إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه

حديث: إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه

عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: «إذا مات صاحبكم فدعوه، ولا تقعوا فيه».

صحيح: رواه أبو داود (٤٨٩٩) عن زهير بن حرب، حَدَّثَنَا وكيع، حَدَّثَنَا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: «إذا مات صاحبكم فدعوه، ولا تقعوا فيه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب. وها هو شرحه على النحو التالي:

### أولاً. تخريج الحديث ومصادره المعتمدة
هذا الحديث رواه الإمام أبو داود في سننه، والإمام ابن ماجه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهم. وقال عنه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع": صحيح.

### ثانياً. شرح المفردات
● «إذا مات صاحبكم»: "الصاحب" هنا يُقصد به أي إنسان، مسلماً كان أو كافراً، قريباً أو بعيداً. وهو تعبير يدل على المخاطبة اللطيفة.
● «فدعوه»: أي اتركوه وأعرضوا عنه، وانصرفوا عن الحديث في شأنه وعيوبه.
● «ولا تقعوا فيه»: "الوقوع" هنا يعني الاعتياب والطعن والاغتياب، أي لا تذكروه بسوء، ولا تتبعوا عوراته، ولا تتحدثوا عن مساوئه ومعايبه.

### ثالثاً. شرح الحديث والمعنى الإجمالي
يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بخلق عظيم من أخلاق الإسلام، وهو حرمة الميت وستر عيوبه. فالإنسان بمجرد أن تخرج روحه وينتقل إلى ربه، تدخل عليه أحكام الآخرة، ويصبح من الواجب على الأحياء الكف عن ذكر مساوئه وعيوبه التي كان يفعلها في الدنيا.
ليس معنى هذا تزكيته أو إنكار أن له ذنوباً وأخطاء، ولكن المعنى هو الامتناع عن التحدث بها وإشاعتها بعد موته. فهذا من باب الستر الذي حث عليه الإسلام، ولأن الحديث في عيوب الميت لا يفيده هو بشيء (فقد انقطع عمله) ولكنه يؤذي مشاعر أهله وأحبابه الأحياء، ويُذهب ماء وجهه.
ويشمل النهي أيضًا الحديث عن سبب موته بسوء، كأن يقال "مات لأنه كان يفعل كذا" أو نحو ذلك، فهذا من الوقوع فيه المنهي عنه.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً: فكما يحرم اغتيابه وهو حي، يحرم الوقوع في عرضه وهو ميت.
2- الرفق بأهل الميت والتأدب مع مصيبتهم: فإن ذكر عيوب ميتهم يزيد من حزنهم وألمهم، وهو خلاف الهدف من المواساة الشرعية.
3- التأكيد على خلق الستر: فالمسلم يستر على أخيه المسلم في حياته وبعد مماته، امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ».
4- التفرقة بين النصيحة والوقوع: النصيحة ببيان خطأ معين للاعتبار منه (بدون تشهير أو تجريح) لها ضوابطها وأحوالها، أما "الوقوع" فهو مجرد ذكر العيوب بقصد التنقيص أو الفضول.
5- استحضار عظمة الله وسعة رحمته: فالله هو الذي يتولى حساب عباده، وقد يعفو عن الميت ويتجاوز عنه، فمن نحن حتى نحاسبه ونشهر بذنوبه؟

خامساً:

أمور مهمة متعلقة بالحديث
● هل النهي عام لكل أحد؟ الجمهور على أن النهي عام يشمل الكافر والفاسق، فلا يُذكر بسوء بعد موته، إلا إذا كان هناك مصلحة شرعية راجحة، كتحذير الناس من بدعته الضالة إذا كان صاحب بدعة، على أن يكون ذلك بالضوابط الشرعية وبقدر الحاجة.
● ماذا نفعل عوضاً عن الوقوع فيه؟ ندعو له بالمغفرة والرحمة، ونذكر محاسنه وأعماله الصالحة، ونترحم عليه، ونحسن إلى أهله. كما قال صلى الله عليه وسلم: «اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم».

خلاصة:

هذا الحديث دستور أخلاقي عظيم يربي في المسلم خلق الستر والرحمة والتأدب مع الموتى وأهلهم، ويصون الألسنة عن الشر والفضول، ويحافظ على تماسك المجتمع وتراحمه حتى بعد رحيل أفراده.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٨٩٩) عن زهير بن حرب، حَدَّثَنَا وكيع، حَدَّثَنَا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته. وإسناده صحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 286 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه

📜 حديث: إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية