استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى

حديث: استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى

عن عبد الله بن عمر: أنّ العبّاس رضي الله عنه استأذن النبيَّ ﷺ ليبيت بمكة ليالي منى، من أجل سقايته فأذن له.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (١٧٤٥)، ومسلم في الحج (١٣١٥) كلاهما من طريق عبد الله بن نمير، حدّثنا عبيد الله (هو ابن عمر العمريّ)، حدثني نافع، عن ابن عمر، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عبد الله بن عمر: أنّ العبّاس ﵁ استأذن النبيَّ ﷺ ليبيت بمكة ليالي منى، من أجل سقايته فأذن له.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه:
الحديث:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليبيت بمكة ليالي منى، من أجل سقايته، فأذن له".

الشرح المفصل:

# 1. شرح المفردات:

* العَبَّاس: هو العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد كبار الصحابة.
* اسْتَأْذَنَ: طلب الإذن والموافقة.
* لِيَبِيتَ: أن يبيت، أي يقيم ليلاً.
* مَكَّةَ: المقصود هنا هو مكة المكرمة.
* لَيَالِي مِنًى: الليالي التي يقضيها الحجاج في منى بعد يوم النحر، وهي ليلة الحادي عشر والثاني عشر (ومن يَتْعَجَّلْ فليلة الحادي عشر فقط) من ذي الحجة.
* سِقَايَتِهِ: مهمته في سقاية الحجاج، وهي منصب كان يشغله العباس في الجاهلية وأقره الإسلام.

# 2. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عم النبي صلى الله عليه وسلم، العباس بن عبد المطلب، طلب من النبي صلى الله عليه وسلم الإذن له بعدم المبيت في منى خلال ليالي التشريق (ليالي ١١ و١٢ و١٣ من ذي الحجة)، وأن يبيت instead في مكة المكرمة.
وكان سبب هذا الطلب "من أجل سقايته"، أي بسبب المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه في سقاية الحجاج، والتي تتطلب منه البقاء عند بئر زمزم في مكة لتوفير الماء للحجاج الذين يأتون ليشربوا أو ليملئوا أوعيتهم، خاصة وأن توفير الماء في تلك الأيام كان يحتاج إلى جهد وتنظيم كبير.
فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، مع أن المبيت في منى تلك الليالي هو واجب من واجبات الحج.

# 3. الدروس المستفادة منه:

* مرونة الشريعة الإسلامية: يظهر هذا الحديث مرونة التشريع الإسلامي وسماحته، حيث رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم للعباس في ترك واجب (المبيت في منى) لأجل مصلحة عامة تتعلق براحة الحجاج وتوفير حاجتهم الأساسية من الماء. وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة.
* تقديم المصلحة العامة: فضّل العباس رضي الله عنه القيام بمهمة خدمة الحجاج (وهي مصلحة عامة) على أداء سنة المبيت في منى (وهي مصلحة شخصية)، وأقرّه النبي على ذلك. وهذا توجيه للمسلم بأن يكون نافعًا لغيره.
* الإذن في ترك الواجب لعذر: الحديث دليل على أن الواجب يسقط أو يرخَّص فيه إذا تعارض مع مصلحة أعلى أو كان هناك عذر مقبول شرعًا. والمبيت في منى واجب عند جمهور العلماء، وتركه يوجب الدم (ذبح شاة)، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط هذا الإلزام عن العباس لعذره.
* مكانة العمل الخدمي والإنساني: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للعباس على القيام بمهمة السقاية يرفع من شأن الأعمال الخدمية والإنسانية التي تقدم النفع للمسلمين، ويجعلها من القربات العظيمة.
* استئذان أهل العلم: فعل العباس رضي الله عنه يعلمنا أدبًا مهمًا، وهو أن من كان له عذر يبيح له ترك واجب أو أمر مطلوب شرعًا، فعليه أن يرجع إلى أهل العلم ليبينوا له حكم الله في أمره، ولا يتصرف من تلقاء نفسه.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الحديث أصل من أصول الفقهاء في باب "الرخص" و"تقديم المصالح بعضها على بعض".
* السقاية: كانت إحدى مهمتين شرفيتين في قريش في الجاهلية، وهما السقاية (توفير الماء للحجاج) والرفادة (توفير الطعام لهم)، وكان العباس رضي الله عنه متوليًا للسقاية.
* استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن المبيت في منى ليالي التشريق واجب وليس ركنًا، لأنه لو كان ركنًا ما أسقطه النبي صلى الله عليه وسلم عن العباس.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحجّ (١٧٤٥)، ومسلم في الحج (١٣١٥) كلاهما من طريق عبد الله بن نمير، حدّثنا عبيد الله (هو ابن عمر العمريّ)، حدثني نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وفي الباب ما رُوي عن ابن عباس، قال: «لم يرخِّص النّبيُّ ﷺ لأحد يبيت بمكة إلاّ للعباس من أجل السّقاية».
رواه ابن ماجه (٣٠٦٦) عن علي بن محمد، وهناد بن السّريّ، قالا: حدّثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس، فذكره.
وفيه إسماعيل بن مسلم المكي أبو إسحاق ضعّفه ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم.
وفي الباب ما رُوي أيضًا عن عبد الرحمن بن فروخ يسأل ابن عمر، قال: «إنّا نتبايع بأموال النّاس فيأتي أحدنا مكة فيبيت على المال. فقال: أما رسول الله ﷺ فبات بمنى وظلّ».
رواه أبو داود (١٩٥٨) عن أبي بكر محمد بن خلاد الباهلي، حدّثنا يحيى، عن ابن جريج، حدثني حريز -أو أبو حريز (الشك من يحيي) - أنه سمع عبد الرحمن بن فروخ، فذكره.
وحريز -أو أبو حريز- «مجهول» كما في «التقريب».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 517 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى

📜 حديث: استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية