حديث: قضاء النبي في مهر المتوفى عنها قبل الدخول

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فيمن تزوج ولم يسم صداقًا حتى مات

عن عبد الله بن مسعود في رجل تزوج امرأةً فمات عنها، ولم يَدخُل بها، ولم يَفْرِضْ لها الصداقَ. فقال: لها الصداقُ كاملًا، وعليها العدة، ولها الميراث.
قال معقل بن سنان: سمعت رسول الله ﷺ قضى في بروَع بنت واشق.

صحيح: رواه أبو داود (٢١١٤) والنسائي (٣٣٥٦) وابن ماجه (١٨٩١) وصححه ابن حبان (٤٠٩٨) والحاكم (٢/ ١٨٠ - ١٨١) كلهم من حديث عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله فذكره.

عن عبد الله بن مسعود في رجل تزوج امرأةً فمات عنها، ولم يَدخُل بها، ولم يَفْرِضْ لها الصداقَ. فقال: لها الصداقُ كاملًا، وعليها العدة، ولها الميراث.
قال معقل بن سنان: سمعت رسول الله ﷺ قضى في بروَع بنت واشق.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي ذكره السائل الكريم رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والترمذي في جامعه، وغيرهم، وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● لم يَدخُل بها: أي لم يجامعها بعد عقد النكاح.
● ولم يَفْرِضْ لها الصداقَ: أي لم يُحدد مقدار المهر في العقد أو بعده.
● لها الصداقُ كاملًا: أي تستحق المهر كاملاً غير منقوص.
● وعليها العدة: أي يجب عليها أن تتربص وتنتظر مدة معينة لا تتزوج فيها.
● ولها الميراث: أي ترث من زوجها المتوفى عنها.
● بروَع بنت واشق: هي المرأة التي قضى فيها النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحكم، وهي من قبيلة أسلم.

ثانياً. شرح الحديث:


يذكر الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حكماً في رجل تزوج امرأة بعقد نكاح صحيح، ثم مات عنها قبل أن يدخل بها (أي قبل الجماع)، وقبل أن يفرض لها صداقاً معيناً (أي لم يذكر مهراً محدداً في العقد أو بعده). فيبين ابن مسعود أن لها ثلاثة حقوق:
1- لها الصداق كاملاً: أي تستحق المهر كاملاً كما تستحقه المرأة إذا دخل بها زوجها، وذلك لأن العقد تم صحيحاً، فاستحقاق المهر ثبت بالعقد، والموت لا يسقطه.
2- وعليها العدة: أي يجب عليها أن تعتد عدة الوفاة، وهي أربعة أشهر وعشراً كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]. وذلك لأنها أصبحت زوجةً بالموت، فثبتت أحكام الزوجية.
3- ولها الميراث: أي ترث من زوجها المتوفى كما يرثها لو كانت هي المتوفاة، لأن العقد الصحيح أثبت بينهما التوارث.
ثم يأتي معقل بن سنان (وهو صحابي أيضاً) ليشهد بأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بهذا الحكم في امرأة اسمها "بروع بنت واشق"، مما يؤكد أن هذا الحكم ليس اجتهاداً من ابن مسعود، بل هو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- صحة العقد يترتب عليه جميع الأحكام: بمجرد عقد النكاح الصحيح، تترتب عليه جميع آثار الزواج من مهر وعدة وميراث، حتى لو لم يحصل دخول.
2- المهر يستحق بالعقد: إذا تم العقد ولو لم يفرض المهر، فإن للمرأة مهر المثل (أي ما يتعارف عليه لمثلها)، وإذا مات الزوج قبل الدخول فلها المهر كاملاً.
3- العدة واجبة بالعقد الصحيح: حتى لو لم يحصل دخول، لأن العدة من آثار عقد النكاح.
4- التوارث يثبت بالعقد: بمجرد العقد الصحيح يثبت التوارث بين الزوجين، ولو لم يحصل دخول.
5- الاهتمام بتوثيق السنة: حيث نقل الصحابة أحكام النبي صلى الله عليه وسلم بدقة لتبقى للأمة.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في باب النكاح، واحتج به الفقهاء في كتبهم.
- اتفق العلماء على أن المرأة إذا مات عنها زوجها قبل الدخول بها فإنها ترثه، وتعتد عدة الوفاة، ويجب لها الصداق الكامل.
- الصداق هنا هو مهر المثل، أي ما يتعارف عليه لمثلها في حال لم يكن مهر محدد.
- العدة هنا واجبة لأنها زوجة حقيقة، والوفاة تقطع النكاح، فوجبت العدة.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢١١٤) والنسائي (٣٣٥٦) وابن ماجه (١٨٩١) وصححه ابن حبان (٤٠٩٨) والحاكم (٢/ ١٨٠ - ١٨١) كلهم من حديث عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله فذكره.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين».
ورواه أبو داود (٢١١٥) والنسائي (٣٣٥٥) والترمذي (١١٤٥) وابن حبان (٤٠٩٩) كلهم من حديث منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود فذكر الحديث.
وفي لفظ النسائي: «فاختلفوا إليه قريبا من شهر لا يُفتيهم».
قال الترمذي: حسن صحيح.
ورواه أيضا النسائي (٣٣٥٨) وابن حبان (٤١٠١) والحاكم (٢/ ١٨٠) وعنه البيهقي (٧/ ٢٤٥) عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله أتم من هذا. وهذا لفظه: أتاه قوم فقالوا إن رجلا منا تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقا، ولم يجمعها إليه حتى مات، فقال عبد الله: ما سُئلت منذ فارقت رسول الله ﷺ أشد عليّ من هذه، فأتوا غيري، فاختلفوا إليه فيها شهرا، ثم قالوا: له في آخر ذلك: من نسأل إن لم نسألك وأنت من جلة أصحاب محمد ﷺ بهذا البلد ولا نجد غيرك؟ قال: سأقولُ فيها بجهد رأيي، فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، أرى أن أجعلَ لها صداقَ نسائها، لا وكسَ ولا شططَ، ولها الميراثُ وعليها العدة أربعة أشهر وعشرا، قال: وذلك بسمع أناس من أشجع فقاموا فقالوا: نشهد أنك قضيتَ بما قضي به رسول الله في امرأة منا يقال لها: بروع بنت واشق، قال: فما رؤي عبد الله فرح فرحه يومئذ إلا بإسلامه. واللفظ للنسائي.
ورواه أبو داود (٢١١٦) وأحمد (٤٢٧٦) والبيهقي (٧/ ٢٤٦) كلهم من حديث سعيد بن أبي عروة، عن قتادة عن خلاس وأبي حسان، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن مسعود أتي في رجل بهذا الخبر. قال: فاختلفوا إليه شهرا، أو قال: مرات. قال: فإني أقول فيها فذكر مثله.
فقام أناس من أشجع فيهم: الجراح وأبو سنان فقالوا: يا ابن مسعود، نحن نشهد أن رسول الله ﷺ قضاها فينا في بروَع بنت واشق، وزوجِها هلال بن مرة الأشجعي كما قضيت. قال: ففرِحَ عبد الله بن مسعود فرحًا شديدًا حين وافق قضاؤُه قضاءَ رسول الله ﷺ. وإسناده صحيح أيضا.
وللحديث طرق أخرى. وإليها أشار الترمذي بقوله: «حديث ابن مسعود حسن صحيح، وقد رُوي عنه من غير وجه».
وقال البيهقي: «هذا الاختلاف في تسمية من روي قصة بروع بنت واشق، عن النبي ﷺ، لا يُوهن الحديث. فإن جميع هذه الروايات أسانيدها صحاح، وفي بعضها ما دل على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك.
فكأن بعض الرواة سقى منهم واحدا، وبعضهم سمّى اثنين، وبعضهم أطلق لم يسم، ومثله لا يرد الحديث. ولولا ثقة من رواه عن النبي ﷺ لما كان نفرح عبد الله بن مسعود معني. انتهى.
ورُوي عن علي بن أبي طالب خلاف هذا. وهو ما رواه عبد خير عن علي أنه كان يقول في الرجل: تزوج المرأةَ، فيموت عنها، ولم يفرضْ لها، ولم يدخل بها، أنه كان يجعل لها الميراثَ، وعليها العدة، ولا يجعل لها الصداق.
رواه عبد الرزاق (١١٧٣٨) عن الثوري، عن عطاء بن السائب، عن عبد خير، عن علي فذكره.
وعطاء بن السائب اختلط بآخره، ولكن الثوري وهو سفيان بن سعيد الثوري سمع منه قبل الاختلاط. ورواه عبد الرزاق (١١٧٣٧) أيضا من وجه آخر نحوه.
وبهذا قال جمع من الصحابة وهم زيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، وهو قول الشافعي في القديم. ثم رجع عنه بعد ما بلغه حديث بروع بنت واشق بأن لها الصداق.
وإلى هذا الخلاف يشير الترمذي عقب حديث ابن مسعود فقال:
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم. وبه يقول الثوري وأحمد وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ، منهم: علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر: إذا تزوج الرجل المرأة ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقا حتى مات، قالوا: لها الميراث، ولا صداق لها، وعليها العدة. وهو قول الشافعي. قال: لو ثبت حديث بروع بنت واشق لكانت الحجة فيما روي عن النبي ﷺ. وروي عن الشافعي أنه رجع بمصر بعد هذا القول، وقال بحديث بروع بنت واشق». انتهى.
وفي الحديث من الفقه: جواز الاجتهاد في الحوادث من الأحكام فيما لم يوجد فيه نص مع إمكان أن يكون فيها نص وتوقيف. قاله الخطابي.
فإذا وقف على نص يخالف اجتهاده يرجع إلى النص ويترك اجتهاده، وإليه أشار الشافعي: «يُقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه» وقال: «إن حديث رسول الله ﷺ لا يثبت بنفسه، لا بعمل غيره بعده».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 325 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قضاء النبي في مهر المتوفى عنها قبل الدخول

  • 📜 حديث: قضاء النبي في مهر المتوفى عنها قبل الدخول

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قضاء النبي في مهر المتوفى عنها قبل الدخول

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قضاء النبي في مهر المتوفى عنها قبل الدخول

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قضاء النبي في مهر المتوفى عنها قبل الدخول

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب