لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها

حديث: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها

عن عائشة زوج النبي ﷺ أن قريشًا أهمهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي ﷺ في غزوة الفتح. فقالوا: من يكلّم فيها رسول الله ﷺ فكلمه فيها أسامة بن زيد. فتلوّن وجه رسول الله ﷺ فقال: «أتشفع في حد من حدود الله؟» فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله ﷺ فاختطب. فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال: «أما بعد، فإنما أهلك من كان قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف، تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد. وإني، والذي نفسي بيده! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها.
قال يونس: قال ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: فحسنت توبتها بعد، وتزوجت، وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله ﷺ.

متفق عليه: رواه البخاري في الحدود (٦٧٨٨) ومسلم في الحدود (١٦٨٨) كلاهما عن طريق الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يحمل دروسًا عظيمة في العدل والمساواة وتطبيق شرع الله دون محاباة. وإليك الشرح الوافي له:

1. شرح المفردات:

● أهمهم شأن المرأة: أي أشغلهم أمرها وسبب لهم اهتمامًا كبيرًا.
● تلوّن وجه رسول الله ﷺ: تغير لون وجهه الشريف غضبًا لله تعالى.
● في حد من حدود الله: الحدود هي العقوبات المقدرة شرعًا للجرائم الكبيرة.
● اختطب: أي خطب في الناس وخطبته كانت وعظًا وتذكيرًا.
● أثنى على الله بما هو أهله: حمده وسبحه بما يستحق من صفات الكمال.
● فحسنت توبتها بعد: أي تابت توبة صادقة وندمت على ما فعلت.

2. شرح الحديث:

كانت هذه الواقعة في غزوة الفتح (فتح مكة) حيث سرقت امرأة من قبيلة قريش، وكانت من أسرة ذات مكانة، فاهتم قريش لأمرها وخافوا أن تقطع يدها، فطلبوا من أسامة بن زيد رضي الله عنه - وكان محبوبًا عند النبي ﷺ - أن يشفع لها. فلما كلم أسامة النبي ﷺ في ذلك، تغير وجهه غضبًا لله، وقال له: «أتشفع في حد من حدود الله؟» يعني: "أتَتوسط في عقوبة شرعية فرضها الله لا يجوز التعاطف فيها؟". فاستغفر أسامة النبي ﷺ، وعرف خطأه.
ثم قام النبي ﷺ في المساء وخطب في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم بين سبب هلاك الأمم السابقة وهو التفريق في تطبيق العدل بين الشريف والضعيف. ثم أقسم بالنفس التي بيده (وهو قسم عظيم) قائلًا: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، يعني: حتى لو كانت ابنتي فاطمة هي التي سرقت لطبقت عليها الحد دون تردد. ثم أمر بتطبيق الحد على المرأة فقطعت يدها.
وفي رواية ابن شهاب عن عروة عن عائشة: أن المرأة حسنت توبتها بعد ذلك، وتزوجت وكانت تزور عائشة رضي الله عنها لتطلب منها أن ترفع حاجتها إلى رسول الله ﷺ.

3. الدروس المستفادة منه:

● العدل والمساواة في تطبيق الشريعة: فلا فرق بين شريف ووضيع، أو غني وفقير، أو قريب وبعيد في تطبيق حدود الله.
● تحريم الشفاعة في الحدود: لا يجوز لأحد أن يتوسط أو يشفع لإسقاط حد شرعي؛ لأن ذلك انتهاك لحرمات الله.
● غضب النبي ﷺ لله: فغضبه كان لله تعالى عندما حاول أحد أن يتلاعب في حد من حدود الله.
● التوبة تغفر الذنوب: فمع أن المرأة قطعت يدها، إلا أنها تابت وحسنت توبتها وعاش حياتها الطبيعية بعد ذلك.
● القدوة في العدل: فالنبي ﷺ ضرب المثل الأعلى بأنه لا محاباة حتى لأقرب الناس إليه.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد القرآن.
- الحديث يدل على أن الحدود لا تسقط بالشفاعة أو الوساطة، بل يجب تطبيقها على الجميع.
- فيه بيان سبب هلاك الأمم السابقة وهو التفريق في تطبيق العدل.
- فيه فضل أسامة بن زيد رضي الله عنه حيث قبل عذره النبي ﷺ واستغفر له.
- وفيه أن تطبيق الحدود ليس انتقامًا، بل هو تطهير للفرد والمجتمع، كما أن التوبة مقبولة بعد العقوبة.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على تطبيق شرعه والعدل بين الناس. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الحدود (٦٧٨٨) ومسلم في الحدود (١٦٨٨) كلاهما عن طريق الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة.
ورواه مسلم من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، بإسناده عن عائشة، فذكرته والسياق له.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 10 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها

📜 حديث: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية