حديث: ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إقامة الحدود الحرمات الله

عن عائشة زوج النبي ﷺ أنها قالت: ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله ﷺ لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم الله بها.

متفق عليه: رواه مالك في حسن الخلق (٢) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرته، ورواه البخاري في المناقب (٣٥٦٠)، ومسلم في الفضائل (٢٣٢٧) كلاهما من طريق مالك، به، مثله.

عن عائشة زوج النبي ﷺ أنها قالت: ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله ﷺ لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم الله بها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يصف أخلاق النبي ﷺ العظيمة في تعامله مع الحياة والأشخاص.

أولاً. شرح المفردات:


● خُيّر: عُرض عليه أمران أو أكثر وطُلب منه الاختيار بينها.
● أيسرهما: الأسهل والأخف والأقل مشقة.
● إثمًا: معصية أو ذنب.
● انتهك حرمة الله: ارتُكِب محرّم من محارم الله أو انتهكت قداسة أمر من أمور الدين.
● ينتقم الله بها: ينتقم لحرمته هو سبحانه، لا انتقاماً للنفس.

ثانياً. شرح الحديث:


ينقسم الحديث إلى جزأين رئيسيين يصفان خلقيْن رفيعيْن للنبي ﷺ:
الجزء الأول: سهولة النبي ﷺ ويسره في أمور الحياة:
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه".
- هذا يصف منهج النبي ﷺ في حياته الدنيوية والأمور العادية. فإذا وُجّه إليه سؤال أو عُرضت عليه خيارات في أمر مباح، كاختيار طعام، أو لباس، أو طريق، أو طريقة لعمل ما، كان دائمًا يختار الأسهل والأيسر الذي لا حرج فيه ولا مشقة كبيرة. وهذا من رحمته ﷺ بأمته وتعليمهم التيسير وعدم التنطع والتشدد في غير موضعه.
- لكن هذه السهولة واليسر كانت مقيدة بشرط مهم وهو: "ما لم يكن إثمًا". فإذا كان الخيار الأسهل يتضمن معصية لله أو مخالفة شرعية، كان ﷺ أبعد الناس عن هذا الخيار، بل كان أشد الناس تحرزاً من الإثم وابتعاداً عنه، حتى لو كان سهلاً أو مغرياً في الظاهر. فالتيسير في المباحات، والشدة في المحرمات.
الجزء الثاني: عفو النبي ﷺ وعدم انتقامه لنفسه:
تقول: "وما انتقم رسول الله ﷺ لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم الله بها".
- هذا يصف جانباً عظيماً من أخلاق النبي ﷺ، وهو حلمه وعفوه وصفحه عن الإساءة الشخصية. فإذا أُوذي في نفسه، أو شُتم، أو أُسيء إليه بشكل شخصي، كان لا ينتقم لنفسه أبداً، بل يعفو ويصفح، وكان أحلم الناس عن إساءة المسيئين.
- لكن هذا العفو الشخصي لم يكن على حساب الدين. فإذا انتهكت حرمة من حرمات الله، كأن يُستهزأ بالدين، أو يُستحل حرام، أو يُنهى عن معروف، هنا كان موقف النبي ﷺ مختلفاً تماماً. كان يغضب لله وينتصب للدفاع عن دين الله، ويأخذ بحق الله تعالى، لا انتقاماً لنفسه، ولكن انتصاراً لحرمات الله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التيسير ورفع الحرج: الإسلام دين يسر وسهولة، وعلينا أن نتبع منهج النبي ﷺ في اختيار الأيسر والأسهل في أمور حياتنا الدنيوية المباحة، وعدم تعسير الأمور أو التشدد فيها.
2- الحدود بين المباح والمحرّم: يجب أن تكون عند المسلم واعية، فلا يتساهل في أمر فيه معصية أو إثم بحجة التيسير، فالتيسير في المباحات فقط.
3- خلق العفو والحلم: على المسلم أن يتخلق بالعفو والتسامح عن الإساءات الشخصية، وأن يكظم غيظه، ولا ينتقم لنفسه.
4- الغيرة لله: يجب أن يكون المسلم غيوراً على دين الله، لا يسكت على انتهاك حرماته، ويغضب لله تعالى، فهذا من كمال الإيمان.
5- القدوة العملية: النبي ﷺ هو الأسوة الحسنة، وفي هذا الحديث نموذج متكامل للتعامل مع شؤون الدنيا والدفاع عن شؤون الدين.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يجمع بين صفتين عظيمتين من صفات النبي ﷺ: الرفق واللين في المعاملة، والشجاعة والغيرة في الدين.
- يوضح الحديث الفرق بين الحق الشخصي (يتنازل عنه) والحق العام لله والمجتمع (يدافع عنه).
- منهج النبي ﷺ هذا هو تطبيق عملي لقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].
أسأل الله تعالى أن يرزقنا اتباع سنة نبيه ﷺ والتخلق بأخلاقه، وأن يجعلنا ممن يأخذون باليسر ويعفون عن الناس ويغضبون لله تعالى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في حسن الخلق (٢) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرته، ورواه البخاري في المناقب (٣٥٦٠)، ومسلم في الفضائل (٢٣٢٧) كلاهما من طريق مالك، به، مثله.
ورواه البخاري في الحدود (٦٧٨٦) من طريق عقيل، عن ابن شهاب، به، نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 9 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما

  • 📜 حديث: ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما خُيّر رسول الله ﷺ في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب