حديث: من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب بماذا يحصل التحلل الأوّل
صحيح: رواه ابن خزيمة (٢٨٠٠، ٢٨٠١)، والحاكم (١/ ٤٦١)، والبيهقي (٥/ ١٢٢) كلّهم من حديث يحيي بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن الزبير، قال (فذكره).

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فحديث عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، يصف لنا سنن النبي ﷺ وأفعاله في حجته التي هي المثال الأعلى للمسلمين. وهذا بيان لشرحه:
أولاً. شرح المفردات:
● يغدو: يذهب باكرًا في الصباح.
● يقيل: يستريح وقت القيلولة (قبل الزوال).
● زالت الشمس: مالت عن كبد السماء (وقت الظهر).
● جمع: هي مزدلفة.
● أسفر: أضاء الصباح وظهر ضوءه.
● الجمرة الكبرى: هي جمرة العقبة.
ثانيًا. شرح الحديث:
يبيّن الحديث السنن التي فعلها النبي ﷺ في حجه، وهي:
1- الصلاة بمنى:
يصلي الإمام (أو الحاج) الصلوات الخمس في منى في أيام منى (يوم الثامن والتاسع والعاشر من ذي الحجة)، وهذا من سنن الحج.
2- الذهاب إلى عرفة والاستراحة فيها:
يذهب الحاج إلى عرفة في اليوم التاسع (يوم عرفة)، ويستريح فيها حتى وقت الزوال.
3- الخطبة والصلاة جمعًا في عرفة:
بعد زوال الشمس (دخول وقت الظهر) يخطب الإمام بالناس، ثم يصلي الظهر والعصر جمع تقديم (أي يصليهما في وقت الظهر)؛ وهذا الجمع خاص بيوم عرفة.
4- الوقوف بعرفة حتى غروب الشمس:
يبقى الحاج واقفًا بعرفة -وهو ركن الحج الأعظم- حتى تغرب الشمس.
5- الإفاضة إلى المزدلفة والصلاة فيها:
بعد الغروب يفيض (ينطلق) إلى المزدلفة، ويصلي فيها المغرب والعشاء جمع تأخير (أي يصليهما في وقت العشاء).
6- الوقوف بالمزدلفة (جمع) حتى الإسفار:
يبقى الحاج في المزدلفة حتى يطلع الفجر الصادق ويَسفر الصباح (أي ينتشر الضوء).
7- الدفع قبل طلوع الشمس ورمي جمرة العقبة:
يدفع (ينطلق) من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس، ويرمي جمرة العقبة (الجمرة الكبرى) بسبع حصيات.
8- الإحلال من الإحرام إلا النساء والطيب:
بعد رمي جمرة العقبة يحل للحاج كل محظورات الإحرام (كحلق الشعر، تقليم الأظافر، لبس المخيط...) إلا النساء (الجماع) والطيب، حتى يطوف طواف الإفاضة (زيارة البيت).
ثالثًا. الدروس المستفادة:
1- اتباع سنة النبي ﷺ:
الحج عبادة لا يصح إلا بالاتباع، فلا يشرع فيه إلا ما جاء عن النبي ﷺ.
2- التيسير على الحجاج:
شرع الجمع في الصلاة في عرفة ومزدلفة تيسيرًا على الناس وتخفيفًا عنهم.
3- ترتيب مناسك الحج:
الحديث يبين الترتيب الصحيح لأعمال الحج، وهو:
(الوقوف بعرفة → المبيت بمزدلفة → رمي جمرة العقبة → الحلق أو التقصير → الطواف → السعي).
4- الاهتمام بالوقوف بعرفة:
فهو الركن الأعظم، ومن فاته وقوف عرفة فاته الحج.
5- التدرج في التحلل:
هناك تحللان:
● الأصغر (بعد رمي الجمرة والحلق): يحل كل شيء إلا النساء والطيب.
● الأكبر (بعد الطواف والسعي): يحل كل شيء بما في ذلك النساء والطيب.
رابعًا. ملاحظات مهمة:
- هذا الحديث يصف حجة النبي ﷺ كما رواها عبد الله بن الزبير، وهي متوافقة مع أحاديث أخرى في الصحيحين.
- من ترك شيئًا من هذه السنن جهلاً أو نسيانًا فلا إثم عليه، لكن الأكمل هو الاتباع الكامل.
- الوقوف بعرفة حتى الغروب سنة وليس واجبًا عند جمهور العلماء، لكنه من كمال الحج.
أسأل الله أن يتقبل منا الحج والعمرة، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه ابن خزيمة أيضًا (٢٨٠١) عن محمد بن الوليد، ثنا يزيد -يعني ابن هارون-، أخبرنا يحيي بن سعيد بإسناده وقال: وربما اختلفا في الحرف والشيء. وقال: «حلّ له ما حرم عليه إلّا النّساء حتى يطوف بالبيت».
قال ابن خزيمة: «وهذا هو الصّحيح إذا رمي الجمرة حلّ له كلّ شيء خلا النساء؛ لأنّ عائشة خبرت أنها طيّبت النبيّ ﷺ قبل نزول البيت».
فالصّواب هو ما ذكره يزيد بن هارون عن يحيى: النساء فقط دون الطّيب.
ولكن يعكر على هذا ما رواه الحاكم (١/ ٤٦١) وعنه البيهقي (٥/ ١٢٢) من طريق إبراهيم بن عبد الله، عن يزيد بن هارون، بإسناده وذكر فيه مع النساء الطيب أيضًا، وقال: «هذا حديث على شرط الشيخين».
وهذا وهم منه؛ فإنّ إبراهيم بن عبد الله -وهو ابن بشار الواسطيّ- ليس من رجال الشيخين، ولا من رجال التهذيب، وإنما ترجمه الخطيب (٦/ ١٢٠) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو في عداد المجهولين.
فلعلّ ذكر الطيب يعود إليه؛ لأنّ محمد بن محمد شيخ ابن خزيمة لم يذكر الطبيب، وهو الذي رجّحه ابن خزيمة كما سبق.
وفي الباب ما رُوي عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا، بلفظ: «إذا رميتم الجمرة فقد حلّ لكم كلّ
شيء إلّا النساء. فقال رجل: يا ابن عباس، والطيب؟ فقال: أما أنا فقد رأيتُ رسول الله ﷺ يُضمّخ رأسه بالمسك، أفطيب ذلك أم لا؟».
رواه النسائيّ (٣٠٨٤)، وابن ماجه (٣٠٤١)، والإمام أحمد (٢٠٩٠، ٣٢٠٤، ٣٤٩١)، والبيهقيّ (٥/ ٢٠٤) كلّهم من طرق، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن ابن عباس، فذكره.
والحسن العرني لم يسمع من ابن عباس، بل لم يدركهـ كما قال أبو حاتم، كما اختلف في رفعه ووقفه، والصّحيح أنه موقوف مع انقطاع فيه. انظر للمزيد من التخريج في «المنة الكبرى» (٤/ ٢٨١).
فقه الباب:
يستفاد من أحاديث هذا الباب أنّ التحلل الأول يحصل بمجرد رمي جمرة العقبة، وهي رواية عبد الله، عن أبيه أحمد كما في مسائل الإمام أحمد (ص ٢٤١)، وهي رواية ابن منصور عنه أيضًا. وبه قال أيضًا الشافعي في الأم (١/ ٢٢١).
والدّليل عليه حديث ابن عباس: «إذا رميتم الجمرة فقد حلّ لكم كلّ شيء». وكذلك في حديث عائشة عند أبي داود، وهو ضعيف كما مضى.
والرواية الثانية عند الإمام أحمد: التحلل الأوّل يحصل بالرّمي والحلق. قال القاضي: وهي أصح الروايتين، ورجّح ابن قدامة الرواية الأولى. انظر: «المغني» (٣/ ٣٩٣).
وعند الشافعية المذهب الذي يفتي به أنّ التحلل يحصل باثنين من الثلاثة، وقيل بالاثنين من الأربعة، وهي: الرمي والحلق والذبح والطواف. قاله النووي في «المجموع» (٨/ ٢٣١).
وإن قدّم الحاج طواف الإفاضة على الرّمي والحلق أو التقصير فلا تحل له النساء، فإن الطواف وحده لا يكفي، ولا بد من رمي الجمرة يوم العيد والحلق أو التقصير، والسعي إن كان عليه السعي.
فإنه لا بد من اجتماع الثلاثة لحلّ جماع النساء، كذا في فتاوي سماحة الشيخ ابن باز ﵀ تعالي.
وأما أبو حنيفة فعنده لا يحصل التحلل الأول إلا باجتماع الثلاثة، وهي: الرمي والذبح والحلق أو التقصير، كما قرّره الجصّاص.
وأما مالك فيرى أنّ التحلّل يحصل بمجرد الرّمي إلا أنه يحرم عليه الطبيب والنساء، وقد سبق أن ردّت عائشة على عمر في منع الطيب.
وسبب الخلاف في هذا أن أحاديث هذا الباب متعارضة في ظاهرها، فكلٌّ أخذ بما وصل إليه، وترك ما يخالفه، ومنهم من جمع بينها، فأخذ بمجموعها مثل الإمام أحمد ﵀ تعالي.
انظر مزيدًا من التفصيل في «المنة الكبرى» (٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 494 من أصل 689 حديثاً له شرح
- 469 حلق رسول الله ﷺ رأسه في حجة الوداع
- 470 رمي جمرة العقبة ونحر البدن وحلق الرأس في الحج
- 471 أمكنك رسول الله من شحمة أذنه وفي يدك الموسى
- 472 فأخذ شعره، فجاء به إلى أم سليم، فكانت تدوفه في...
- 473 الحلّاق يحلق رسول الله وأصحابه يلتقطون الشعر
- 474 شعر النبي ﷺ مخضوب بالحناء والكتم
- 475 اللهم ارحم المحلِّقين والمقصِّرين
- 476 حلق النبي وطائفة من الصحابة وقصر البعض
- 477 اللهم اغفر للمحلقين والمقصرين
- 478 اللهم اغفر للمحلقين وللمقصِّرين
- 479 دعا النبي للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرة
- 480 يرحم الله المحلقين والمقصرين
- 481 دعاء النبي للمحلقين والمقصرين في الحج
- 482 على النساء التقصير وليس الحلق
- 483 أعطى النبي شعره لأبي طلحة ليوزعه على الناس
- 484 افعل ولا حرج
- 485 ارم ولا حرج اذبح ولا حرج
- 486 لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم...
- 487 «لا حرج في تقديم الحلق على الذبح أو الرمي»
- 488 لا أحلّ حتى أنحر
- 489 ابن عمر يوجب الحج والعمرة معًا ويقول: كذلك فعل رسول...
- 490 كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل...
- 491 طيب رسول الله عند الإحرام وعند الحل
- 492 كنت أطيب النبي بعد ما يرمي الجمرة قبل أن يفيض...
- 493 لم يحلل من شيء حرم منه حتى فضي حجه ونحر...
- 494 من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء...
- 495 أفضلنا يوم النحر مع النبي ﷺ في الحج.
- 496 الإفاضة يوم النحر ثم الصلاة بمنى
- 497 ركب رسول الله فأفاض إلى البيت فصلّى بمكة الظهر
- 498 أفاض رسول الله ﷺ من آخر يومه حين صلّى الظهر
- 499 لم يرمل النبي ﷺ في السبع الذي أفاض فيه
- 500 إنها مباركة إنها طعام طعم
- 501 انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم...
- 502 شرب النبي من زمزم وصب على رأسه
- 503 ماء زمزم لما شرب له
- 504 شرب النبي قائمًا من زمزم
- 505 اسقني ثم قال: اعملوا فإنكم على عمل صالح
- 506 أبردوا الحمى بماء زمزم
- 507 خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم
- 508 من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم
- 509 فضل ماء زمزم
- 510 شرب النبي ﷺ ماءً في الطواف
- 511 أحستم وأجملتم كذا فاصنعوا
- 512 طواف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا ثم طافوا طوافًا آخر
- 513 يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة
- 514 إذا زالت الشمس فارموا الجمار
- 515 رمي رسول الله الجمرة يوم النّحر ضُحي
- 516 يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات
- 517 استئذان العباس النبي ﷺ لبيت بمكة ليالي منى
- 518 الرخصة لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
معلومات عن حديث: من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى
📜 حديث: من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








