تستأمر اليتيمة في نفسها فإن صمتت فهو إذنها

حديث: تستأمر اليتيمة في نفسها فإن صمتت فهو إذنها

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «واليتيمة تستأمر في نفسها، فإن
صمتت فهو إذْنها، وإن أبتْ فلا جواز عليها» يعني إذا أدركت فردّتْ.

حسن: رواه أبو داود (٢٠٩٣) والترمذي (١١٠٩) والنسائي (٢٣٧) وأحمد (٧٥٧٢) وصحّحه ابن حبان (٤٠٧٩، ٤٠٨٦) كلهم رووه عن جماعة عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وغيرهم، عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:

● وَالِيَتِيمَةُ: هي الصغيرة التي مات أبوها قبل أن تبلغ، وتكون تحت ولاية وليها (كجدها أو عمها أو أخيها).
● تَسْتَأْمَرُ: يُطلب منها الرأي والموافقة، أي يُستشار رأيها ويُسأل عن رغبتها.
● فِي نَفْسِهَا: أي في أمر زواجها وتزويجها.
● فَإِنْ صَمَتَتْ: أي إذا سكتت ولم تتكلم، ولم تبدِ اعتراضاً.
● فَهُوَ إِذْنُهَا: سكوتها يعتبر موافقةً ورضاً.
● وَإِنْ أَبَتْ: إذا رفضت وأعربت عن عدم موافقتها.
● فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا: لا يجوز إجبارها على النكاح، ولا يصح تزويجها قسراً.
● يَعْنِي إِذَا أَدْرَكَتْ فَرَدَّتْ: هذا بيان من الراوي (أبي هريرة) يوضح أن هذا الحكم خاص باليتيمة إذا بلغت سن الرشد وأدركت، ثم رفضت الزواج.

ثانياً. شرح الحديث:

يوجه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الأوصياءَ على اليتيمات (كالأجداد والأعمام والإخوة) إلى ضرورة استئذان اليتيمة البالغة الرشيدة في أمر زواجها، وألا يتم تزويجها بدون مشورتها وموافقتها.
● فإن صمتت فهو إذنها: إذا عُرض عليها الخاطب فسكتت حياءً أو موافقةً دون نطق صريح، فإن سكوتها هذا في مثل هذا المقام يُعتبر دليلاً على رضاها وموافقتها، لأن العادة أن المرأة تستحي من التصريح بالموافقة في مثل هذه الأمور.
● وإن أبت فلا جواز عليها: أما إذا صرَّحت بالرفض وعبَّرت عن عدم رغبتها في هذا الزواج أو في هذا الخاطب، فليس لوليها أن يجبرها عليه أو يزوجها قهراً، ولا يحل له ذلك.
وقوله: (يعني إذا أدركت فردت) توضيح من أبي هريرة رضي الله عنه أن هذا الحكم خاص بالبنت التي بلغت سن التكليف وأصبحت مميزةً عاقلةً تعرف مصلحتها، فلها حق الرفض أو القبول. أما الصغيرة التي لم تبلغ بعد، فوليّها هو الذي يتولى أمرها ويختار لها بما فيه مصلحتها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- احترام إرادة المرأة وكرامتها: الإسلام يكرس مبدأ الموافقة والرضا في عقد الزواج، ويحرم إجبار المرأة البالغة على الزواج بمن لا تريد، مما يدل على تكريم الإسلام للمرأة واحترامه لمشاعرها ورأيها.
2- مراعاة الحياء الفطري: اعتبار السكوت في مثل موقف العرض والخطبة إذناً هو من مراعاة الطبيعة التي فطر الله عليها النساء من الحياء والتعبير عن الرضا أحياناً بالسكوت والابتسام دون نطق.
3- الحكمة في ولاية اليتيمة: الحديث توجيه للأوصياء بأن ولايتهم على اليتيمات هي ولاية رعاية ومصلحة، وليست ولاية تحكم واستبداد، فلا يجوز لهم التصرف في مصائرهن دون مشورتهن وموافقتهن إذا كن بالغات رشيدات.
4- تحقيق مقاصد الزواج: من أهم مقاصد الزواج السكن والمودة والرحمة، وهذا لا يتحقق إذا أجبرت المرأة على زواجها، فموافقتها شرط أساسي لاستقرار الحياة الزوجية ونجاحها.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل عظيم من أصول اشتراط الولي ورضا المرأة معاً في عقد النكاح. فالنكاح لا يصح بدون ولي (لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل")، ولا يصح أيضاً بدون رضاها (لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "وإن أبت فلا جواز عليها").
- الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على أن سكوت البكر العاقلة البالغة عند عرض الخاطب يعتبر إذناً ورضاً، لحيائها المعهود.
- يشمل هذا الحكم البكر والثيب على السواء، بل إن الثيب (التي سبق لها الزواج) أولى بإبداء رأيها بوضوح وصراحة، ولها أن توافق أو ترفض دون حرج.
نسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا العمل بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٠٩٣) والترمذي (١١٠٩) والنسائي (٢٣٧) وأحمد (٧٥٧٢) وصحّحه ابن حبان (٤٠٧٩، ٤٠٨٦) كلهم رووه عن جماعة عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن كما قال الترمذي من أجل الكلام في محمد بن عمرو وهو ابن علقمة الليثي وهو حسن الحديث.
ورواه أبو داود (٢٠٩٤) عن محمد بن العلاء، حدثنا ابن إدريس عن محمد بن عمرو بهذا الحديث بإسناده وزاد فيه: قال: «فإن بكتْ أو سكتتْ» زاد «بكتْ».
قال أبو داود: «وليس»بكتْ«بمحفوظ، وهو وهم في الحديث، والوهم من ابن إدريس، أو من محمد بن العلاء».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 83 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تستأمر اليتيمة في نفسها فإن صمتت فهو إذنها

📜 حديث: تستأمر اليتيمة في نفسها فإن صمتت فهو إذنها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تستأمر اليتيمة في نفسها فإن صمتت فهو إذنها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تستأمر اليتيمة في نفسها فإن صمتت فهو إذنها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تستأمر اليتيمة في نفسها فإن صمتت فهو إذنها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية