حديث: العزل موءودة صغرى كذبت يهود

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في العزْل

عن أبي سعيد الخدري أن رجلا قال: يا رسول اللَّه، إن لي جارية، وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل موءودة صغرى. فقال: «كذبت يهود، ولو أراد اللَّه أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه».

حسن: روي عن أبي سعيد الخدري من طرق:
منها: ما رواه يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي مطيع بن رفاعة، عن أبي سعيد الخدري فذكره.

عن أبي سعيد الخدري أن رجلا قال: يا رسول اللَّه، إن لي جارية، وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل موءودة صغرى. فقال: «كذبت يهود، ولو أراد اللَّه أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، وفق منهج أهل السنة والجماعة، معتمدًا على كبار شراح الحديث.

نص الحديث:


عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول اللَّه، إن لي جارية، وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل موءودة صغرى. فقال: «كذبت يهود، ولو أراد اللَّه أن يخلقه ما استطعت أن صرفه».


1. شرح المفردات:


* جارية: هنا تعني الأمة أو المملوكة، وهي المرأة التي يملكها سيدها ويتصرف فيها.
* أعزل عنها: العزل هو أن يجامع الرجل امرأته أو أمته ثم ينزع قبل أن يُفرغ ماءه (أي يقذف) في فرجها؛ وذلك خشية أن تحمل.
* موءودة صغرى: المَوءودة هي البنت التي كانت تُدفن حية في الجاهلية خوفًا من العار أو الفقر. فشبه اليهود منع الحمل بالعزل بقتل الولد بعد ولادته، فقالوا هو "موءودة صغرى"، أي قتل للولد المحتمل وقبل وجوده، لكنه في حكم قتله.


2. شرح الحديث:


جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في مسألة "العزل" عن جاريته (أمته)، وكان يفعله لسببين:
* كراهيته أن تحمل منه، ربما خوفًا من تعدد الأولاد أو ثقل المسؤولية.
* رغبته في إشباع رغبته الجنسية كما يفعل الرجال.
وذكر أن اليهود يقولون إن هذا الفعل (العزل) يعتبر قتلًا للولد المحتمل، فهو كالوأد ولكن بصورة أصغر.
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم جوابًا حاسمًا فيه أمران:
* الأول: تكذيب اليهود: فقال: «كذبت يهود». وهذا تكذيب لقولهم بأن العزل قتل أو وأد، فليس هو بقتل؛ لأن الولد لم يخلق بعد ولم تنعقد نطفته. فالحكم الشرعي لا يثبت على شيء لم يوجد أصلاً.
* الثاني: بيان حقيقة الخلق والقدر: فقال: «ولو أراد اللَّه أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه». وهذا تأكيد على عقيدة القضاء والقدر، وأن الخلق بيد الله تعالى وحده. فلو قدّر الله تعالى في الأزل أن يخلق من تلك الجماعة ولدًا، فلن يستطيع هذا الرجل منعه أو صرفه بأي وسيلة كانت، سواء بالعزل أو بغيره. والعزل مجرد سبب ظاهري، والمسبب الحقيقي هو مشيئة الله تعالى.


3. الدروس المستفادة منه:


1- بيان حكم العزل: الحديث أصل في بيان حكم العزل، وهو الجواز عند الحاجة، وهو مذهب جمهور العلماء (الشافعية والمالكية والحنابلة)، ولكنهم كرهوه من غير حاجة. واستدلوا بهذا الحديث حيث لم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم على السائل، بل أنكر فقط تشبيهه بالقتل. وقد وردت أحاديث أخرى تذكر أن الصحابة كانوا يعزلون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم فلم ينههم.
2- إثبات عقيدة القدر: الحديث دليل واضح على الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن كل شيء في الكون يحدث بمشيئته سبحانه. فالإنسان يتسبب، ولكن النتيجة بيد الله.
3- تحذير من تصديق أباطيل أهل الكتاب: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تصديق اليهود والنصارى في أخبارهم دون عرضها على الكتاب والسنة، خاصة فيما يتعلق بالشرائع والأحكام. فقال: «كذبت يهود» تحذيرًا للأمة من الانخداف بأقوالهم.
4- الفارق بين الوأد والعزل: بين الحديث الفرق الشاسع بين جريمة قتل الطفلة بعد ولادتها (الوأد) وهو من كبائر الذنوب، وبين منع الحمل قبل تكونه، وهو أمر جائز شرعًا.
5- مراعاة الظروف: يفهم من سؤال الرجل أن العزل كان عن جارية (أمة) وليس عن زوجة حرة، مما قد يشير إلى مراعاة ظروف ملك اليمين التي تختلف عن حال الزوجة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* الفرق بين العزل والوسائل الحديثة: العزل هو منع الحمل بطريقة طبيعية وقت الجماع، وهو ما كان معروفًا قديمًا. أما وسائل منع الحمل الحديثة (كاللولب والحبوب) فلها أحكامها الخاصة التي تختلف بحسب النية والظرف والضرر، ويجب استشارة أهل العلم الثقات فيها.
* الرخصة والمشورة:رغم أن العزل جائز، إلا أن الأَوْلَى للمسلم أن يستشير ويطلب البركة في الأولاد، فالأولاد نعمة عظيمة وزينة الحياة الدنيا، كما قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
* مصادر الشرح: تم الاعتماد في هذا الشرح على فهم كبار المحدثين وعلماء أهل السنة، ومن مراجعهم في شرح الحديث مثل: "فتح الباري" لابن حجر العسقلاني، و"شرح النووي على صحيح مسلم"، و"عمدة القاري" للعيني.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

روي عن أبي سعيد الخدري من طرق:
منها: ما رواه يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي مطيع بن رفاعة، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
رواه أبو داود (٢١٧١) ومن طريقه البيهقي (٧/ ٢٣٠) وأحمد (١١٤٧٧، ١١٢٨٨) والطحاوي في مشكله (١٩١٧) والنسائي في الكبرى (٩٠٧٩) كلهم من طرق عن هذا الوجه، وفيه أبو مطيع بن رفاعة، ويقال: أبو مطيع بن عوف، أحد بني رفاعة بن الحارث، وقيل: اسمه رفاعة، وقيل: فلان ابن رفاعة، ويقال: أبو رفاعة، لم يرو عنه سوى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلًا. كما لم يذكره أيضًا ابن حبان في «الثقات» فهو «مجهول» وفي التقريب «مقبول» أي عند المتابعة وهو كذلك.
وخالفه معمر فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر قال: فذكره نحوه.
رواه الترمذي (١١٣٦) عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا معمر فذكره، ورواه النسائي في الكبرى (٩٠٧٨) من وجه آخر عن معمر، وسكت عليه الترمذي، ولم أقف من تابع معمرًا على هذا وظاهر إسناده صحيح.
ومنها: ما رواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل عنهما جميعا عن أبي سعيد الخدري قال: لما أصبنا سَبْي بني المصطلق، استمتعنا من النساء، وعزلنا عنهن، قال: ثم إني وقفت على جارية في سوق بني قينقاع قال: فمر بي رجل من يهود فقال: ما هذه الجارية يا أبا سعيد؟ قلت: جارية لي أبيعها. قال: هل كنت تصيبُها؟ قال: قلت: نعم، قال: فلعلك تبيعها وفي بطنها منك سخلة؟ قال: قلت: أعزل عنها. قال: تلك الموءودة الصغرى. قال: فجئت رسول اللَّه ﷺ فذكرت ذلك له فقال: «كذبت يهود،
كذبت يهود».
رواه ابن أبي شيبة (١٦٨٧٠) والطحاوي في مشكله (١٩١٩) هما من حديث ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
ومنها ما رواه عياش بن عقبة الحضرمي، عن موسى بن وَرْدان، عن أبي سعيد الخدري قال: بلغ رسول اللَّه ﷺ أن اليهود يقولون: إن العزل هو الموءودة الصغرى، فقال رسول اللَّه ﷺ: «كذبت يهود» وقال رسول اللَّه ﷺ: «لو أفضيت لم يكن إلا بقدر» رواه البزار -كشف الأستار- (١٤٥٣) والطحاوي في مشكله (١٩١٨) واللفظ له، كلاهما من حديث عياش بن عقبة الحضرمي بإسناده.
قال البزار: «لا نعلم روى موسى عن أبي سعيد الا هذا، وهو صالح الحديث».
وقال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ٢٩٧): «وفيه موسى بن وردان، وهو ثقة وقد ضُعّف، وبقية رجاله ثقات».
ولحديث أبي سعيد أسانيد أخرى، وبها صار الحديث حسنًا، فإنه يُقوِّي بعضها بعضًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 180 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: العزل موءودة صغرى كذبت يهود

  • 📜 حديث: العزل موءودة صغرى كذبت يهود

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: العزل موءودة صغرى كذبت يهود

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: العزل موءودة صغرى كذبت يهود

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: العزل موءودة صغرى كذبت يهود

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب