فضي حجه ونحر...
- 494 من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء...
- 495 أفضلنا يوم النحر مع النبي ﷺ في الحج.
- 496 الإفاضة يوم النحر ثم الصلاة بمنى
- 497 ركب رسول الله فأفاض إلى البيت فصلّى بمكة الظهر
- 498 أفاض رسول الله ﷺ من آخر يومه حين صلّى الظهر
- 499 لم يرمل النبي ﷺ في السبع الذي أفاض فيه
- 500 إنها مباركة إنها طعام طعم
- 501 انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم...
- 502 شرب النبي من زمزم وصب على رأسه
- 503 ماء زمزم لما شرب له
- 504 شرب النبي قائمًا من زمزم
- 505 اسقني ثم قال: اعملوا فإنكم على عمل صالح
- 506 أبردوا الحمى بماء زمزم
- 507 خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم
- 508 من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم
- 509 فضل ماء زمزم
- 510 شرب النبي ﷺ ماءً في الطواف
- 511 أحستم وأجملتم كذا فاصنعوا
- 512 طواف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا ثم طافوا طوافًا آخر
- 513 يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة
- 514 إذا زالت الشمس فارموا الجمار
- 515 رمي رسول الله الجمرة يوم النّحر ضُحي
- 516 يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات
- 517 استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى
- 518 الرخصة لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
- 519 رخص لرعاء الإبل أن يرموا بالليل
- 520 آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض
- 521 آخر عهده بالبيت
- 522 حاضت صفية فهل تحبسنا؟
- 523 أخرج بأختك الحرم فلتُهل بعمرة
- 524 ألم تكن طافت معكن فاخرجي
- 525 امرأة طافت ثم حاضت، هل تنفر؟
- 526 النبي ﷺ رخَّص لهنَّ أن ينفرن.
- 527 آخر عهده بالبيت إلا الحيض ورخص لهن رسول الله
- 528 لا يحجّ العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان
- 529 يوم الحج الأكبر
- 530 هذا يوم النّحر وهذا يوم الحجّ الأكبر
- 531 إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا
- 532 دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا
- 533 ألا هل بلغت؟ اللَّهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب
- 534 التيسير في الحج ورفع الحرج
- 535 إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض
- 536 إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام
- 537 السنة اثنا عشر شهرا منها اربعة حرم
- 538 إن أمر عليكم عبد مجدع أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا...
- 539 أتدرون أي يوم هذا و أي بلد هذا و أي...
- 540 المسيح الدجال أعور عين اليمين كأن عينه عنبة طافية
- 541 هذا يوم الحج الأكبر دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام
- 542 إذا كان قبل يوم التروية خطب الناس وأخبرهم بمناسكهم
معلومات عن حديث: الرخصة لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
📜 حديث: الرخصة لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الرخصة لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الرخصة لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الرخصة لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








