من غسل ميتا فليغتسل

حديث: من غسل ميتا فليغتسل

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من غَسَّل ميتًا فليغتسل».

حسن: رواه الترمذيّ (٩٩٣)، وابن ماجة (١٤٦٣) كلاهما عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن المختار، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكر الحديث واللّفظ لابن ماجه.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من غَسَّل ميتًا فليغتسل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. حديثك هذا حديث صحيح رواه أبو داود وغيره، وإليك شرحه الوافي على منهج أهل السنة والجماعة:

الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ».

1. شرح المفردات:

● غَسَّلَ: أي قام بعملية تغسيل الميت، وهي واجب كفاية على المسلمين.
● مَيِّتًا: الإنسان الذي فارقت روحه جسده.
● فَلْيَغْتَسِلْ: أي فليغتسل غُسلاً كاملاً كالغسل من الجنابة.

2. شرح الحديث:

يأمر النبي ﷺ في هذا الحديث كل من باشر تغسيل ميت مسلم أن يتطهر بالاغتسال بعد انتهائه من التغسيل.
الحكم الشرعي:
ذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة (الحنفية والمالكية والشافعية) إلى أن غسل المغسِّل للميت بعد تغسيله هو سنة مستحبة وليس واجباً. وهذا هو الراجح، وذلك للأسباب التالية:
- الحديث جاء بصيغة الأمر (فليغتسل)، ولكن الأصل في الأمر للوجوب، إلا أن هناك قرائن تصرفه إلى الاستحباب.
- هناك أحاديث أخرى تدل على أن النبي ﷺ لم يغتسل بعد تغسيله للموتى، كما في قصة بنت النبي ﷺ زينب عندما ماتت، فقد غسلها ولم يُنقل أنه اغتسل بعدها. وهذا يدل على أن الاغتسال ليس شرطاً أو واجباً، بل هو من باب الأفضلية والتطهر.
الحكمة من الاستحباب:
● التطهر والنظافة: تغسيل الميت قد يعرض المغسّل لملامسة Najاسة (أوساخ) قد تخرج من الميت، والاغتسال بعدها فيه تطهر ونظافة.
● الوقاية: قد يكون فيه وقاية من أي أذى أو رائحة كريهة علقت به.
● التعبد والاتباع: امتثالاً لأمر النبي ﷺ، حتى لو كان الاستحباب، وفعل السنة فيه أجر وبركة.

3. الدروس المستفادة منه:

1- العناية بنظافة المسلم حياً وميتاً: فالشريعة جاءت بحفظ صحة الإنسان ونظافته في كل أحواله.
2- اتباع هدي النبي ﷺ: حتى في الأمور التي قد لا ندرك حكمتها بالكامل، ففعل السنة خير وبركة.
3- التعاون على البر والتقوى: تغسيل الميت من الحقوق التي يجازي بها المسلم أخاه، والاغتسال بعدها يكمل هذا العمل ويجعله خالصاً نظيفاً.
4- التوسط والاعتدال: فالشريعة لم توجب الاغتسال إيجاباً يشق على الناس، especially في أوقات الشدة والحر، بل جعلته سنة يُثاب فاعلها ولا يُعتب تاركها.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● حكم من لم يغتسل بعد التغسيل: لا إثم عليه، ولا يجب عليه إعادة الصلاة إن صلى قبل الاغتسال، لأنه على الطهارة الأصلية.
● الفرق بين غسل الميت وغسل المغسّل: غسل الميت له كيفية معروفة (أطرافه اليمنى ثم اليسرى، ثم الشق الأيمن ثم الأيسر... إلخ) وهو واجب كفاية. أما غسل المغسّل فهو غسل عادي كغسل الجنابة.
● هل يغتسل من حَمَل الميت أو لامسه؟: الجمهور على أن الأمر مختص بمن باشر التغسيل فقط، أما من حمل الميت أو ساعده أو كفنه فلا يشرع له الاغتسال، إلا إذا أصابته Najاسة.
● الحديث في المصادر: رواه أبو داود في سننه، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعلنا ممن يحيون سنة نبيهم ويقتدون به في كل صغيرة وكبيرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٩٩٣)، وابن ماجة (١٤٦٣) كلاهما عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن المختار، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكر الحديث واللّفظ لابن ماجه.
ولفظ الترمذيّ: «من غُسْلِه الغُسْلُ، ومن حَملهِ الوضوءُ».
ورواه أبو داود (٣١٦٢) من وجه آخر عن سفيان، عن سهيل بإسناده إِلَّا أن أبا صالح أدخل بينه وبين أبي هريرة «إسحاق مولي زائدة» كما رواه أيضًا من وجه آخر عن أبي هريرة ولفظ الحديث: «من غسَّل الميت فليغسل، ومن حمله فليتوضأ».
وإسناده حسن من أجل سهيل بن أبي صالح فإنه «صدوق» وقد حسَّنَه أيضًا الترمذيّ وقال: وقد رُوي عن أبي هريرة موقوفًا.
قال الأعظمي: اختلف أهل العلم في إسناد هذا الحديث اختلافًا كثيرًا كما قال المنذري. قال الإمام أحمد وعلي بن المديني: «لا يصح في هذا الباب شيءٌ» وقال محمد بن يحيى: «لا أعلم في: من غَسَّل ميتًا فليغتسل«حديثًا ثابتًا، ولو ثبت لزمنا استعماله» وقال الشافعي في البويطي: «إن صحَّ الحديث قلت بوجوبه» هذا آخر كلام المنذري.
وخلاصة القول في حديث أبي هريرة أنه لا ينزل عن درجة الحسن.
قال الحافظ في «التلخيص» (١/ ١٣٧) معقبًا على قول الرّافعيّ: «لم يصحِّح علماء الحديث في هذا الباب شيئًا مرفوعًا» قلت: قد حسّنه الترمذيّ، وصحّحه ابن حبَّان، وله طريق أخرى. قال عبد الله بن صالح: ثنا يحيى بن أيوب، عن عقيل، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، رفعه: «من غسَّل ميِّتًا فليغتسل» ذكره الدَّارقطنيّ، وقال: فيه نظر. قلت: رواته موثقون، وقال ابن دقيق العيد في «الإمام»: حاصل ما يعتل به وجهان: من جهة الرّجال، ولا يخلو إسناد منها من متكلّم فيه، ثمّ ذكر ما معناه أن أحسنها رواية سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهي
معلولة، وإن صحَّحها ابن حبَّان وابن حزم، فقد رواه سفيان، عن سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولي زائدة، عن أبي هريرة. قلت: إسحاق مولي زائدة أخرج له مسلم، فينبغي أن يصحّح الحديث، قال: وأمّا رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فإسناد حسن، إِلَّا أنَّ الحفاظ من أصحاب محمد بن عمرو رووه عنه موقوفًا، وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا. فإنكار النّوويّ على الترمذيّ تحسينه معترض، وقد قال الذّهبيّ في «مختصر البيهقيّ»: «طرق هذا الحديث أقوى من عدّة أحاديث احتجّ بها الفقهاء، ولم يعلوها بالوقف، بل قدّموا رواية الرّفع، والله أعلم». انتهى كلام الحافظ.
قال الأعظمي: انظر كلام الذّهبيّ في «المهذّب في اختصار سنن البيهقيّ» (١/ ٣٠١)، وقد نقل الشوكاني في «النّيل» (١/ ٣٥٦) بعض فقرات الحافظ وأقرّه.
وقال الحافظ ابن القيم: «وهذه الطّرق تدل على أنَّ الحديث محفوظ». «تهذيب السنن».
ولكن قال أبو داود عقب إخراج الحديث: «هذا منسوخ، سمعتُ أحمد بن حنبل وسئل عن الغسل من غسَّل الميت، فقال: يُجزئه الوضوء». ومثله قال ابن شاهين في «الناسخ والمنسوخ» (٣٨، ٣٩) وقال: «ناسخه حديث ابن عباس الآتي». انظر فقه هذا الباب في «المنة الكبرى» (٣/ ٢٤ - ٢٥).
وفي الباب عن عائشة، وعليّ، وأبي سعيد الخدريّ، وحذيفة بن اليمان، والمغيرة بن شعبة، وفي الجميع مقال، وإن ثبت بمجموع الشواهد فهو منسوخ كما سيأتي. انظر تخاريج هذه الأحاديث في «البدر المنير» (٢/ ٥٢٤).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 275 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من غسل ميتا فليغتسل

📜 حديث: من غسل ميتا فليغتسل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من غسل ميتا فليغتسل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من غسل ميتا فليغتسل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من غسل ميتا فليغتسل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية