نعم، رجم رسول الله ﷺ

حديث: نعم، رجم رسول الله ﷺ

عن أبي إسحاق الشيباني، قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل رجم رسول الله ﷺ؟ قال: نعم. قال: قلت: بعد ما أنزلت سورة النور أم قبلها؟ قال: لا أدري.

متفق عليه: رواه البخاري في الحدود (٦٨١٢) من طريق خالد (هو ابن عبد الله) ومسلم في الحدود (١٧٠٢) من طريق علي بن مُسهر، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني، به.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي تطلب شرحه رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت، وفيه إثبات حد الرجم في شريعة الإسلام، وهو من الحدود العظيمة التي شرعها الله لصيانة الأعراض وحماية الأنساب.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:

● أبو إسحاق الشيباني: هو إبراهيم بن محمد الشيباني، ثقة من رواة الحديث من طبقة كبار التابعين.
● عبد الله بن أبي أوفى: صحابي جليل، من الأنصار، شهد بيعة الرضوان وغزوة الخندق، وكان آخر من بقي بالكوفة من أصحاب النبي ﷺ.
● رجم: أي قتل المحصن (الزاني المحصن) بالحجارة حتى الموت. وهو حد من حدود الله.
● سورة النور: السورة التي فيها قول الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]. وهذه الآية في حد الزاني غير المحصن (البكر).

2. شرح الحديث:

يسأل التابعي الجليل أبو إسحاق الشيباني الصحابي عبد الله بن أبي أوفى سؤالين:
1- السؤال الأول: "هل رجم رسول الله ﷺ؟" أي: هل نفذ رسول الله ﷺ حد الرجم على من زنى وهو محصن (متزوج)؟
* فأجابه الصحابي: "نعم". وهذا إقرار منه بمشروعية الرجم وأن النبي ﷺ قد طبق هذا الحد، وهو مما تواتر فعله ﷺ، كقصة ماعز بن مالك وقصة المرأة الغامدية، وهي من الأمور المجمع عليها بين أهل العلم.
2- السؤال الثاني: "بعد ما أنزلت سورة النور أم قبلها؟" وهذا سؤال دقيق من أبي إسحاق، يريد به تحديد الزمن الذي نُفذ فيه الرجم، هل كان بعد نزول آية الجلد في سورة النور أم قبلها؟ فقد يظن ظان أن آية الجلد (مائة جلدة) نَسَخت حكم الرجم.
* فأجابه الصحابي: "لا أدري". أي أنه لم يحفظ أو يضبط الوقت الذي نُفذ فيه الرجم بالنسبة لتاريخ نزول السورة.

3. الدروس المستفادة منه:

1- إثبات حد الرجم: الحديث دليل قاطع على مشروعية الرجم للزاني المحصن، وهو حكم ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. فآية الجلد في سورة النور خاصة بغير المحصن (البكر أو البكراء)، وأما المحصن فحده الرجم، كما جاءت بذلك السنة النبوية القولية والفعلية.
2- علمية الصحابة ودقتهم: نلاحظ في هذا الموقف دقة الصحابي عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، حيث أجاب بما يعلم فقط (أن النبي رجم) وامتنع عن الجواب فيما لا يعلم (التوقيت)، وهذا من أخلاق العالم الذي لا يتكلم بغير علم. قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36].
3- حرص التابعين على الفهم: يظهر لنا حرص أبي إسحاق الشيباني (التابعي) على سؤال الصحابة والاستفادة منهم، وسؤاله عن التفاصيل الدقيقة لفهم الأحكام الشرعية وأسبابها وملابساتها.
4- جمع النصوص وعدم إهمال أي منها: السؤال يدفعنا إلى فهم أن نصوص الشرع لا تتعارض، فآية الجلد في سورة النور خاصة بفئة (غير المحصنين)، وحكم الرجم ثابت لفئة أخرى (المحصنون)، وكل منهما صحيح معمول به في محله. وليس هناك نسخ، بل تخصيص وتفصيل.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● حكمة مشروعية الرجم: شرع الرجم زجراً عن الفاحشة، وصيانة للأعراض والأنساب، وحماية للمجتمع من انتشار الرذيلة وضياع الأخلاق. وهو من رحمة الله بالمجتمع، فالعقوبة الشديدة على الفاحشة تمنع وقوعها وتحمي كرامة الإنسان وعفته.
● الرد على شبهة من أنكر الرجم: بعض أهل الأهواء أنكروا حد الرجم بحجة أن القرآن لم يذكره صراحة. والجواب أن السنة النبوية هي الوحي الثاني، وهي المبينة للقرآن. وقد أجمع الصحابة ومن بعدهم على ثبوت الرجم، ونفذه الخلفاء الراشدون، فهو حقيقة ثابتة لا مرية فيها.
● من أحكام الرجم: يشترط لإقامة حد الرجم على الزاني أن يكون محصناً (أي حراً بالغاً عاقلاً قد تزوج ودخل بزوجته)، وأن يثبت الزنا بإقراره أربع مرات أو بشهادة أربعة شهود عدول يشهدون بأنهم رأوا كالميل في المكحلة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الحدود (٦٨١٢) من طريق خالد (هو ابن عبد الله) ومسلم في الحدود (١٧٠٢) من طريق علي بن مُسهر، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني، به.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 30 من أصل 121 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نعم، رجم رسول الله ﷺ

📜 حديث: نعم، رجم رسول الله ﷺ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نعم، رجم رسول الله ﷺ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نعم، رجم رسول الله ﷺ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نعم، رجم رسول الله ﷺ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية