حديث: إذن البكر صماتها
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الأيم أحق بنفسها، والبكر تستأذن
حسن: رواه الطبراني في الكبير (١٧/ ١٣٨) من طريق سفيان بن عامر، والطحاوي في شرح المعاني (٤/ ٣٦٨) من طريق يحيى بن أيوب كلاهما عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن، عن عدي بن عدي، عن أبيه، عن العرس بن عميرة فذكره واللفظ للطبراني.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف، الذي يوضح جانبًا من جوانب رحمة الإسلام وعدله في التعامل مع المرأة، وتكريمه لها في شأن زواجها.
الحديث:
عن العُرس بن عُميرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «آمروا النساء العرب الثيب عن نفسها، وإذن البكر صماتها».
1. شرح المفردات:
● آمروا النساء: أي استأمروهن، واستشيروهن، واسألوهن عن رأيهن وموافقتهن.
● العرب: هنا بمعنى الحرائر، أي النساء الأحرار، في مقابل الإماء.
● الثيب: هي المرأة التي سبق لها الزواج، سواءً بطلاق أو وفاة.
● عن نفسها: أي في أمر زواجها، واستبراءً لرضاها.
● البكر: هي المرأة التي لم يسبق لها الزواج.
● صماتها: أي سكوتها، وعدم اعتراضها، فهو دليل على رضاها وموافقتها.
2. شرح الحديث:
يأمر النبي ﷺ في هذا الحديث أولياء المرأة وأهلها بأن يستأذنوا المرأة ويستشيروها في أمر زواجها، ويستبرئوا رضاها، لكنه يفرق بين نوعين من النساء:
● الثيب: وهي التي سبق لها الزواج، وعرفت شؤون الحياة الزوجية، ولها خبرة ورأي. فيجب استئذانها صراحةً، وسؤالها عن موافقتها على الزوج، فلا يتم زواجها إلا برضاها التام الصريح.
● البكر: وهي التي لم تتزوج من قبل، وقد تكون حييةً تستحي من التصريح بالموافقة. فسكوتها وعدم اعتراضها عندما يُعرض عليها الخاطب أو يُذكر لها، يعتبر إذنًا منها ورضًا، فلا يحتاج وليها إلى نطقها بالموافقة صراحةً.
3. الدروس المستفادة منه:
● احترام إرادة المرأة: الإسلام يكرم المرأة ويحترم رأيها في أهم شؤون حياتها، وهو الزواج، فلا يجوز إجبارها على الزواج بمن لا تريد.
● الرحمة والتفهم للطبيعة البشرية: الشرع يراعي الفروق بين الناس، فالثيب لها تجربة وجرأة في التعبير عن رأيها، بينما البكر قد تستحي، فيكفي سكوتها دليلاً على الموافقة.
● ضمان الحقوق: هذا الحديث يؤكد على أن الزواج يجب أن يقوم على التراضي والاختيار، لا على الإكراه أو الإجبار.
● الحكمة الشرعية: التفريق بين البكر والثيب في طريقة أخذ الإذن ينبع من فهم طبيعة كل منهن، مما يضمن استمرار العلاقة الزوجية بسلام ومحبة.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وصححه عدد من العلماء.
- اتفق الفقهاء على أن إذن المرأة شرط لصحة عقد النكاح، وأنه لا يجوز إجبارها على الزواج.
- إذا امتنعت البكر عن الكلام أو أبدت اعتراضًا، فلا يجوز تزويجها، لأن سكوتها فقط هو الذي يعتبر إذنًا.
- يستحب للولي أن يستشير المرأة ويطلعها على من يخطبها، ويذكر لها محاسنه، ثم يأخذ رأيها، عملاً بهذا الحديث.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبينا محمد ﷺ، وأن يرزقنا الفهم الصحيح والعمل الصالح. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ولفظ الطحاوي: «الثيب تُعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها».
ورواه أيضًا البيهقي (٧/ ١٢٣) من حديث يحيى بن أيوب بإسناده لكنه أدخل بين يحيى وبين عبد اللَّه بن عبد الرحمن «أباه» وإسناده حسن من أجل سفيان بن عامر ويحيى بن أيوب فإنه تابع أحدهما الآخر.
ورواه الليث بن سعد، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن، ولم يذكر بين عدي بن عدي، عن أبيه «العرس بن عميرة».
ومن هذا الطريق رواه ابن ماجه (١٨٧٢) وأحمد (١٧٧٢٣) والبيهقي (٧/ ١٢٣) وعدي بن عدي لم يسمع من أبيه كما قال أبو حاتم.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن أبيه: «علي بن عدي روى عن أبيه مرسلًا، لم يسمع من أبيه، يدخل بينهما العرس بن عميرة، وكان عامل عمر بن العزيز على الموصل».
وقد أشار البيهقي إلى رواية الليث وقال: ولم يذكر العُرس في إسناده.
وفي الباب ما رُوي عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه ﷺ إذا أراد أن يُزوج شيئًا من بناته جلس إلى خدرها فقال: «إن فُلانًا يذكر فلانة» يسميها، ويسمي الرجلَ الذي يذكرها، فإن هي سكتت زوّجها، وإن كرهتْ نقرت الستر، فإذا نقرت لم يزوجها».
رواه الإمام أحمد (٢٤٤٩٤) عن حسين بن محمد، حدثنا أيوب بن عُتبة، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عائشة فذكرته.
وأيوب بن عتبة هو اليمامي أبو يحيى القاضي ضعيف باتفاق أهل العلم وقد خالف في روايته عن يحيى وهو ابن أبي كثير، فرواه جمع عن يحيى، عن المهاجر بن عكرمة قال: كان إذا خطب إلى النبي ﷺ بعض بناته أتى إلى الخدر فذكره.
هكذا رواه عبد الرزاق (١٠٢٧٩، ١٠٢٧٨، ١٠٢٧٧) وسعيد بن منصور (٥٧٧) والبيهقي (٧/ ١٢٣) كلهم من أوجه عن يحيى بن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة فذكره.
وهذا مرسل، وهو الصحيح، وكذا صحّحه الدارقطني في العلل (٩/ ٢٧٧) والبيهقي (٧/ ١٢٣) ثم المهاجر بن عكرمة هذا لم يوثقه أحد غير ابن حبان، ولذا قال الحافظ فيه: «مقبول» أي عند المتابعة، وإلا فلين الحديث.
وقد تابعه على وصله أبو الأسباط عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وعن عكرمة عن ابن عباس فذكر الحديث.
قال البيهقي: «كذا رواه أبو الأسباط الحارثي وليس بمحفوظ، والمحفوظ من حديث يحيى مرسل».
وروي مثله عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ أنه كان إذا أراد أن يزوج بنتا من بناته جلس عند خدرها، يقول: «إن فلانًا يخطب فلانة» فإن سكتتْ فذاك إذنها أو سكوتها إذنها.
رواه البزار -كشف الأستار (١٤٢١) - عن زكريا بن يحيى، ثنا شبابة بن سوّار، ثنا المغيرة بن مسلم، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة فذكره.
شيخ المصنف زكريا بن يحيى هو ابن أيوب أبو علي الضرير المدائني ترجمه الخطيب في تاريخه (٨/ ٤٥٨) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلًا، والمغيرة بن مسلم مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وروي مثله عن عمر بن الخطاب، وأنس، وغيرهم ولا يصح منها شيء غير أن مجموعه يدل على أن له أصلًا.
وأما ما رُوي عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «آمروا النساء في بناتهن» فهو ضعيف. رواه أبو داود (٢٠٩٥) عن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن إسماعيل ابن أمية، حدثني الثقة، عن ابن عمر فذكره.
ومن طريق أبي داود - أخرجه البيهقي (٧/ ١١٥) وفيه جهالة الثقة، فإن مثل هذا التوثيق غير مقبول عند المحدثين المحققين، وبه أعله المنذري ولم يقبل هذا التوثيق المجهول.
وأما معنى الحديث فكما قال الخطابي: «إن مؤامرة الأمهات في بضع البنات ليس من أجل أنهن تملكن من عقدة النكاح شيئًا، ولكن من جهة استطابة أنفسهن، وحسن العشرة معهن».
وقال: «ويحتمل أن الأم علمت من خاص أمر ابتها، ومن سر حديثها أمرا لا يستصلح لها معه عقد النكاح».
وفي الباب ما روي عن أبي موسى سمع النبي ﷺ يقول: «إذا أراد الرجل أن يزوج أبته فليستأذنها».
رواه أبو يعلى (٧٢٢٩) عن بندار، حدثنا سلْم بن قتيبة، حدثنا يونس سمع أبا بردة، سمع أبا موسى، سمع النبي ﷺ يقول: فذكره.
وإسناده حسن من أجل سلْم بن قتيبة فإنه حسن الحديث لولا مخالفته لعبد اللَّه بن داود كما
يأتي. وبندار هو محمد بن بشار.
ورواه أبو يعلى أيضًا (٧٢٣٠) عن بندار، عن عبد اللَّه بن داود، عن يونس، عن أبي بردة، عن النبي ﷺ ولم يذكر فيه أبا موسى. وهذا أصح فإن عبد اللَّه بن داود وهو أبو عبد الرحمن الخُريبي إمام حافظ فلا يقبل مخالفة سلْم بن قتيبة منه.
فقه الباب: في أحاديث الباب دليل على أن تزويج الثيّب لا يجوز إلا بإذنها.
فقوله ﷺ: «الأيم أحق بنفسها» أراد به أحق بنفسها من وليها في اختيار الأزواج من شاءت. فتقول مثلا: أنا أرضي فلانًا، ولا أرضى فلانًا.
وعلى الولي أن يزوجها كما تشاء هي، وليس هي تباشر بتزويج نفسها.
وأما الاستدلال بهذه الأحاديث على انعقاد النكاح بدون ولي فليس بصحيح.
قال الترمذي: «وقد احتج بعض الناس في إجازة النكاح بغير ولي بهذا الحديث، وليس في الحديث ما احتجوا به، لأنه قد روي من غير وجه عن ابن عباس، عن النبي ﷺ فقال: «لا نكاح إلا بولي«وإنما معنى قول النبي ﷺ: «الأيم أحق بنفسها من وليها«عند أكثر أهل العلم: أن الولي لا يزوجها إلا برضاها وأمرها. فإن زوجها فالنكاح مفسوخ على حديث خنساء بنت خِدام حيث زوجها أبوها وهي ثيب، فكرهت ذلك فرد النبي ﷺ نكاحها». انتهى.
في أحاديث الباب نهي عن إجبار البكر البالغ على النكاح لأن الاستئذان مناف للإجبار، ولكن وقع التفريق بين الثيب والبكر، فإن الثيب يجوز أن تخطب إلى نفسها وتأمر وليها بتزويجها بخلاف البكر فإنها تستحي أن تخطب إلى نفسها، وتتكلم في أمر نكاحها فجعل إذنها صماتها.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 80 من أصل 360 حديثاً له شرح
- 55 أيما رجل باع بيعا من رجلين فهو للأول منهما
- 56 عرض عمر حفصة على أبي بكر فصمت ولم يرجع إليه...
- 57 دخل علي رسول الله فقلت هل لك في أختي
- 58 التمس ولو خاتمًا من حديد
- 59 امرأة تعرض على النبي ﷺ نفسها
- 60 كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله
- 61 أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل؟
- 62 إنها صغيرة فخطبها علي فزوجها منه
- 63 تزوجني رسول الله وأنا بنت ست سنين
- 64 تزوج النبي عائشة وهي بنت سبع سنين
- 65 زواج النبي من عائشة وسودة بعد وفاة خديجة
- 66 ثلاثة لهم أجران
- 67 تزوجت يا جابر
- 68 بارك الله لك، أولم ولو بشاة
- 69 على الخير والبركة وعلى خير طائر
- 70 بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير
- 71 بارك الله فيكم وبارك لكم
- 72 مرحبًا وأهلاً قال رسول الله لعلي عند خطبة فاطمة
- 73 تزوجني رسول الله في شوال وبنى بي في شوال
- 74 تزويج الثيب بغير رضاها ورد النبي ﷺ نكاحها
- 75 الجارية البكر التي زوجها أبوها وهي كارهة تخيرها النبي ﷺ
- 76 لا تنكح البكر حتى تستأذن
- 77 رسول الله يدعو الله أن يذهب بالغيرة
- 78 تستأمر الجارية وإنها تستحي
- 79 البكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها
- 80 إذن البكر صماتها
- 81 اليتيمة لا تنكح إلا بإذنها
- 82 تُستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فقد أذنت
- 83 تستأمر اليتيمة في نفسها فإن صمتت فهو إذنها
- 84 الأيم أولى بأمرها واليتيمة تستأمر في نفسها
- 85 نهي المرأة عن طلب طلاق أختها
- 86 نهى رسول الله عن التلقي وبيع المهاجر للأعرابي
- 87 إن هذه الأقدام بعضها من بعض
- 88 أقْرِعُوا بَيْنَكُمْ فَمَنْ قُرِعَ فَلَهُ الْوَلَدُ
- 89 نهي الخطبة على خطبة المسلم
- 90 لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه
- 91 نصيحة النبي لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها
- 92 شُمي عوارضها وانظري إلى عُرقوبيها
- 93 طلاق ثلاثًا وليس لها نفقة وعليها العدة
- 94 اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك
- 95 اللهم إنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم
- 96 امرأة جاءت إلى رسول الله لأهب لك نفسي
- 97 فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا
- 98 إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها
- 99 اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما
- 100 إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما...
- 101 زنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق
- 102 العينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع
- 103 أمرني رسول الله ﷺ أن أصرف بصري عن نظر الفجاءة
- 104 لا تتبع النظرة النظرة
معلومات عن حديث: إذن البكر صماتها
📜 حديث: إذن البكر صماتها
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذن البكر صماتها
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذن البكر صماتها
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذن البكر صماتها
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








