أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت فارجمها

حديث: أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت فارجمها

عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني، أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ فقال أحدهما: يا رسول الله، اقض بيننا بكتاب الله. وقال الآخر - وهو أفقههما -: أجل يا رسول الله، فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي أن أتكلم. قال: «تكلم» فقال: إن ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته، فأخبروني أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي. ثم إني سألت أهل العلم، فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام. وإنما الرجم على امرأته، فقال رسول الله ﷺ: «أما والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فردٌّ عليك» وجلد ابنه مائة، وغرّبه عامًا. وأمر أنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، «فإن اعترفت فارجمها»، فاعترفت فرجمها.

متفق عليه: رواه مالك في الحدود (٦) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني فذكراه.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث القضاء النبوي، يرويه أبو هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما، وفيه دروس وعبر في تطبيق شرع الله، والعدل بين الخصوم، وفقه الحدود.

أولاً. شرح المفردات:

● اختصما: تخاصما وتنازعا في أمر.
● عسيفا: أجيرًا يعمل عند غيره بأجر.
● زنى بامرأته: أي واقع امرأة صاحب العمل.
● افتديت منه: أي فديت ابني منه بدفع فدية.
● جارية: أمة.
● تغريب عام: أي إبعاده عن بلده لمدة سنة.
● أنيسًا الأسلمي: صحابي جليل، وهو من بني أسلم.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا الحديث عن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدهما طلب القضاء بكتاب الله، والآخر - وهو أفقههما - وافق لكنه طلب الإذن بالكلام ليبين تفاصيل القضية.
وكانت القضية كما يلي:
كان ابن الرجل الأفقه يعمل عند الرجل الآخر (صاحب العمل)، فزنى ابنه بزوجة صاحب العمل. فبلغ الأب أن عقوبة ابنه هي الرجم (القتل بالحجارة) لأنه محصن (أي متزوج)، ففداه من صاحب العمل بمائة شاة وجارية. ثم استفتى أهل العلم، فأخبروه أن ابنه غير محصن (لم يكن متزوجًا)، فعقوبته الجلد والتغريب، وأن العقوبة الكاملة (الرجم) هي على المرأة لأنها محصنة (متزوجة).
فأقسم النبي صلى الله عليه وسلم – وهذا القسم للتأكيد على عظمة الحكم – أنه سيقضي بينهما بكتاب الله حقًا، وحكم بأن يرد للرجل الأفقه مائة شاته وجاريته التي دفعها فدية، لأنها أخذت بغير حق، إذ كان ظنًا خاطئًا أن العقوبة رجم. ثم أمر بجلد ابنه مائة جلدة وتغريبه عامًا لكونه غير محصن، وأمر أنيسًا الأسلمي أن يذهب إلى امرأة صاحب العمل، فإن اعترفت بالزنا وهي محصنة (متزوجة) رجمها، فاعترفت فرجمت.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- وجوب القضاء بشرع الله: الحديث أصل في أن الحكم يجب أن يكون بما أنزل الله، وذم من يحكم بغير ذلك.
2- الحكمة من مشورة أهل العلم: الرجل لما استفتى أهل العلم، عرف الحكم الصحيح، وهذا يدل على وجوب الرجوع إلى العلماء في أمور الدين.
3- العدل ورفع الظلم: النبي صلى الله عليه وسلم أمر برد الغنم والجارية لأنها أخذت بناء على حكم خاطئ، فرفع الظلم عن صاحبها.
4- تفاصيل حد الزنا: الحديث يبين أن حد الزنا للمحصن (المتزوج) هو الرجم، ولغير المحصن (غير المتزوج) هو الجلد مائة وتغريب عام.
5- اشتراط الاعتراف أو البينة في إقامة الحد: لم يقم الحد على المرأة حتى اعترفت، فالإقرار هو أحد ways إثبات الزنا.
6- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في القضاء: استمع للخصمين، وأعطى كل ذي حق حقه، وطبق الشرع بحذافيره.
7- التثبت في الأمور وعدم الاستعجال: الأب لو تثبت من الحكم أولاً لما دفع الفدية، وهذا درس في عدم العجلة في الأمور المهمة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- الحديث متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم 2315) ومسلم (رقم 1697).
- "العسيف" هو الأجير، واشتقاقه من "السوف" أي العمل، ويطلق على الخادم والأجير.
- التغريب: هو إبعاد المحكوم عليه عن بلده سنة، وهو خاص بحد الزنا لغير المحصن عند جمهور الفقهاء.
- هذا الحديث من أدلة أهل السنة على ثبوت حد الرجم للمحصن، وهو ثابت في الكتاب والسنة وإجماع الصحابة.
نسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الحدود (٦) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني فذكراه.
ورواه البخاري في الحدود (٦٨٤٢، ٦٨٤٣) من طريق مالك، به، مثله.
ورواه مسلم في الحدود (١٦٩٨، ١٦٩٧) من وجوه أخرى عن الزهري.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 49 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت فارجمها

📜 حديث: أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت فارجمها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت فارجمها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت فارجمها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت فارجمها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية