حديث: النهي عن نقرة الغراب وعن افتراش السبع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن نقرة الغراب والدِّيك في السجود

عن عبد الرحمن بن شِبْل قال: سمعتُ رسول الله ﷺ ينهى عن ثلاث: عن نقرة الغراب، وعن افتراش السبع، وأن يوطن الرّجل المقام كما يوطن البعير.

حسن: رواه أبو داود (٨٦٢)، والنسائي (١١٣)، وابن ماجة (١٤٢٩)، وصحّحه ابن خزيمة (٦٦٢)، وابن حبَّان (٢٢٧٧)، والحاكم (١/ ٢٢٩)، والبيهقي (٢/ ١١٨) كلّهم من حديث جعفر بن عبد الله، أن تميم بن محمود أخبره، أن عبد الرحمن بن شِبْل أخبره فذكر الحديث.

عن عبد الرحمن بن شِبْل قال: سمعتُ رسول الله ﷺ ينهى عن ثلاث: عن نقرة الغراب، وعن افتراش السبع، وأن يوطن الرّجل المقام كما يوطن البعير.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله ﷺ ينهى عن ثلاث: عن نَقْرَةِ الغُرَابِ، وعَنِ افْتِرَاشِ السَّبُعِ، وأَنْ يُوطِنَ الرَّجُلُ المَقَامَ كَمَا يُوطِنُ البَعِيرُ.


أولاً. شرح المفردات:


1- نَقْرَةِ الغُرَابِ: النقرة هي النقر، وهو الطرق السريع والمتقطع. وشُبّهت صلاة من لا يطمئن فيها بركوعها وسجودها، بل ينقرها نقرًا سريعًا من غير طمأنينة، بنقر الغراب للطعام؛ لأنه يضرب بمنقاره الأرض ضربًا سريعًا لالتقاط الطعام.
2- افْتِرَاشِ السَّبُعِ: الافتراش هو بسط الذراعين على الأرض، وهو هيئة من هيئات السجود. والسَبُع هو الحيوان المفترس، كالأسد أو الذئب. وشُبّه المصلي الذي يبسط ذراعيه على الأرض في سجوده - كما يفترش السبع - بهيئته عندما يريد الانقضاض على فريسته.
3- أَنْ يُوطِنَ الرَّجُلُ المَقَامَ: "يُوطِن" من الإيطان، أي يتخذ مكانًا معينًا ويديم عليه ويستقر فيه، كاستقرار البعير في مبركه. و"المقام" هنا هو موضع القيام في الصلاة، أي نفس البقعة التي يصلي فيها في المسجد.


ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:


ينهى النبي ﷺ في هذا الحديث عن ثلاثة أمور تتعلق بهيئة المصلي وأدبه في صلاته:
1. النهي عن الإسراع في الصلاة وعدم الطمأنينة فيها، بحيث يشبه المصلي في سرعته الغراب وهو ينقر بمنقاره.
2. النهي عن بسط الذراعين على الأرض كاملة أثناء السجود، على هيئة افتراش الحيوان المفترس.
3. النهي عن تخصيص المصلي لبقعة معينة في المسجد يداوم على الصلاة فيها وحده، كما يبرك البعير في مكان معين لا يغادره.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- الاهتمام بطمأنينة الصلاة: النهي عن "نقرة الغراب" يؤكد على ركن عظيم من أركان الصلاة، وهو الطمأنينة. فالطمأنينة في الركوع والسجود والقيام والجلوس واجبة، ومن لا يطمئن في صلاته فلا صلاة له، كما في الحديث الصحيح. وهذا تحذير شديد من العجلة والإسراع في أداء الصلاة، الذي يذهب بخشوعها ويحط من أجرها.
2- التوقير الكامل لله في الصلاة: النهي عن "افتراش السبع" يدل على أدب خاص في السجود، وهو ألا يبسط المصلي ذراعيه على الأرض بسطًا كاملاً، بل يرفع مرفقيه عن الأرض ويجافي عضديه عن جنبيه. هذه الهيئة تدل على التواضع الكامل لله مع عدم التشبه بحيوان همّه الانقضاض والافتراس. وهيئة السجود الصحيحة هي أن يكون المصلي مرفوعًا متخشعًا، لا منبطحًا على الأرض.
3- مراعاة حقوق المصلين وآداب المساجد: النهي عن "إيطان المقام" يحمل معنى اجتماعيًا عميقًا. فالمسجد للجميع، وتخصيص مكان ثابت له بمفرده قد يؤدي إلى:
* الإيذاء لمن سبقه إلى ذلك المكان.
* الشعور بالتميز والأنانية.
* النزاع والخصومة على المواضع.
* مخالفة هدي النبي ﷺ وأصحابه، حيث لم يكونوا يتخذون أماكن ثابتة لهم في المسجد.
* استثناء من كان له عذر كالشيخ الكبير أو الضرير، فيجوز له ذلك لضرورته.
4- تحريم التشبه بالحيوانات: النهي عن التشبه بالغراب والسبع في الصلاة يدل على مبدأ عام في الإسلام، وهو النهي عن التشبه بالحيوانات في الأفعال والهيئات، خاصة في العبادة التي يجب أن تؤدى على أكمل وجه وأجمله.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم نقرة الغراب: صلاة من لا يطمئن فيها باطلة؛ لأن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة.
* حكم افتراش السبع: هيئة مكروهة تنقص من كمال الصلاة، ولكنها لا تبطلها.
* حكم إيطان المقام: هو من الأمور المكروهة كراهة تنزيهية، إلا إذا أدى إلى أذى للغير أو نزاع، فتزيد الكراهة.
* البديل المشروع: المشروع للمصلي أن يتنقل في صفوف المسجد، فيصلي تارة في المقدمة، وتارة في الوسط، وتارة في المؤخرة، اقتداءً بالنبي ﷺ وحفاظًا على أخوة المسلمين.
أسأل الله تعالى أن يقبل منا صلاتنا، ويجعلنا فيها من الخاشعين، وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٨٦٢)، والنسائي (١١٣)، وابن ماجة (١٤٢٩)، وصحّحه ابن خزيمة (٦٦٢)، وابن حبَّان (٢٢٧٧)، والحاكم (١/ ٢٢٩)، والبيهقي (٢/ ١١٨) كلّهم من حديث جعفر بن عبد الله، أن تميم بن محمود أخبره، أن عبد الرحمن بن شِبْل أخبره فذكر الحديث.
قال الحاكم: «صحيح ولم يخرجاه لما قدمت ذكره من التفرد عن الصّحابة بالرواية». وقال
الذّهبيّ: «صحيح، تفرّد تميم عن ابن شبل».
وجعفر بن عبد الله هو ابن الحكم الأنصاريّ، وقد ينسب إلى جده فيقال: جعفر بن الحكم وهو والد عبد الحميد. وفي بعض طرقه روي هذا الحديث عن أبيه جعفر.
وإسناده حسن من أجل تميم بن محمود الأنصاري وهو تابعيّ، وثَّقه ابن حبَّان وليس له إِلَّا هذا الحديث ولكن قال البخاريّ في «التاريخ الكبير» (٢/ ١٥٤): «في حديثه نظر» وكل من ترجم تميم بن محمود لم يذكر فيه إِلَّا قول البخاريّ هذا مثل ابن عديّ، والعقيلي والمزي في «تهذيب الكمال»، والذّهبيّ، وابن حجر في «التهذيب» وغيرهم.
وقول البخاريّ: «في حديثه نظر» له عدة معانٍ كما ذكرته في كتابي «دراسات في الجرح والتعديل» ومن هذه المعاني: الإسناد الذي روي منه هذا الحديث فيه نظر. وهو كما قال، فقد رواه عثمان بن مسلم البتّي، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه أن رسول الله ﷺ نهي عن نُقرة الغُراب، وعن فِرشة السبع، وأن يوطن الرّجل مقامه في الصّلاة كما يوطن البعير.
رواه الإمام أحمد (٢٣٧٥٨) عن إسماعيل: أخبرنا عثمان البتيّ، به.
وفيه وهم من عثمان البتي في ذكر أبي عبد الحميد، والصحيح أنه جعفر بن عبد الله كما سبق.
وكذلك رواه الإمام أحمد (١٥٥٣٢) عن يحيى بن سعيد، عن عبد الحميد، قال: حَدَّثَنِي أبيّ، عن تميم بن محمود بإسناده إِلَّا أنه لم يسمه وهو جعفر بن عبد الله، كما هو ظاهر من الروايات الأخرى.
ثمّ سلمة هذا والد عبد الحميد لم يدرك النَّبِيّ ﷺ فحديثه مرسل؛ لأن منهم من جعل هذا الإسناد شاهدًا للإسناد الأوّل وبهذا صحَّ قول البخاريّ: «في حديثه نظر» والله تعالى أعلم.
وفي الباب ما رُوي عن أبي سعيد الخدريّ مرفوعًا: «إن أسوأ الناس سَرِقة الذي يسرق صلاته» قالوا: يا رسول الله! وكيف يسرِقُها؟ قال: «لا يُتم ركوعَها ولا سجودها».
رواه الإمام أحمد (١١٥٣٢)، وابن أبي شيبة (١/ ٢٨٨)، وأبو يعلى (١٣١١) كلّهم عن عفّان، حَدَّثَنَا حمّاد، أخبرنا عليّ بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدريّ فذكره.
وعلي بن زيد وهو: ابن جُدعان أبو الحسن القرشي التيميّ، قال شعبة: حَدَّثَنَا عليّ بن زيد - وكان رفاعًا، وكان ابن عينة يُضعفه، وقال الفلاس: كان يحيى القطان يتقي الحديث عن عليّ بن زيد، وقال أحمد: ضعيف، وتكلم فيه أيضًا يحيى بن معين، وأبو حاتم، والبخاري والفسوي وغيرهم.
وما رُوي عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله ﷺ: «أسرقُ الناس الذي يسرقُ صلاته» قيل: يا رسول الله، كيف يسرقُ صلاته؟ قال: «لا يُتم ركوعَها ولا سجودَها، وأبخلُ الناس من بَخل بالسلام».
رواه الطبرانيّ في الأوسط (٣٤١٦) عن جعفر «هو ابن معدان الأهوازيّ» قال: حَدَّثَنَا زيد، قال: حَدَّثَنَا عثمان بن الهيثم، قال: حَدَّثَنَا عوف، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل فذكر مثله.
قال الطبرانيّ: لم يرو هذا الحديث عن عبد الله إِلَّا الحسن، ولا عن الحسن إِلَّا عوف، ولا عن عوف إِلَّا عثمان، تفرّد به زيد.
انتهى. قلت: زيد هو: ابن الحَرِيش كما هو الظاهر من الرواية التي ذكرها الطبرانيّ قبل هذا عن جعفر بن معدان الأهوازيّ، قال: حَدَّثَنَا زيد بن الحَريش، وزيد هذا أيضًا الأهوازي كما قال ابن حبَّان في الثّقات (٨/ ٢٥١) وقال فيه: «ربما أخطأ».
وترجمه الحافظ في اللسان (٢/ ٥٠٣) ولكن قال: زيد بن الحرش الأهوازي ثمّ نقل قول ابن حبَّان وقال: قال ابن القطان: «مجهول الحال».
وأمّا الهيثميّ فقال في مجمع الزوائد (٢٧٢٢)، رواه الطبرانيّ في الثلاثة، ورجاله ثقات، وذلك على قاعدته في توثيق كل من ذكره ابن حبَّان في الثّقات.
وعثمان بن الهيثم وإن كان من رجال البخاريّ إِلَّا أن الإمام أحمد أومأ بأنه ليس بثبت، وقال أبو حاتم: كان صدوقًا غير أنه بآخره كان يتلقن ما يُلقن، وذكره ابن حبَّان في الثّقات. وكذلك فيه الحسن، وهو الإمام البصريّ، معروف بالتدليس ولم أجد له تصريحًا.
وما رُوي عن النعمان بن مُرة أن رسولَ الله ﷺ قال: «ما ترون في الشارب والسارق والزاني» وذلك قبل أن ينزل فيهم، قالوا: الله ورسولُه أعلم. قال: «هن فواحش، وفيهن عقويةٌ، وأسوأ السرقة الذي يسرقُ صلاته»، قالوا: وكيف يسرقُ صلاته يا رسول الله؟، قال: «لا يُتم ركوعَها ولا سجودَها».
رواه مالك في قصر الصّلاة (٧٢) عن يحيى بن سعيد، عن النعمان بن مرة، فذكره. قال ابن عبد البر: «لم يختلف الرواة عن مالك في إرسال هذا الحديث عن النعمان بن مرة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 328 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النهي عن نقرة الغراب وعن افتراش السبع

  • 📜 حديث: النهي عن نقرة الغراب وعن افتراش السبع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النهي عن نقرة الغراب وعن افتراش السبع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النهي عن نقرة الغراب وعن افتراش السبع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النهي عن نقرة الغراب وعن افتراش السبع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب