كما رأيت رسول الله ﷺ يفعل

حديث: كما رأيت رسول الله ﷺ يفعل

عن جُبَير بن نفير قال: خرجت مع شُرحبيل بن السِّمْط إلى قرية على رأس سبعة عشر، أو ثمانية عشر ميلًا. فصلى ركعتين فقلت له. فقال: رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين، فقلت له. فقال: إنَّما أفعل كما رأيتُ رسول الله ﷺ يفعل.

صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٦٩٢) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة، عن يزيد بن خُمير، عن حبيب بن عبيد، عن جبير بن نفير فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع:

الحديث:

عن جُبير بن نفير قال: خرجت مع شُرحبيل بن السِّمْط إلى قرية على رأس سبعة عشر، أو ثمانية عشر ميلًا. فصلى ركعتين فقلت له. فقال: رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين، فقلت له. فقال: إنَّما أفعل كما رأيتُ رسول الله ﷺ يفعل.
[أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" معلقًا بصيغة الجزم، والإمام مالك في "الموطأ"، والإمام أحمد في "المسند"، وغيرهم].

1. شرح المفردات:

● جُبير بن نفير: تابعي جليل، ثقة، من كبار تابعي أهل الشام.
● شُرحبيل بن السِّمْط: هو شرحبيل بن السمط الكلاعي، صحابي جليل، من أمراء الصحابة، وكان أميرًا على حمص.
● على رأس سبعة عشر ميلاً: أي بعد مسيرة هذه المسافة.
● بذي الحليفة: هي ميقات أهل المدينة للحج والعمرة، وتسمى الآن "آبار علي".

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر التابعي جبير بن نفير أنه خرج مع الصحابي الجليل شرحبيل بن السمط في سفر إلى قرية تبعد حوالي 17 أو 18 ميلاً (ما يعادل مسافة قصر الصلاة تقريبًا)، فلما حان وقت الصلاة، صلى شرحبيل ركعتين (أي قصر الصلاة الرباعية). فاستنكر جبير بن نفير ذلك منه، لأنه كان يظن أن القصر لا يكون إلا في سفر طويل. فرد عليه شرحبيل بأنه رأى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي ركعتين في ذي الحليفة (وهي ليست بعيدة عن المدينة)، فسأله عمر عن سبب ذلك، فأجابه عمر رضي الله عنه بأنه إنما يفعل ذلك اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان يقصر الصلاة في مثل هذا السفر.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- مشروعية قصر الصلاة في السفر: الحديث دليل على أن قصر الصلاة الرباعية (أي صلاتها ركعتين) سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يشترط للسفر الذي يقصر فيه الصلاة مسافة محددة بذاتها، بل المعتبر هو عرف الناس في اعتبار السفر سفرًا. ومسافة سبعة عشر ميلاً (حوالي 27 كم) كانت تعد سفرًا في عرفهم.
2- اتباع السنة والعمل بها: فعل عمر رضي الله عنه واتباع شرحبيل له ثم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، يدل على حرص الصحابة والتابعين على التمسك بالسنة والعمل بها، وبيانها للناس.
3- التدرج في التعليم والاستدلال: لما استنكر جبير بن نفير (التابعي) فعل شرحبيل، لم يزجره، بل بين له أن هذا الفعل هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم، من خلال سلسلة متصلة (عمر يقتدي بالنبي، وشرحبيل يقتدي بعمر، وهو يقتدي بشرحبيل). وهذا من أدب التعليم وحسن التبليغ.
4- أن قصر الصلاة لا يشترط له مسافة محدودة بذات العدد: بل المرجع في ذلك إلى العرف، فما عدّه الناس سفرًا قصرت فيه الصلاة، وما لم يعدّوه سفرًا لم يقصر. ومسافة 17 ميلاً كانت في عرفهم سفرًا.
5- فضل الصحابة وحرصهم على السنة: حيث ينقلونها بدقة ويربطون الأفعال بأصولها النبوية.
6- أن السفر الذي تقصر فيه الصلاة هو كل سفر يعده الناس سفرًا: سواء كان برياً أو بحرياً أو جوياً، والمهم أن يكون مما يعد في العرف سفراً معتاداً.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- ذو الحليفة (ميقات أهل المدينة) تبعد عن المسجد النبوي حوالي 14 كم، فصلاة عمر ركعتين فيها دليل على أن مسافة السشر التي تقصر فيها الصلاة أقل من 8 برد (أي حوالي 88 كم) الذي ذهب إليه بعض الفقهاء، بل المعتبر هو العرف.
- هذا الحديث أصل في اختلاف الفقهاء في مسافة قصر الصلاة، فمنهم من حددها بمسافة معينة (كـ 88 كم)، ومنهم من قال: المعتبر العرف، وهو رأي كثير من العلماء المحققين.
- القصر سنة مؤكدة، والسنة أن يقصر المسافر الصلاة الرباعية ولا يتمها، لقول الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101].

الخلاصة:

الحديث يدل على مشروعية قصر الصلاة في السفر، وأن المسافة التي يقصر فيها هي ما اعتبره الناس سفرًا، وأن الواجب على المسلم اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، كما فعل عمر وشرحبيل رضي الله عنهما.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صلاة المسافرين (٦٩٢) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة، عن يزيد بن خُمير، عن حبيب بن عبيد، عن جبير بن نفير فذكره.
ورواه أيضًا من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة بهذا الإسناد وقال: عن ابن السِّمْط. ولم يُسمِّ شُرحبيلَ، وقال: إنه أتى أرضًا يقال لها: دُومين من حِمص، على رأس ثمانية عشر ميلًا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1086 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كما رأيت رسول الله ﷺ يفعل

📜 حديث: كما رأيت رسول الله ﷺ يفعل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كما رأيت رسول الله ﷺ يفعل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كما رأيت رسول الله ﷺ يفعل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كما رأيت رسول الله ﷺ يفعل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية