حديث: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من باع نخلا قد أبرت، وعبدا له مال

عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من ابتاع نخلا بعد
أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدا فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع».

متفق عليه: رواه البخاري في الاستقراض (٢٣٧٩)، ومسلم في البيوع (١٥٤٣: ٨٠) كلاهما من طريق الليث، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، عن أبيه عبد الله فذكره.

عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من ابتاع نخلا بعد
أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدا فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يضع قاعدة عظيمة من قواعد المعاملات في الإسلام، تحفظ الحقوق وتزيل النزاع.

أولاً. شرح المفردات:


● ابْتاع: اشترى.
● نخلاً: أشجار النخيل.
● أُؤبِّرَت: أُلقحَت، أي تم تلقيحها لتثمر. والتأبير هو عملية التلقيح المعروفة لدى أهل الزراعة.
● فثمرتها: ما يخرج منها من الرطب أو التمر.
● إلا أن يشترط المبتاع: إلا إذا اشترط المشتري عند العقد أن الثمرة له.

ثانياً. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حكمين مهمين:
1- حكم بيع النخيل المؤبر (الملقح):
إذا اشترى شخص نخلة (أو بستاناً) وقد تم تلقيحها (تأبيرها) بالفعل، فإن الثمرة التي تخرج منها تكون من حق البائع، وليست من حق المشتري. والسبب في ذلك أن الثمرة قد تكونت بسبب جهد البائع وتكبده نفقة التأبير قبل البيع. إلا إذا اشترط المشتري عند عقد البيع أن الثمرة له، فينص على ذلك في العقد، فيكون الشرط نافذاً.
2- حكم بيع العبد:
إذا اشترى شخص عبداً (ويمكن القياس عليه في عصرنا العامل أو الموظف بعقد)، فإن ما يكتسبه هذا العبد من مال بعد البيع (مثل أن يعمل في حرفة فيكسب مالاً) يكون من حق البائع السابق، وليس من حق المشتري الجديد. والعلة هنا أن هذا المال نتج عن جهد وعمل كان العبد مملوكاً له أثناءه. إلا إذا اشترط المشتري أن كسب العبد له، فينص على ذلك في العقد.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- العدل في المعاملات: يهدف الحديث إلى إقامة العدل بين المتعاقدين، ومنع الظلم والخصام، حيث أعطى الحق لمن يستحقه بحسب الجهد والسبب.
2- مراعاة أسباب الملكية: الإسلام يراعي الأسباب والمقدمات، فجعل الحق في الثمرة والكسب لمن بذل السبب في إنتاجهما (كالبائع الذي أنفق على التأبير، أو الذي كان يملك العبد حين بدأ العمل).
3- مشروعية الشرط في البيع: الحديث أصل في مشروعية الشروط في العقود، ما دامت لا تحرّم حلالاً أو تحلّ حراماً. فالمشتري له الحق أن يشترط أن الثمرة أو الكسب له.
4- وضوح العقد وخلوه من الغرر: يحذر الحديث من بيع مجهول العاقبة أو ما فيه غرر قد يؤدي إلى النزاع، فيبين الحكم مقدماً ليكون العقد واضحاً بين الطرفين.
5- القاعدة الفقهية المستفادة: يستنبط الفقهاء من هذا الحديث قاعدة كبرى وهي: "الخراج بالضمان"، أي أن من يضمن العيب أو الخسارة (الضمان) فهو الذي يستحق الغلة والربح (الخراج). فالبائع هنا هو الذي تحمل نفقة التأبير (الضمان) فكانت الثمرة له (الخراج).

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي عليها مدار كثير من أحكام البيوع في الفقه الإسلامي.
- يعمل بهذا الحديث في مسائل كثيرة شبيهة، مثل: بيع شجرة فيها ثمر، أو بيع animal حامل، فالحمل تابع للأم في البيع، لكن لو اشترط المشتري أنه له جاز.
- الفقهاء يفرقون بين ما إذا كانت الثمرة قد ظهرت وبين ما إذا كانت في بداياتها، والحديث هنا يتكلم عن حالة التأبير التي هي مرحلة متقدمة من تكوّن الثمرة.
نسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الاستقراض (٢٣٧٩)، ومسلم في البيوع (١٥٤٣: ٨٠) كلاهما من طريق الليث، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، عن أبيه عبد الله فذكره.
ورواه أحمد (٤٥٥٢)، وأبو داود (٣٤٣٣)، والنسائي (٤٦٣٦)، وابن ماجه (٢٢١١)، وصحّحه ابن حبان (٤٩٢٣) كلهم من حديث سفيان، عن ابن شهاب به مثله.
وقد أشار مسلم إلى رواية سفيان، وأحال على رواية الليث، وقال: بمثله.
وكذلك رواه يونس عن ابن شهاب، حدثني سالم بن عبد الله بن عمر أن أباه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول بمثله.
رواه مسلم عن حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، فذكره، وأحال على لفظ حديث الليث.
فهؤلاء الثلاثة رووا عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله ﷺ، فجمع في القصة على النخل والعبد.
ورواه الشافعي في الأم (٢/ ٤٠) عن سفيان، عن الزهري. ولم يذكر فيه إلا النخل.
وله طريق آخر عن ابن عمر أن رجلا اشتري نخلا قد أبرها صاحبها، فخاصمه إلى النبي ﷺ، فقضى رسول الله ﷺ أن الثمرة لصاحبها الذي أبرها إلا أن يشترط المشتري.
رواه أحمد (٤٨٥٢) عن يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن ابن عمر. فذكره.
ورواه البيهقي (٥/ ٣٢٥) من وجه آخر عن قتادة، عن عكرمة بن خالد، وقال: وهذا منقطع، وقد روي عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن عكرمة بن خالد، عن الزهري، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، وقال: كأنه أراد حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه.
قال الأعظمي: من طريق هشام الدستوائي رواه النسائي في «الكبرى» (٤٩٩٤)، وقال: مثل حديث ابن عيينة، عن الزهري. (عن سالم، عن ابن عمر، كما في الصحيحين).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 70 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع

  • 📜 حديث: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب