حديث: شرب النبي قائمًا من زمزم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في شرب ماء زمزم وصبه على الرّأس للحاج والمعتمر وغيرهما وأنه ماء مبارك، ويستشفى به

عن ابن عباس، قال: سقيتُ رسولَ الله ﷺ من زمزم فشرب قائمًا، واستسقى وهو عند البيت.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٣٧)، ومسلم في الأشربة (٢٠٢٧: ١٢٠) كلاهما من طريق عاصم، عن الشعبيّ، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس، قال: سقيتُ رسولَ الله ﷺ من زمزم فشرب قائمًا، واستسقى وهو عند البيت.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه بيانٌ لهدي النبي ﷺ في الشرب، وتوضيحٌ لمسألة فقهية مهمة. وإليك الشرح الوافي للحديث:

نص الحديث:


عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سقيتُ رسولَ الله ﷺ من زمزم فشرب قائمًا، واستسقى وهو عند البيت".


1. شرح المفردات:


● سقيتُ: أي قدمت له الشراب ليشرب.
● زمزم: البئر المعروفة في المسجد الحرام، وماؤها مبارك.
● قائمًا: أي واقفًا على قدميه.
● استسقى: طلب أن يُسقى، أي طلب ماءً ليشرب.
● وهو عند البيت: أي كان يقف بجوار الكعبة المشرفة.


2. شرح الحديث:


يخبر ابن عباس رضي الله عنهما أنه قدم للنبي ﷺ ماء زمزم ليشرب، فشربه النبي ﷺ وهو واقفٌ على قدميه، وكان ذلك بجوار الكعبة. وهذا الفعل منه ﷺ يدل على جواز الشرب قائمًا، خلافًا لما قد يُفهم من بعض الأحاديث التي فيها النهي عن الشرب قائمًا، مثل حديث: "لا يشربن أحد منكم قائمًا".
فالجمع بين هذه الأحاديث أن النهي عن الشرب قائمًا محمول على التنزيه والكراهة لا على التحريم، وأن الإباحة ثابتة بدليل هذا الحديث وغيره. وقد جاء في رواية أخرى للبخاري أن النبي ﷺ شرب قائمًا من زمزم، مما يؤكد أن هذا الفعل منه ﷺ كان بيانًا للإباحة ورفعًا للحرج.


3. الدروس المستفادة منه:


1- جواز الشرب قائمًا: فهذا الحديث صريح في إباحة الشرب قائمًا، وهو ما عليه جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة، حيث أن النهي الوارد في أحاديث أخرى محمول على الكراهة التنزيهية لا التحريم.
2- رفع الحرج والتيسير على الأمة: فعل النبي ﷺ هذا بيانٌ للتيسير ورفع المشقة، خاصة في المواضع التي يصعب فيها الجلوس، كازدحام الناس حول زمزم.
3- بيان هدي النبي ﷺ العملي: حيث كان ﷺ يفعل الشيء تارة ويتركه تارة أخرى؛ لبيان الجواز وعدم التحريم، مما يدل على سعة الشريعة ومرونتها.
4- فضل ماء زمزم: حيث شربه النبي ﷺ قائمًا، مما يدل على تعظيمه لهذا الماء المبارك، وفيه أيضًا استحباب الشرب منه، لقوله ﷺ: "ماء زمزم لما شرب له".


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى.
- ذهب جمهور العلماء (الشافعية والحنابلة والمالكية في رواية) إلى أن الشرب قائمًا جائز، لكن الأفضل الشرب قاعدًا.
- استدل بعض العلماء على كراهة الشرب قائمًا بأحاديث النهي، ولكنهم يجمعون بينها وبين أحاديث الإباحة بأن النهي للكراهة لا للتحريم.
- ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "من السنة الشرب قائمًا وقاعدًا"، مما يؤكد أن المسألة فيها سعة.


الخلاصة:


الحديث دليل على جواز الشرب قائمًا، وأن النهي الوارد في أحاديث أخرى محمول على الكراهة التنزيهية، وفيه بيان لسماحة الإسلام ويسره، وتوضيح لهدي النبي ﷺ العملي في بيان الأحكام.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٦٣٧)، ومسلم في الأشربة (٢٠٢٧: ١٢٠) كلاهما من طريق عاصم، عن الشعبيّ، عن ابن عباس، فذكره. واللفظ لمسلم.
وعاصم هو الأحول وقال: فحلف عكرمة ما كان يومئذ إلا على بعير. كذا ذكره البخاريّ دون مسلم وعند ابن ماجه (٣٤٢٢): «فذكرت ذلك لعكرمة، فحلف بالله ما فعل».
قال الأعظمي: إنكار عكرمة هذا عجيب منه؛ لأن ابن عباس يصرّح بأنه سقى النبيّ ﷺ فشرب قائمًا، فهل يريد أن يكذب ابن عباس! .
مع أنه يمكن الجمع بين قوله: «كان يومئذ على بعير»، وبين قول ابن عباس بأنّ النبيّ ﷺ بعدما انتهى من الطواف أناخ ناقته فجعل المقام بينه وبين البيت، فصلى ركعتين كما ذكره جابر في صفة حجة النبيّ ﷺ، وعكرمة نفسه ذكر هذا عن ابن عباس، قال: «إنّ رسول الله ﷺ قدم مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته، كلما أتى الركن استلم الركن بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين».
رواه أبو داود (١٨٨١) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة.
ويزيد بن أبي زياد هو الهاشميّ مولاهم ضعيف. فلعله شرب زمزم بعد ذلك وهو قائم.
وقد أشار علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أن النبي ﷺ شرب قائمًا، وذلك عندما قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة ... فشرب وهو قائم، ثم قال: إنّ ناسًا يكرهون الشرب قائمًا، وإنّ النبيّ ﷺ صنع مثل ما صنعتُ». رواه البخاريّ في الأشربة (٥٦١٦).
ولكن هل الشرب قائمًا خاص بماء زمزم؟ فالظّاهر من فعل علي بن أبي طالب أنه ليس خاصًا بماء زمزم، ولم أقف على قول أهل العلم في استحباب شرب ماء زمزم قائمًا.
فماء زمزم وغيره من الماء سواء في شربه قائمًا وقاعدًا.
وأما النهي الوارد عن شرب الماء قائمًا، فهو للتنزيه لا للتحريم، كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 504 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: شرب النبي قائمًا من زمزم

  • 📜 حديث: شرب النبي قائمًا من زمزم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: شرب النبي قائمًا من زمزم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: شرب النبي قائمًا من زمزم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: شرب النبي قائمًا من زمزم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب