جلد مائة وتغريب عام فيمن زنى ولم يحصن

حديث: جلد مائة وتغريب عام فيمن زنى ولم يحصن

عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت النبي ﷺ يأمر فيمن زنى، ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام.
قال ابن شهاب: وأخبرني عروة بن الزبير: أن عمر بن الخطاب غرّب، ثم لم تزل تلك السنة.

صحيح: رواه البخاري في الحدود (٦٨٣١، ٦٨٣٢) عن مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز (هو ابن سلمة الماجشون)، أخبرنا ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي سألت عنه رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث التي تُبيّن حكمة الشريعة الإسلامية ورحمتها في تشريع العقوبات. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● زنى: ارتكب فاحشة الزنا، وهي الجماع المحرم بين رجل وامرأة لا تربطهما رابطة الزواج الشرعي.
● لم يُحصن: أي لم يكن محصناً. والإحصان في الشرع له عدة شروط، أشهرها: أن يكون الشخص حراً (غير عبد)، بالغاً، عاقلاً، مسلماً، وأن يكون قد تزوج زواجاً صحيحاً وعاشر زوجته في قُبلها.
● جَلد مائة: أي ضربه مائة جلدة.
● وتغريب عام: أي نفيُه وإبعاده عن بلده سنة كاملة.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يأمر (أي يحكم ويقضي) في حق من زنى (أي ارتكب جريمة الزنا) ولم يُحصن (أي لم يكن متزوجاً زواجاً صحيحاً، فهو بكر غير محصن) أن عقوبته هي جلد مائة جلدة في مكان عام، مع تغريب عام، أي إبعاده عن بلده ومجتمعه لمدة سنة كاملة.
ثم يذكر الإمام ابن شهاب الزهري (وهو من كبار أئمة الحديث) أن عروة بن الزبير أخبره أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه طبق عقوبة التغريب (أي النفي لمدة عام) بالإضافة إلى الجلد على من زنى وهو غير محصن، واستمر العمل بهذه السنة (أي هذه الطريقة والحكم) من بعده.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- مشروعية حد الزنا للبكر: ثبت بالسنة النبوية والإجماع أن عقوبة الزاني غير المحصن (البكر) هي الجلد مائة جلدة والنفي لمدة عام.
2- حكمة التشريع في عقوبة النفي (التغريب): في إبعاد الزاني عن بيئته التي أقدم فيها على المعصية حكمة عظيمة، وهي:
- كفُّه عن المعصية وإبعاده عن أسبابها.
- تطهير المجتمع من فاحشته وإبعاد شره.
- إتاحة فرصة له ليتوب ويندم ويعيد حساباته بعيداً عن المؤثرات القديمة.
3- وجوب تطبيق الحدود الشرعية: الحديث يأمر بالحكم بهذه العقوبة، مما يدل على وجوب تطبيق الحدود على من ارتكب موجباتها، وذلك بعد ثبوتها بالبينة الشرعية.
4- اتباع سنة الخلفاء الراشدين: فعل سيدنا عمر رضي الله عنه وتطبيقه للتغريب دليل على وجوب اتباع سنة الخلفاء الراشدين، كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: *«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي»*.
5- الرحمة في التشريع: المقصود من هذه العقوبة ليس التشفي أو التعذيب، بل الزجر والردع، وتطهير المجتمع من الفواحش، وإعطاء الفرصة للتائبين لينصلح حالهم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● عقوبة المحصن: الذي زنى وهو متزوج زواجاً صحيحاً وعاشر زوجته، فإن عقوبته تختلف، وهي الرجم حتى الموت، لحديث: *«والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة»*.
● شروط إقامة الحد: يشترط لإقامة حد الزنا شروط صارمة، منها: الإقرار أربع مرات، أو شهادة أربعة شهود عدول يشهدون بأنهم رأوا عملية الجماع ذاتها كالميل في المكحلة، وذلك صعوبةً في إثباته وحمايةً لأعراض الناس.
● التغريب في المذاهب: ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والحنابلة) إلى مشروعية التغريب مع الجلد للزاني البكر، بينما رأى الشافعية أن العقوبة هي الجلد فقط دون تغريب.
أسأل الله تعالى أن يبعد عنا وعنكم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقنا جميعاً لطاعته واجتناب معاصيه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الحدود (٦٨٣١، ٦٨٣٢) عن مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز (هو ابن سلمة الماجشون)، أخبرنا ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني، فذكره.
والمراد بكتاب الله الآية التي نُسِخت تلاوتها وبقي حكمها وهي: ﴿والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم﴾ وقيل غير ذلك.
وأما التغريب فثبت عن النبي ﷺ أنه غرّب، وبه قال أصحاب النبي ﷺ، منهم: أبو بكر، وعمر وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر وغيرهم. وكذلك روي عن غير واحد من فقهاء التابعين. وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وغيرهم.
وقال أبو حنيفة: لا يُنفي أحد، لأن فيه تمكينا له على الزنا، إلا أن يرى الإمام مصلحة
تعزيزًا وسياسة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 50 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: جلد مائة وتغريب عام فيمن زنى ولم يحصن

📜 حديث: جلد مائة وتغريب عام فيمن زنى ولم يحصن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: جلد مائة وتغريب عام فيمن زنى ولم يحصن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: جلد مائة وتغريب عام فيمن زنى ولم يحصن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: جلد مائة وتغريب عام فيمن زنى ولم يحصن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية