حديث: تزويج الثيب بغير رضاها ورد النبي ﷺ نكاحها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب رد زواج الثيّب الكارهة

عن خنساء بن خِدام الأنصارية، أنّ أباها زوَّجها -وهي ثيب- فكرهتْ ذلك. فأتت رسول اللَّه ﷺ فردَّ نكاحه.

صحيح: رواه مالك في النكاح (٢٥) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الرحمن ومُجمّع ابني يزيد بن جارية الأنصاري، عن خنساء بنت خِدام الأنصارية، فذكرته.

عن خنساء بن خِدام الأنصارية، أنّ أباها زوَّجها -وهي ثيب- فكرهتْ ذلك. فأتت رسول اللَّه ﷺ فردَّ نكاحه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يُبيِّن تكريم الإسلام للمرأة وصون إرادتها في أمر الزواج، وهو من الأحاديث التي تُظهر عدل الشريعة الإسلامية ورعايتها لحقوق المرأة. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا معتمدًا على كُتب أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظه كاملًا:


عن خنساء بنت خِدام الأنصارية، "أنَّ أباها زوَّجَها -وهي ثَيِّب- فكَرِهَت ذلك، فأتَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرَدَّ نكاحَهُ".
(رواه البخاري في صحيحه، حديث رقم 5138)


1. شرح المفردات:


● خنساء بنت خِدام الأنصارية: امرأة من الأنصار، وهي ثيب (سبق أن تزوجت من قبل).
● زوَّجها: أي عقد زواجها لرجل دون استئذانها أو موافقتها.
● ثيب: المرأة التي سبق لها الزواج وانفصلت عن زوجها بطلاق أو وفاة.
● فكرهت ذلك: لم توافق على هذا الزواج وكرهته.
● فأتت رسول الله ﷺ: ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي.
● فرد نكاحه: أبطل النبي صلى الله عليه وسلم عقد الزواج.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث يروي قصة امرأة من الأنصار اسمها خنساء بنت خِدام، وكانت ثيبًا (أي سبق لها الزواج من قبل)، فقام أبوها بتزويجها من رجل دون أن تستأذنها أو توافق على هذا الزواج. فلما علمت بذلك كرهته ولم ترضَ به، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو له ما فعل أبوها. فاستمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى شكواها، ثم أَبطَلَ عقد الزواج الذي عقده أبوها دون رضاها.


3. الدروس المستفادة منه:


● اشتراط رضا المرأة في الزواج: هذا الحديث دليل واضح على أن للمرأة الحق في قبول أو رفض الزواج، سواء كانت بكرًا أم ثيبًا. فإذا أُكرهت على الزواج دون رضاها، فالعقد غير صحيح.
● حق المرأة في الاعتراض: يُبيّن الحديث أن للمرأة الحق في التعبير عن رغبتها ورفضها، ولها أن تطلب إنصافها من القضاء الشرعي.
● عدل الإسلام ورعايته لحقوق المرأة: جاء الإسلام ليُكرّم المرأة ويصون إرادتها، ويحفظ حقوقها، خلافًا لما كان يحدث في الجاهلية من إهدار لإرادة المرأة.
● دور ولي الأمر في الزواج: يجب على الولي (كالأب أو غيره) أن يستأذن المرأة ويأخذ رضاها، ولا يجوز له إجبارها على الزواج، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُنكح الأيم حتى تُستأمر، ولا البكر حتى تُستأذن" (رواه البخاري ومسلم).
● الثيب أولى بالاختيار من البكر: في هذا الحديث أن خنساء كانت ثيبًا، ومع ذلك أنكر النبي صلى الله عليه وسلم إجبارها على الزواج، مما يدل على أن حقها في الاختيار آكد.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد القرآن الكريم.
- الفقهاء استدلوا بهذا الحديث على بطلان نكاج الإكراه، وأنه لا يصح إذا لم ترضَ المرأة.
- لو كانت المرأة بكرًا (لم يسبق لها الزواج) فالأمر فيها كذلك، لكن يستحب للبكر أن تستحي فتسكت، وسكوتها دليل على رضاها، أما إذا اعترضت فالعقد لا يصح.
- هذا الحديث يرد على من يتهم الإسلام بأنه لا يعطي المرأة حق الاختيار في الزواج، بل هو يُكرّمها ويصون إرادتها.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في النكاح (٢٥) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الرحمن ومُجمّع ابني يزيد بن جارية الأنصاري، عن خنساء بنت خِدام الأنصارية، فذكرته.
ورواه البخاري في النكاح (٥١٣٨) من طريق مالك، به، مثله.
وأما ما جاء بلفظ: «لا نكاح لكِ، اذهبي فانكحي من شئت» فهو ضعيف. رواه سعيد بن منصور (١/ ١٥٧) من وجه آخر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: جاءت امرأة إلى رسول اللَّه ﷺ فقالت: فذكرت نحوه.
وهذا مرسل، والمرسل ليس فيه حجة.
إن امرأة من ولد جعفر، تخوّفت أن يزوّجها وليّها وهي كارهة، فأرسلت إلى شيخين من الأنصار: عبد الرحمن ومجمّع ابْني جارية، قالا: فلا تخُشَين؛ فإنّ خنساء بنت خِدام أنكحها أبوها وهي كارهة، فردّ النبي ﷺ ذلك.
قال سفيان: وأما عبد الرحمن فسمعته يقول عن أبيه: «إن خنساء. . . .».
صحيح: رواه البخاري في الحيل (٦٩٦٩) عن علي بن عبد اللَّه، حدثنا سفيان، حدثنا يحيى بن سعيد، عن القاسم، أن امرأة من ولد جعفر. فذكره. والقاسم هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق.
وقول سفيان: أما عبد الرحمن -يعني ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر. وقوله: فسمعته يقول عن أبيه أن خنساء- أنه أرسله، فلم يذكر فيه عبد الرحمن بن يزيد ولا أخاه.
ذكره ابن حجر في «الفتح» (١٢/ ٣٤١) وقال: وأخرجه ابن أبي عمر في مسنده، ومن طريقه الإسماعيلي فقال: عن سفيان، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن القاسم أن خنساء. فذكره
وقصر في سنده. وقال: وتقدم رواية مالك عن يحيى بن سعيد موصولًا. انتهى.
كذا قال في رواية مالك، ومالك لم يخرجه في الموطأ إلا عن عبد الرحمن بن القاسم، ومن طريقه البخاري في النكاح كما سبق.
ولكنه أخرجه أيضًا البخاري في النكاح عقبه (٥١٣٩) عن إسحاق أخبرنا يزيد، أخبرنا يحيى أن القاسم بن محمد حدثه أن عبد الرحمن بن يزيد ومجمع بن يزيد حدثه أن رجلًا يدعي خِدامًا أنكح ابنة له. . ولم يسق بقية اللفظ.
وإسحاق هو ابن راهويه. ويزيد هو ابن هارون.
ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري.
ومن طريق يزيد بن هارون رواه أيضًا أحمد (٢٦٧٨٩) فساق لفظه كاملًا وفيه: فتزوجت أبا لباية بن عبد المنذر. فذكر يحيى أنه بلغه أنها كانت ثيّبًا.
ورُوي تفصيل ذلك في حديث الحجاج بن السائب بن أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري أن جدته أم السائب خُناس بنت خِدام بن خالد كانت عند رجل قبل أبي لبابة تأيّمتْ منه. فزوجها أبوها خِدام بن خالد رجلًا من بني عمرو بن عوف بن الخزرج. فأبتْ إلا أن تحط إلى أبي لبابة. وأبي أبوها إلا أن يُلْزمها العَوفي حتى ارتفع أمرهما إلى رسول اللَّه ﷺ. فقال رسول اللَّه ﷺ: «هي أولى بأمرها» فألحقها بهواها. قال: فانتزعَتْ من العوفي، وتزوجتْ أبا نبابة فولدت له أبا السائب بن أبي لُبابة.
رواه الإمام أحمد (٢٦٧٩٠) قال: قرأت على يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني الحجاج بن السائب فذكره.
وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق مدلس، إلا أنه صرّح ولكن شيخه الحجاج بن السائب لم يوثّقه أحد غير ابن حبان، ولم يرو عنه إلا ابن إسحاق وهو من رجال التعجيل، وقد قال أبو حاتم: «مجهول». «الجرح والتعديل» (٣/ ١٦١) ثم في إسناده إرسال. ولكن رواه الدارقطني (٣/ ٢٣١) وعنه البيهقي (٧/ ١١٩) من حديث محمد بن إسحاق وزاد فيه عن أبيه، عن جدته خنساء بنت خِدام ابن خالد فذكر الحديث.
ورُوي أيضًا عن ابن عباس قال: إن خدامًا أبا وديعة أنكح ابنته رجلًا، فأتت النبي ﷺ فاشتكتْ إليه أنها أنكحت، وهي كارهة، فانتزعها النبي ﷺ من زوجها، وقال: «لا تكرهوهن».
قال: فنكحت بعد ذلك أبا لبابة الأنصاري، وكانت ثيّبًا.
رواه الإمام أحمد (٣٤٤٠) عن عبد الرزاق - وهو في مصنفه (١٠٣٠٨)، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرنا الخراساني، عن ابن عباس فذكره.
والخراساني هو عطاء بن أبي مسلم، لم يسمع من ابن عباس.
قال أبو داود في مراسيله (٣٤١) في حديث رواه عطاء الخراساني عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة»، عطاء الخراساني لم يدرك ابن عباس ولم يره، وكذا قال أحمد وابن معين وغيرهما.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 74 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تزويج الثيب بغير رضاها ورد النبي ﷺ نكاحها

  • 📜 حديث: تزويج الثيب بغير رضاها ورد النبي ﷺ نكاحها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تزويج الثيب بغير رضاها ورد النبي ﷺ نكاحها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تزويج الثيب بغير رضاها ورد النبي ﷺ نكاحها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تزويج الثيب بغير رضاها ورد النبي ﷺ نكاحها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب