حديث: من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في شرب ماء زمزم وصبه على الرّأس للحاج والمعتمر وغيرهما وأنه ماء مبارك، ويستشفى به

عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: كنت عند ابن عباس جالسًا، فجاءه رجل فقال: من أين جئتَ؟ قال: من زمزم. قال: فشربتَ منها كما ينبغي؟ قال: وكيف؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل القبلة، واذكر اسم الله، وتنفّس ثلاثًا، وتضلّع منها. فإذا فرغت فاحمد الله عز وجل، فإنّ رسول الله ﷺ قال: «إنّ آية ما بيننا وبين المنافقين إنهم لا يتضلّعون من زمزم».

حسن: رواه ابن ماجه (٣٠١٦) عن علي بن محمد، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عثمان بن الأسود، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فذكره.

عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: كنت عند ابن عباس جالسًا، فجاءه رجل فقال: من أين جئتَ؟ قال: من زمزم. قال: فشربتَ منها كما ينبغي؟ قال: وكيف؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل القبلة، واذكر اسم الله، وتنفّس ثلاثًا، وتضلّع منها. فإذا فرغت فاحمد الله ﷿، فإنّ رسول الله ﷺ قال: «إنّ آية ما بيننا وبين المنافقين إنهم لا يتضلّعون من زمزم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن ابن عباس رضي الله عنهما:

نص الحديث:


عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: كنت عند ابن عباس جالسًا، فجاءه رجل فقال: من أين جئتَ؟ قال: من زمزم. قال: فشربتَ منها كما ينبغي؟ قال: وكيف؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل القبلة، واذكر اسم الله، وتنفّس ثلاثًا، وتضلّع منها. فإذا فرغت فاحمد الله، فإنّ رسول الله ﷺ قال: «إنّ آية ما بيننا وبين المنافقين إنهم لا يتضلّعون من زمزم».


1. شرح المفردات:


● زَمْزَم: البئر المباركة في الحرم المكي، التي فجرها الله تعالى لإسماعيل وأمه هاجر.
● كما ينبغي: بالطريقة المشروعة والمستحبة.
● اسْتَقْبِل القبلة: توجه نحو الكعبة المشرفة.
● اذكر اسم الله: قل "بسم الله" قبل الشرب.
● تَنَفَّس ثلاثًا: أي لا تشرب دفعة واحدة، بل تشرب على ثلاث مرات، تتنفس خارج الإناء بينها.
● تَضَلَّع منها: أي اشرب حتى تمتلئ وتشبع، وتصل الماء إلى أضلاعك.
● آية: علامة ودليل.
● المنافقين: الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر.


2. شرح الحديث:


يذكر الحديث أن رجلاً جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما فأخبره أنه جاء من زمزم، فسأله ابن عباس إن كان شرب منها على الوجه المشروع، ثم بين له كيفية الشرب المستحبة وهي:
- استقبال القبلة.
- ذكر اسم الله في البداية.
- الشرب على ثلاث دفعات مع التنفس خارج الإناء بينها.
- أن يشرب حتى يروى ويشبع (التضلع).
- حمد الله بعد الفراغ.
ثم ذكر ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال: «إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم»، أي أن المنافقين لا يشربون من ماء زمزم حتى يكتفوا ويمتلئوا، وذلك لعدم إيمانهم ببركتها، بخلاف المؤمنين الذين يتضلعون منها ليقينهم بفضلها.


3. الدروس المستفادة:


1- التأدب بآداب الشرب: يستحب للمسلم أن يراعي الآداب عند الشرب، كاستقبال القبلة وذكر الله والحمد بعده.
2- التنفس أثناء الشرب: السنة أن يشرب على ثلاث دفعات، مما هو أفضل للصحة وأكثر أدبًا.
3- التبرك بماء زمزم: وهو ماء مبارك، وقد جاء في فضله أحاديث كثيرة، وهو شفاءٌ لما شرب له.
4- الفرق بين المؤمن والمنافق: المؤمن يحرص على الطاعات ويتبرك بما شرع الله، بخلاف المنافق الذي لا يقدر هذه الأمور.
5- الحمد بعد الشرب: مما يعلمنا الشكر لله على نعمه.


4. معلومات إضافية:


- زمزم بئر معجزة، لم تنضب أبدًا، وهي موجودة إلى يومنا هذا.
- ورد في فضلها أحاديث صحيحة، منها: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم، وشفاء السقم» (رواه الطبراني وهو حسن).
- يستحب الدعاء عند شربها، فقد كانت الصحابة يتضلعون منها ويدعون الله بما يريدون.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان الكامل، وأن يجعلنا من المتبركين بسنن نبيه ﷺ، والمتحرين لأدب الشرب والطعام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٣٠١٦) عن علي بن محمد، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عثمان بن الأسود، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر وهو الجمحيّ أبو الثورين، ذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٣٧٥). روى عنه عمرو بن دينار، وعثمان بن الأسود، وكان هذا الرجل معروفًا عند أهل العلم.
قال الدوريّ في تاريخه (٤٢١): «سمعت يحيى بن معين يقول: حديث أبي الثورين يحدّث به سفيان بن عيينة يقول: أبو الثورين، ويقول حماد بن سلمة: عن محمد بن عبد الرحمن القرشيّ.
ويقول شعبة: أبو السوار. وكلّهم يحدّث به عن عمرو بن دينار هذا. وأخطأ فيه شعبة إنما هو عمرو ابن دينار عن أبي الثورين وهو محمد بن عبد الرحمن القرشيّ»
قال الأعظمي: فمثل هذا يحسن حديثه. وقال الحافظ في «التقريب»: «مقبول».
قال الأعظمي: وقد وجدتُ له متابعات ذكرها البيهقي.
منها: ما رواه من طريق عبد الوهاب الثقفي، ثنا عثمان بن الأسود، قال: حدثني جليس لابن
عباس، قال: قال لي ابن عباس: من أين جئتَ؟» فذكر الحديث. أخرجه البيهقي (٥/ ١٤٧).
فعثمان بن الأسود سمع الحديث من محمد بن عبد الرحمن، كما سمعه أيضًا من الرجل الذي دار الحديث بينه وبين ابن عباس.
ومنها: ما رواه إسماعيل بن زكريا، عن عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة، قال: «جاء رجل إلى ابن عباس» فذكر الحديث.
رواه الدارقطني، والبيهقي عن شيخه أبي عبد الله الحاكم وهو في المستدرك (١/ ٤٧٢). ولكن بدون ذكر ابن أبي مليكة. وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين، إن كان عثمان بن الأسود سمع من ابن عباس». وتعقبه الذهبي فقال: «لا والله! ما لحقه، توفي عام خمسين ومائة، وأكبر مشيخته سعيد بن جبير».
فالظاهر أن هذا سقط القلم من الحكم عند تأليف كتابه، وإلّا فالذي سمع منه البيهقيّ وروى عنه هو بذكر ابن أبي مليكة.
وقد أكّد البيهقيّ أنّ الفضل بن موسى السينانيّ، رواه أيضًا عن عثمان بن الأسود، عن عبد الرحمن بن أبي ملكية: «جاء رجل إلى ابن عباس ...» فذكره.
وبهذه المتابعات لا يشك أحدٌ في صحة هذا الحديث، وفي أقل أحواله في تحسينه؛ لأنه ليس فيه منهم.
وقد قال البوصيريّ في زوائد ابن ماجه: «هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رواه الدارقطني في سننه، والحاكم في المستدرك من طريق عبد الله بن أبي مليكة، عن ابن عباس، ورواه البيهقيّ في سننه الكبرى عن الحاكم».
والتّضلّع: هو الإكثار من الشّرب حتى يتمدّد جنبه وأضلاعه.
وقد رُوي عن ابن عباس مرفوعًا: «ماء زمزم لما شُرب، إن شربتَه تستشفى به شفاك الله، وإن شربتَه لشبعك أشبعك الله، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه الله، وهي هزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل».
رواه الدارقطني (٢٧٣٩) عن عمر بن الحسن بن علي، حدثنا محمد بن هشام بن علي المروزي، حدثنا محمد بن حبيب الجاروديّ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، فذكره.
وعمر بن الحسن هو الأشناني القاضي ضعّفه الدارقطنيّ في سؤالات الحاكم (٢٥٢) فقال الذهبي في «الميزان» في ترجمته: «لقد أثم الدارقطني بسكوته عنه، فإنه بهذا الإسناد باطل، ما رواه ابن عيينة قط، بل المعروف من حديث عبد الله بن المؤمل، عن أبي الزبير، عن جابر، مختصرًا».
قال الأعظمي: ولكن عمر بن الحسن لم ينفرد به، بل رواه الحاكم (١/ ٤٧٣) عن شيخه علي بن حمشاذ
العدل أبي عبد الله، عن محمد بن هشام، بإسناده نحوه. ولم يذكر: «هزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل».
وزاد فيه: «وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم! أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل داء».
قال الحاكم: «صحيح الإسناد إن سلم من الجاروديّ».
قال المنذري في «الترغيب والترهيب» (١٨٤١): «سلم منه فإنه صدوق، قاله الخطيب البغداديّ وغيره، لكن الراوي عنه محمد بن هشام المروزي عنه لا أعرفه. وروى الدارقطني دعاء ابن عباس مفردًا من رواية حفص بن عمر العدني».
وقال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (٣/ ٤٧٩): «محمد هذا (يعني الجارودي) قدم بغداد وحدّث بها، كان صدوقًا، لكن الراوي عنه لا يعرف حاله، وهو محمد بن هشام بن علي المروزيّ».
ولكن ظاهر من كلام الحاكم أنه يعرف حاله، إذ لم يتوقف إلا عن الجارودي فقط، قاله ابن الملقن في «البدر المنير» (٦/ ٣٠٢).
وأما قول الذهبي في تأثيم الدارقطني فقال الحافظ في اللسان (٤/ ٢٩١): «والذي يغلب على الظن أن المؤلف هو الذي أثم بتأثيمه الدارقطني، فإنّ الأشناني لم ينفرد بهذا، تابعه عليه في مستدرك الحاكم، ولقد عجبتُ من قول المؤلف (يعني الذهبي): ما رواه ابن عيينة قطّ مع أنه رواه عنه الحميدي، وابن أبي عمر، وسعيد بن منصور، وغيرهم من حفّاظ أصحابه إلّا أنّهم وقفوه على مجاهد. لم يذكروا ابن عباس فيه، فغايته أن يكون محمد بن حبيب وهم في رفعه». انتهى.
وقلت: وكذلك رواه أيضًا عبد الرزاق في المصنف (٩١٢٤) عن ابن عيينة بإسناده، موقوفًا عن مجاهد.
وهذا ترجيح من الحافظ ابن حجر على أنه موقوف على مجاهد، وهو أقرب إلى الصّواب، والخلاف قائم بين أهل العلم بأنّ قول التابعي الذي لا مجال للرأي فيه حكمه مرفوع أم لا؟
وقد قيل عن مالك أنه يلحق قول التابعي بقول الصحابي الذي لا مجال للاجتهاد فيه، ولعله من أجل ذلك يكثر من آثار التابعين في كتابه «الموطأ» في مجال الاستدلال بها. وعلى كلّ حال فهو موقوف على مجاهد مع زيادات لم تأت من وجه آخر صحيح.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن معاوية رضي الله عنه موقوفًا.
رواه محمد بن إسحاق الفاكهيّ في أخبار مكة (٢/ ٣٧) عن محمد بن إسحاق الصيني (كذا! ولعله: الضّبي)، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: «لما حجّ معاوية حججنا معه، فلما طاف بالبيت، وصلى عند المقام ركعتين، ثم مر بزمزم وهو خارج إلى الصفا، فقال: انزع لي منها
دلوًا يا غلام، قال: فنزع له منها دلوًا، فأتي به فشرب منه، وصبّ على وجهه ورأسه ويقول: «زمزم شفاء، هي لما شرب له».
وإسناده حسن، لأن محمد بن إسحاق مدلس وقد صّرح بالتحديث، ومن فوقه ثقات بدون النظر إلى من دونه.
ونقل السخاويّ في المقاصد الحسنة (٩٢٨) عن شيخه ابن حجر أنه قال: «إنه حسن مع كونه موقوفًا، وأفرد فيه جزءًا».
إلّا أني لم أقف على هذا الجزء، وفي الباب أحاديث أخرى عن حذيفة بن اليمان، وصفية، وغيرهما. وهي كلّها ضعيفة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 508 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم

  • 📜 حديث: من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب