حديث: أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن ومن لم يحصن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إقامة الحد على الأمة

عن أبي عبد الرحمن قال: خطب عليّ فقال: يا أيها الناس، أقيموا على أرقَّائكم الحد، من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإن أمة لرسول الله ﷺ زنت، فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي ﷺ فقال: «أحسنت».
وزاد في رواية: «اتركها حتى تماثل».

صحيح: رواه مسلم في الحدود (١٧٠٥) عن محمد بن أبي بكر المقدّمي، حدثنا سليمان أبو داود، حدّثنا زائدة، عن السّدي، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، به.

عن أبي عبد الرحمن قال: خطب عليّ فقال: يا أيها الناس، أقيموا على أرقَّائكم الحد، من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإن أمة لرسول الله ﷺ زنت، فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي ﷺ فقال: «أحسنت».
وزاد في رواية: «اتركها حتى تماثل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبينا الكريم.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه مسائل فقهية مهمة تتعلق بتنفيذ الحدود ورعاية حقوق العباد. وإليك الشرح الوافي له:

أولاً. شرح المفردات:


● أرقَّائكم: جمع رقيق، وهم العبيد والإماء المملوكون.
● الحد: العقوبة المقدرة شرعاً للزنا وهي الجلد.
● أحصن: من بلغ سن الزواج وتزوج وعاش مع زوجته، أو من كان حراً بالغاً عاقلاً. والمحصنة هنا: من كانت ذات زوج.
● لم يحصن: من لم يتزوج، أو من كان عبداً أو أمة.
● حديث عهد بنفاس: النفاس هو الدم الذي يخرج من المرأة بعد الولادة، و"حديث عهد" يعني أنها ما زالت في فترة النفاس.
● تماثل: تبرأ وتشفي من مرض النفاس وتقوى على تحمل العقوبة.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه خطب في الناس وحثهم على إقامة حد الزنا على عبيدهم وإمائهم، سواء كانوا متزوجين (محصنين) أو غير متزوجين (غير محصنين)، فلا فرق في إقامة الحد بين الحر والعبد في هذه الجريمة.
ثم ضرب مثلاً من الواقع يؤكد هذا الحكم، حيث إن أمة (جارية) من جواري رسول الله ﷺ قد زنت، فأمر النبي ﷺ علياً رضي الله عنه أن يقيم عليها حد الزنا (وهو الجلد). لكن علياً رضي الله عنه عندما هم بتنفيذ الأمر وجد أن هذه الأمة كانت حديثة عهد بولادة (في حالة نفاس)، فخاف - رضي الله عنه - أن يجلدها في هذه الحالة الضعيفة فيؤدي الجلد إلى موتها.
فما كان من أمير المؤمنين إلا أن يراجع النبي ﷺ ويستشيره في هذا التوقف المؤقت عن تنفيذ الحد، فأقرّه النبي ﷺ على ذلك وقال له: «أحسنت». وفي رواية أخرى زاد النبي ﷺ توجيهاً واضحاً: «اتركها حتى تماثل» أي حتى تشفى من حالة النفاس وتستعيد عافيتها وقوتها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب إقامة الحدود على الجميع: فالحدود تُطبق على الحر والعبد، الغني والفقير، القوي والضعيف، تحقيقاً للعدالة الإسلامية التي لا تميز بين الناس في تطبيق القانون.
2- مراعاة الظروف الإنسانية في تنفيذ العقوبات: من أعظم ما يميز الشريعة الإسلامية أنها تجمع بين تحقيق العدالة ومراعاة الظروف الإنسانية. فالعقوبة واجبة التنفيذ، لكن يمكن تأجيلها إذا كان في تنفيذها ضرر أكبر.
3- الحكمة في تطبيق الأحكام: ليس المطلوب التعجيل في العقاب بمجرد ثبوت الجريمة، بل المطلوب التأني والحكمة في اختيار وقت التنفيذ بما يحقق مقاصد الشريعة.
4- مشروعية التأجيل لعارض صحي: يجوز تأجيل إقامة الحد إذا كان المحكوم عليه مريضاً أو في حالة ضعف قد تؤدي إلى هلاكه بالعقوبة، حتى يشفى ويقوى على تحملها.
5- فضل الإمام علي رضي الله عنه: حيث جمع بين القوة في إقامة الحد والرحمة في اختيار الوقت المناسب، وفقهه في فهم مقاصد الشريعة.
6- جواز مراجعة الحاكم وطلب التخفيف: يجوز للمسؤول عن تنفيذ الحد أن يراجع القاضي أو الإمام إذا رأى ظرفاً يستدعي التأجيل أو التخفيف.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- حد الزنا للعبد أو الأمة غير المحصنين هو خمسون جلدة، أما المحصن فهو الرجم حتى الموت.
- النفاس له أحكام خاصة في الشريعة، منها أن المرأة في النفاس تعتبر معذورة في ترك الصلاة والصيام وغيرها من العبادات.
- هذا الحديث أصل في مسألة "تأجيل الحدود لعارض الصحة" وهو مقرر في جميع المذاهب الفقهية.
- يستفاد من الحديث أن حفظ النفس البشرية من المقاصد العليا للشريعة، حتى إنه يُقدم على إقامة الحد في بعض الظروف.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحدود (١٧٠٥) عن محمد بن أبي بكر المقدّمي، حدثنا سليمان أبو داود، حدّثنا زائدة، عن السّدي، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، به.
والرواية الأخرى من طريق إسرائيل، عن السدي بهذا الإسناد.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 48 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن ومن لم يحصن

  • 📜 حديث: أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن ومن لم يحصن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن ومن لم يحصن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن ومن لم يحصن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن ومن لم يحصن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب