من ابتاع عبدا وله مال فله ماله وعليه دينه

حديث: من ابتاع عبدا وله مال فله ماله وعليه دينه

عن ابن عمر، وجابر أن رسول الله ﷺ قال: «من ابتاع عبدا وله مال فله ماله، وعليه دينه إلا أن يشترط المبتاع، ومن أبَّر نخلا فباعه بعد تأبيره فله ثمره إلا أن يشترط المبتاع».

حسن: رواه ابن حبان (٩٤٢٤)، والبيهقي (٥/ ٣٢٥ - ٣٢٦) كلاهما من حديث سليمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر، وعطاء، عن جابر.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابيين الجليلين عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما:

الحديث:

«مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَلَهُ مَالُهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنُهُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَمَنْ أَبَّرَ نَخْلًا فَبَاعَهُ بَعْدَ تَأْبِيرِهِ فَلَهُ ثَمَرُهُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ».

1. شرح المفردات:

● ابْتَاعَ: اشترى.
● عَبْدًا: الشخص المملوك (الرقيق).
● وَلَهُ مَالٌ: أي أن للعبد المبيع مالًا خاصًا به.
● فَلَهُ مَالُهُ: أي أن مال العبد يكون للمشتري (سيده الجديد).
● وَعَلَيْهِ دَيْنُهُ: أي أن دين العبد يتحمله المشتري (سيده الجديد).
● إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ: إلا إذا اشترط المشتري خلاف ذلك عند العقد.
● أَبَّرَ نَخْلًا: أي قام بتلقيح النخل (وهو عملية تأبير النخل لجلب الثمر).
● بَعْدَ تَأْبِيرِهِ: بعد أن تم تلقيحه.
● فَلَهُ ثَمَرُهُ: أي أن الثمرة تكون للبائع (لأنه هو الذي قام بتأبيرها).
● إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ: إلا إذا اشترط المشتري أن الثمرة له.

2. شرح الحديث:

ينقسم الحديث إلى قسمين:
القسم الأول: بيع العبد الذي له مال أو دين:
- إذا اشترى شخص عبدًا (مملوكًا) ولهذا العبد مال خاص به (كمال اكتسبه من عمله أو هبة مثلاً)، فإن هذا المال ينتقل إلى المشتري (السيد الجديد) تلقائيًا ما لم يشترط المشتري خلاف ذلك.
- وكذلك إذا كان على العبد دين (مثلاً دين عليه لشخص آخر)، فإن هذا الدين يتحمله المشتري (السيد الجديد) ما لم يشترط خلاف ذلك.
- الاستثناء: إذا اشترط المشتري عند البيع أن مال العبد لا يكون له، أو أن دين العبد لا يتحمله، فالعبرة بالشرط؛ لأن الشروط في البيع معتبرة ما لم تخالف الشرع.
الحكمة:
هذا الحكم مبني على القاعدة الفقهية: "التبعية بالأعيان"، فمال العبد تابع له، فإذا انتقل العيد انتقل ماله تبعًا له، وكذلك دينه. لكن جعل الشرع الحق للمشتري في اشتراط عدم تحمل الدين أو عدم أخذ المال؛ مراعاةً لمصلحة المتعاقدين وتجنبًا للجهالة والغرر.
القسم الثاني: بيع النخل بعد التأبير:
- إذا قام شخص بتأبير النخل (أي تلقيحه ليأتي بالثمر)، ثم باعه بعد ذلك، فإن الثمرة الناتجة تكون للبائع (لأنه هو الذي بذل الجهد والتكلفة في التأبير)، ما لم يشترط المشتري خلاف ذلك.
- الاستثناء: إذا اشترط المشتري عند البيع أن الثمرة له، فالثمرة للمشتري؛ لأن العقد يشمل ما تم الاتفاق عليه.
الحكمة:
التأبير عمل وجهد يبذله البائع، فالثمرة نتاج هذا الجهد، فكانت من حق البائع. لكن لو اشترط المشتري أن الثمرة له، فذلك جائز؛ لأن الثمرة لم تظهر بعد، والشرط معتبر.

3. الدروس المستفادة:

1- مراعاة العدالة في المعاملات: الحديث يوضح أهمية العدل بين المتعاقدين ومراعاة الحقوق والأعباء.
2- اعتبار الشروط في العقود: الشروط التي لا تخالف الشرع معتبرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» (رواه أبو داود والترمذي).
3- التفريق بين تبعية المال والتبعية بالجهد: فمال العبد تابع له، أما ثمرة النخلة فتابعة للجهد المبذول فيها.
4- الحث على الوضوح في المعاملات: تجنبًا للنزاع، ينبغي التوضيح والاشتراط عند البيع.
5- مراعاة مصلحة المتعاقدين: الشرع راعى مصلحة البائع والمشتري، فجعل لهما الحق في الاشتراط.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل في باب الشروط في البيع، وفيه دليل على أن الأصل في المعاملات الإباحة ما لم تخالف نصًا شرعيًا.
- الفقهاء استدلوا به على أن تبعية العين تتبع أصلها ما لم يفصل بينهما.
- التأبير: هو عملية نقل طلع الذكر إلى الأنثى لتثمر، وهو يحتاج إلى خبرة وتكلفة.
- الحديث يدخل في باب "بيع الثمار قبل بدو صلاحها"، وفيه تفصيلات فقهية في كتب الفقه (كالمغني للشيخ ابن قدامة، والمجموع للنووي).

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان (٩٤٢٤)، والبيهقي (٥/ ٣٢٥ - ٣٢٦) كلاهما من حديث سليمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر، وعطاء، عن جابر. فذكره.
وإسناده حسن من أجل سليمان بن موسى، وهو الدمشقي الأشدق؛ فإنه حسن الحديث.
ورواه أبو داود (٣٤٣٥)، والبيهقي بإسنادين عمن سمع جابرا، عن جابر فذكره. وفيه رجل لم يسم، وهو قد يكون عطاء، وقد يكون أبا الزبير، كما في رواية ابن أبي شيبة (٧/ ١١٣).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 71 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ابتاع عبدا وله مال فله ماله وعليه دينه

📜 حديث: من ابتاع عبدا وله مال فله ماله وعليه دينه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من ابتاع عبدا وله مال فله ماله وعليه دينه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من ابتاع عبدا وله مال فله ماله وعليه دينه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من ابتاع عبدا وله مال فله ماله وعليه دينه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية