اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها

حديث: اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها

عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قام بعد أن رجم الأسلمي فقال: «اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن أَلَمَّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله، فإنه من يبد لنا صفحة نُقِمْ عليه كتاب الله عز وجل».

صحيح: رواه الحاكم (٤/ ٢٤٤) والبيهقي (٨/ ٣٣٠) كلاهما من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، يقول: حدثني عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يتعلق بأمر خطير وهو حفظ المجتمع من انتشار الفواحش، وفي نفس الوقت حفظ كرامة التائب. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:

● قام بعد أن رجم الأسلمي: أي خطب الناس بعد تنفيذ حد الرجم على رجل من قبيلة أسلم كان قد زنى وهو محصن.
● القاذورة: هي كل شيء مستقذر ومكروه، والمقصود هنا الفواحش والذنوب العظيمة، وخاصة الزنا.
● أَلَمَّ: أي أصاب ذنباً من هذه الذنوب أو اقترفها.
● فليستتر بستر الله: أي فليخفِ ذنبه ويستره، ولا يفضح نفسه، والله سبحانه هو الستار يحب الستر.
● نُقِمْ عليه: أي ننفذ عليه، ونطبق ما أوجبه الله في كتابه من الحدود والعقوبات.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن نفذ حد الرجم على رجل من أسلم زنى وأقيم عليه البينة، قام خطيباً في الناس ليعلّمهم وينصحهم.
فقال صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها":
هذا أمر صريح باجتناب كل ما حرم الله من الفواحش والموبقات، لأنها تدنس النفس وتفسد المجتمع. وهو تحذير شديد من التهاون في مقارفة الذنوب.
ثم قال: "فمن أَلَمَّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله":
هذا توجيه رحيم لمن وقع في المعصية. فالبشر خطاء، وقد يزل الإنسان. فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يغلق باب الأمل، بل يرشد من وقع في الذنب إلى أمرين:
1- الستر: أن لا يفضح نفسه ويعلن عن ذنبه، بل يستر عليها ويتوب إلى الله بينه وبين ربه. وهذا من رحمة الله بعباده، فهو يحب الستر.
2- التوبة: أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله، ويندم على ما فعل ويعزم على عدم العودة.
ثم قال: "فإنه من يبد لنا صفحة نُقِمْ عليه كتاب الله":
هذا تحذير واضح. فمن أتى بالبينة على نفسه، أو فضح ذنبه وأظهره للناس، بحيث وصل إلى ولي الأمر (القاضي) وأصبح علناً، فإنه لا مهرب حينئذ من تطبيق حد الله عليه. فالدولة الإسلامية ملزمة بتطبيق شرع الله، فإذا ثبت الجرم بالبينة الشرعية وجب إقامة الحد.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- تحريم الفواحش والتحذير منها: يجب على المسلم أن يجتنب كل ما حرم الله، حفظاً لدينه وعرضه ومجتمعه.
2- رحمة الإسلام وسماحته: الإسلام دين يسر وليس عسر، فهو يشرع التوبة ويحث عليها، ويغلق باب الفضاحة والإعلان عن الذنوب.
3- فضل الستر على أهل المعاصي: من أعظم القربات ستر المسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». فلا يجوز للمسلم أن يتتبع عورات إخوانه أو ينشر معاصيهم.
4- وجوب إقامة حد الله إذا ثبت الجرم شرعاً: إذا بلغ الذنب ولي الأمر وأقيمت البينة، فإنه يجب تطبيق الحدود؛ لأن في ذلك زجراً للغير وحفظاً لأمن المجتمع وطهارته.
5- الفصل بين خطيئة الشخص وحكم المجتمع: الذنب خطيئة بين العبد وربه، يتوب منها ويستغفر. أما إذا أصبح جريمة معلنة، فإنها تتحول إلى قضية مجتمعية تستوجب العقاب الرادع.

رابعاً. معلومات إضافية:

● الحديث: رواه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. ورواه الطبراني في المعجم الكبير، وصححه الألباني.
● الفرق بين الحد والتعزير: الحديث يوضح أن الحد (كحد الزنا) لا يقام إلا إذا ثبت الجرم بإقرار أو بشهادة عدول. أما ما دون ذلك فهو من باب التعزير الذي يراعيه ولي الأمر.
● التوبة تهدم ما قبلها: التوبة النصوح تجب ما قبلها، حتى للقاتل والزاني، كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}.
نسأل الله أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يتوب علينا ويسترنا في الدنيا والآخرة.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحاكم (٤/ ٢٤٤) والبيهقي (٨/ ٣٣٠) كلاهما من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، يقول: حدثني عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، فذكره. إسناده صحيح.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها

📜 حديث: اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية