حديث: قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون: يلقحون النخل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تلقيح النخل

عن رافع بن خديج قال: قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون:
يُلقِّحون النخل. فقال: «ما تصنعون؟» قالوا: كنا نصنعه. قال: «لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا» فتركوه، فنفضت، أو فنقصت. قال: فذكروا ذلك له، فقال: «إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر». قال عكرمة: أو نحو هذا.

صحيح: رواه مسلم في كتاب الفضائل (٢٣٦٢) من طرق عن النضر بن محمد، حدثنا عكرمة (وهو ابن عمار)، حدثنا أبو النجاشي، حدثني رافع بن خديج.

عن رافع بن خديج قال: قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون:
يُلقِّحون النخل. فقال: «ما تصنعون؟» قالوا: كنا نصنعه. قال: «لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا» فتركوه، فنفضت، أو فنقصت. قال: فذكروا ذلك له، فقال: «إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر». قال عكرمة: أو نحو هذا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي طلبت شرحه حديث عظيم، يُبيِّن حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم البشرية، ويُرسي قاعدَةً مهمةً في التمييز بين ما يصدر منه صلى الله عليه وسلم من وحيٍ تشريعيٍ ملزم، وما يصدر منه من اجتهادٍ بشريٍ في أمور الدنيا.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث، أقدِّمه لك على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعًا دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي.
### ثانيًا. شرح المفردات
* يأبرون النخل: (يُلقِّحون النخل) أي يقومون بتلقيح النخل؛ وذلك بأن يأخذوا من طلع الذكر (الشمراخ الذكري) ويضعوه في طلع الأنثى (الشمراخ الأنثوي) ليثمر.
* فنفضت، أو فنقصت: أي فسقط ثمرها أو قلَّ وضعُف، ولم يُحصد كما كان معتادًا.
* من رأي: أي من اجتهادٍ شخصيٍ في أمور الدنيا والخبرة الدنيوية، وليس وحياً تشريعياً.
### ثالثًا. شرح الحديث
1- الموقف الأول: النصيحة الدنيوية:
قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فرأى أهلها وهم يلقحون النخيل، وهو عملٌ زراعيٌ معتادٌ لديهم لتحسين المحصول وزيادة إنتاجه. فسألهم عن هذا الفعل، فأخبروه أن هذه عادتهم وخبرتهم التي يتوارثونها. فبدا له صلى الله عليه وسلم – من منظوره البشري ورأيه الشخصي – أن ترك النخلة لتثمر بشكل طبيعي دون تدخل قد يكون خيرًا وأفضل. فاستجاب الصحابة رضي الله عنهم لأمره وتركوا التلقيح.
2- النتيجة: خطأ الاجتهاد البشري:
كانت نتيجة ترك التلقيح سيئة، إذ قلَّ إنتاج النخيل أو سقط ثمره، مما أثبت أن رأي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة الدنيوية البحتة لم يكن صوابًا.
3- الموقف الثاني: بيان القاعدة العظيمة:
عندما أخبر الصحابةُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بنتيجة ترك التلقيح، بيَّن لهم صلى الله عليه وسلم بأبلغ بيان الفرق بين مقام النبوة والوحي، ومقامه كبشرٍ يجتهد في أمور الدنيا مثل غيره. فقال: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ».
### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- بشرية النبي صلى الله عليه وسلم: يؤكد الحديث أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم بشرٌ، لا يعلم الغيب، وقد يخطئ الاجتهاد في الأمور الدنيوية التي لا تتعلق بالوحي. وهذا من كمال نبوته وصدقه؛ فهو لا يدعي علم كل شيء، بل يبين الحق كما أوحي إليه. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ} [الكهف: 110].
2- التمييز بين التشريع والرأي: هذه هي القاعدة الذهبية المستفادة من الحديث. فكل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم على أنه وحْيٌ تشريعي في أمور الدين والعبادات والمعاملات والأخلاق فهو حقٌ واجبُ الاتباع، وهو معصومٌ من الخطأ. وأما ما صدر عنه على أنه رأيٌ بشري في أمور الدنيا كالزراعة والطب والاستراتيجية العسكرية (مثل رأيه في موقع غزوة بدر) فهو غير معصوم، ويجوز فيه الاجتهاد والخطأ والصواب.
3- وجوب طاعة النبي في أمر الدين: قوله: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ» تأكيد على أن طاعته صلى الله عليه وسلم في التشريع واجبة، وهي جزء من طاعة الله تعالى.
4- الأخذ بالخبرة والتجربة: الحديث يحث على الأخذ بأسباب الدنيا والخبرات البشرية والتجارب العملية. فليس في الدين ما يعارض التقدم العلمي والتجريبي في مجالات الحياة المختلفة.
5- أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث تركو التلقيح امتثالاً لأمره، وعندما رأوا النتيجة ناقشوه بأدبٍ ورفقٍ ليبين لهم الحكم، فلم يعترضوا بعنف أو يقولوا "أخطأت".
6- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث اعترف بالحقيقة وبيَّنها لأصحابه دون تردد أو تكبّر، وهذا من أخلاقه العظيمة صلى الله عليه وسلم.
### خامسًا. معلومات إضافية مفيدة
* هذا الحديث أصلٌ من الأصول التي يستدل بها العلماء على أن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله التي هي من جنس الرأي والاجتهاد في أمور الدنيا لا تدخل في باب التشريع الملزم، ولا تُعدُّ من الوحي.
* هذا الموقف لا ينقص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم، بل يزيده علوًا ورفعة؛ لأنه يظهر صدقه وأمانته في تبليغ الدين، وعدم ادعائه ما ليس له.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في كتاب الفضائل (٢٣٦٢) من طرق عن النضر بن محمد، حدثنا عكرمة (وهو ابن عمار)، حدثنا أبو النجاشي، حدثني رافع بن خديج. فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 67 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون: يلقحون النخل

  • 📜 حديث: قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون: يلقحون النخل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون: يلقحون النخل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون: يلقحون النخل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون: يلقحون النخل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب