حديث: إن هذه الأقدام بعضها من بعض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ثبوت النسب بالقافة

عن عائشة قالت: إن رسول اللَّه ﷺ دخل عليّ مسرورًا تبرق أسارير وجهه فقال: «ألم تري أن مجزّزًا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض».

متفق عليه: رواه البخاري في الحدود (٦٧٧٠) ومسلم في الرضاع (١٤٥٩) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة قالت: إن رسول اللَّه ﷺ دخل عليّ مسرورًا تبرق أسارير وجهه فقال: «ألم تري أن مجزّزًا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم فيه بشارة ودليل على صدق نبوة النبي ﷺ، ورد في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من دواوين السنة المعتمدة.

أولاً. شرح المفردات:


● مسرورًا: أي فرحًا مستبشرًا.
● تبرق أسارير وجهه: (الأسارير) جمع "سُرة"، وهي الخطوط التي تظهر في الجبين عند الفرح والابتسام. والمعنى: أن نور الفرح والسرور كان يظهر على وجهه الشريف ﷺ.
● مجزّزًا: هو مجزّز المدلجي، وكان من مشاهير علماء الفراسة (وهي الاستدلال على الأنساب والأخلاق من خلال النظر إلى شكل الإنسان).
● آنفًا: أي منذ وقت قريب.
● إن هذه الأقدام بعضها من بعض: أي أن صاحبَي هاتين القدمين بينهما قرابة ونسب؛ لأن شكل القدمين متشابه.

ثانيًا. شرح الحديث:


تخبرنا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ دخل عليها ذات يوم وهو في غاية السرور والفرح، حتى أن ملامح البهجة كانت ظاهرة على وجهه الكريم.
وسبب فرحه ﷺ أن رجلاً من العرب يُدعى "مجزّز المدلجي" وكان مشهورًا بدقته في علم الفراسة، نظر إلى زيد بن حارثة (مولى النبي ﷺ الذي كان يُدعى "زيد بن محمد" قبل الإسلام قبل أن يُحرّم التبني) وإلى أسامة بن زيد (وهو ابن زيد بن حارثة)، فلاحظ تشابهًا كبيرًا في هيئتهما وخاصة في شكل أقدامهما، فقال مقولته المشهورة: "إن هذه الأقدام بعضها من بعض"، أي أن بين هذين الرجلين صلة قرابة وثيقة.
والعجيب في الأمر أن مجزّزًا قال هذا وهو لا يعلم أن أسامة هو بالفعل ابن زيد بن حارثة! فقد استدل على نسبهما بمجرد النظر والفراسة، فصدق ظنه وكانت فراسته صحيحة.
ففرح النبي ﷺ بهذا؛ لأنه:
1- تحقق من صدق نبوته: فمنذ سنوات، كان المشركون يستهزئون بزيد وأسامة لاختلاف لونهما عن العرب (حيث كان زيد أسمر اللون، وكان أسامة شديد السواد)، وكانوا يقولون: كيف يكون هذا ابنه؟ فجاءت فراسة مجزّز لتثبت بالبرهان الحسي أن أسامة هو ابن زيد حقًا، مما يصدق قول النبي ﷺ وينفي شكوك المنافقين والمشركين.
2- إظهار الحق: فهو تأكيد على أن النسب الحقيقي هو ما أثبته الشرع، لا ما كان سائدًا في الجاهلية من التبني.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- صدق نبوة محمد ﷺ: فالحديث معجزة حسية ظاهرة، حيث جاءت فراسة مجزّز مصادفة لتؤكد وتبرهن على حقيقة كان النبي ﷺ يعلمها ويقول بها، فكانت بمثابة تكذيب للكافرين وتصديقًا له.
2- الفراسة قد تكون صحيحة: لا مانع من الفراسة إذا كانت based على ملاحظة ظواهر خلقية معروفة، ولكن لا يجوز الاعتماد عليها كليًا أو اتخاذها دينًا، فهي تخطئ وتصيب.
3- السرور بنصرة الحق وظهرانه: من أدب الدعاة أن يفرحوا عندما يظهر الله الحق ويزيل الشبهات، كما فرح نبينا ﷺ.
4- إثبات النسب الصحيح: الحديث يؤكد على أهمية إثبات النسب الحقيقي ونبذ عادة التبني الجاهلية التي كانت تخلط الأنساب.
5- تواضع النبي ﷺ وفرحه بما يرضي الله: فرحه كان لسبب عظيم يتعلق بإقامة الحق، ليس لأمر دنيوي.

رابعًا. معلومات إضافية:


● زيد بن حارثة: هو الوحيد من الصحابة الذي ذُكر اسمه في القرآن (في سورة الأحزاب) وكان النبي ﷺ يحبه حبًا شديدًا.
● أسامة بن زيد: كان شابًا صغيرًا حينها، ولكنه لاحقاً أصبح قائدًا للجيش الذي أرسله أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- لقتال الروم.
أسأل الله أن يكون الشرح قد وُفِّقَ فيه، وأن ينفعنا جميعًا بحب النبي ﷺ واتباع سنته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الحدود (٦٧٧٠) ومسلم في الرضاع (١٤٥٩) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة فذكرته.
قال أبو داود صاحب السنن (٢٢٦٨): «سمعت أحمد بن صالح يقول: كان أسامة أسود شديد السواد مثل الفار، وكان زيد (بن حارثة) أبيض مثل الطعن».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 87 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن هذه الأقدام بعضها من بعض

  • 📜 حديث: إن هذه الأقدام بعضها من بعض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن هذه الأقدام بعضها من بعض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن هذه الأقدام بعضها من بعض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن هذه الأقدام بعضها من بعض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب