حديث: من شهد له المسلمون بخير وجبت له الجنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ثناء الناس على الميت

عن أنس بن مالك قال: مرُّوا بجنازة فأثْنَوا عليها خيرًا، فقال النَّبِيّ ﷺ: «وجبْت» ثمّ مرُّوا بأخرى، فأثْنَوا عليها شرًّا فقال: «وجبتْ» فقال عمر بن الخطّاب: ما وجبتْ؟ قال: «هذا أَثنيتُم عليه خيرًا فوجبَتْ له الجنّة، وهذا أَثْنيتم عليه شرًّا فوجبَتْ له النّار، أنتم شهداء الله في الأرض».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (١٣٦٧) عن آدم، عن شعبة، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن صُهَيب قال: سمعت أنس بن مالك فذكر الحديث.

عن أنس بن مالك قال: مرُّوا بجنازة فأثْنَوا عليها خيرًا، فقال النَّبِيّ ﷺ: «وجبْت» ثمّ مرُّوا بأخرى، فأثْنَوا عليها شرًّا فقال: «وجبتْ» فقال عمر بن الخطّاب: ما وجبتْ؟ قال: «هذا أَثنيتُم عليه خيرًا فوجبَتْ له الجنّة، وهذا أَثْنيتم عليه شرًّا فوجبَتْ له النّار، أنتم شهداء الله في الأرض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ: «وَجَبَتْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ».


1. شرح المفردات:


● مَرُّوا بِجَنَازَةٍ: مروا بجنازة محمولة إلى المقبرة.
● فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا: ذكروا محاسنها ومدحوها بالخصال الحميدة.
● وَجَبَتْ: ثبتت ولزمت وحَقَّتْ ولا بد من وقوعها.
● شَرًّا: ذكروا مساوئها وذمُّوها.
● شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ: الشهيد هنا هو الذي يخبر ويشهد بما يعلم، أي أنكم بمثابة الشهود المعتمدين على الأرض في شأن الناس.


2. شرح الحديث:


يُخبرنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه عن موقف حصل مع النبي ﷺ، حيث مرت به جنازة فسَمِعَ الحاضرين يذكرون صاحبها بخير ويمدحونه بأخلاقه وأعماله الصالحة، فقال النبي ﷺ كلمة موجزة ذات دلالة عميقة: «وَجَبَتْ».
ثم مرت جنازة أخرى، فسَمِعَ الحاضرين يذكرون صاحبها بسوء ويذمونه، فقال ﷺ أيضًا: «وَجَبَتْ».
استغرب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من تطبيق نفس الكلمة على الحالتين المتضادتين، فسأل النبي ﷺ للاستيضاح: «ما وجبت؟» أي: ماذا ثبت ولزم في كلتا الحالتين؟
فأجاب النبي ﷺ مبينًا الحكمة والعبرة:
● «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»: أي أن ثناءكم الحسن عليه دليل على صلاحه واستقامته، وقد وعد الله المستقيمين بالجنة، فثناؤكم شهادة له، فوجبت له الجنة.
● «وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ»: أي أن ذمكم له وإخباركم بمساوئه دليل على سوء عمله وانحرافه، وقد توعد الله المنحرفين بالنار، فذمكم شهادة عليه، فوجبت له النار.
ثم ختم ﷺ الحديث بتعليل ذلك بقوله: «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ»، أي أن شهادة الناس على المرء بعد موته، إذا كانت صادقة ونابعة من واقع حاله، فهي مقبولة ومعتبرة، لأنهم يشهدون بما علموا، والله جعلهم شهداء على خلقه في الدنيا.


3. الدروس المستفادة منه:


1- أهمية السمعة الطيبة: الحديث يحث المسلم على أن يكون له سيرة حسنة وذكر طيب بين الناس، بحيث يترك أثرًا طيبًا في الدنيا يشهد له بعد موته.
2- صدق الشهادة والقول: شهادة الناس يجب أن تكون صادقة وناصحة، لا غش فيها ولا حسد ولا كذب، لأنها قد تكون سببًا في الحكم على الإنسان.
3- العلانية والظهور: أفعال العبد لا تخفى على الناس، فالمسلم الصالح تظهر علامات صلاحه على جوارحه وأخلاقه ومعاملاته، والفاسق تظهر علامات فسقه.
4- الجزاء من جنس العمل: من يعمل صالحًا يذكره الناس به، ومن يعمل سيئًا يذكره الناس به. والجزاء في الآخرة هو نتيجة حتمية لما كسبته اليدان.
5- تحذير من سوء الخاتمة: ذم الناس للميت بعد وفاته نذير شؤم ودليل على سوء خاتمته، فيجب على المسلم الحذر من ذلك.
6- مكانة الأمة الإسلامية: جعل الله هذه الأمة شهداء على الناس، فهي تشهد على صدق الأنبياء من قبلها، وتشهد على بعضها البعض بالحق.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل في اعتماد شهادة الناس وخبرتهم في الحكم على الشخص بعد موته، ولكن بشرط أن تكون الشهادة جماعية وعفوية وغير متواطئة، لا شهادة فرد قد يحمل ضغينة.
- هذا الحكم (وجبت له الجنة أو النار) هو حكم في الظاهر بناء على ما ظهر للناس، أما الحكم النهائي والبت في مصير العبد فهو لله عز وجل، العالم بالسرائر والخفايا، الذي لا يظلم مثقال ذرة.
- يستفاد من الحديث الحث على تجهيز وتزكية الأعمال التي يراها الناس ويشهدون بها لصاحبها بعد موته.
- رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجنائز (١٣٦٧) عن آدم، عن شعبة، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن صُهَيب قال: سمعت أنس بن مالك فذكر الحديث.
ورواه مسلم في الجنائز (٩٤٩) من وجه آخر عن ابن علية، أخبرنا عبد العزيز بن صُهَيب بإسناده وفيه تكرار «وجبت وجبت وجبت» ثلاث مرات، فقال عمر بن الخطّاب: فدى لك أبي وأمي.
كما أن فيه قول النَّبِيّ ﷺ: «أنتم شهداء الله في الأرض» ثلاث مرات.
وزاد الحاكم (١/ ٣٧٧): «إن لله ملائكة تنطق على ألْسِنة بني آدم بما في المرأ من الخير والشر» رواه من وجه آخر عن النضر بن أنس، عن أنس، وصحَّحه على شرط مسلم.
وأمّا ما رُوي عنه مرفوعًا: «ما من رجل يموت فيشهد له رجلان من خبرته الأقربين فيقولان: اللَّهُمَّ! لا نعلم إِلَّا خيرًا إِلَّا قال الله عز وجل لملائكته: أشهدكم أني قد غفرت لعبدي بشهادتهما، وتجاوزت له عما لا يعلمان» فهو ضعيف.
رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (٣٥٩) قال: أخبرنا بقية بن الوليد، حَدَّثَنِي الضَّحَّاك بن حمزة، عن صالح الأملوكيّ، عن أنس بن مالك فذكره.
والضحاك بن حمزة هو الواسطيّ، وأصله من الشام، «ضعيف»، قال فيه ابن معين: «ليس بذاك» وفي رواية: «ليس بشيء» وقال النسائيّ: «ليس بثقة» وتكلم فيه غيرهما من أهل العلم، وقال ابن عدي: «له أحاديث حسان غرائب» وفي «التقريب»: «ضعيف».
وبقية بن الوليد مدلس تدليس التسوية لم يصرح بالتحديث في جميع الطَّبقات كما اشترط بعض أهل العلم في قبول حديثه خوفًا من تدليس التسوية والجمهور على قبول تحديثه في شيوخه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 277 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من شهد له المسلمون بخير وجبت له الجنة

  • 📜 حديث: من شهد له المسلمون بخير وجبت له الجنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من شهد له المسلمون بخير وجبت له الجنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من شهد له المسلمون بخير وجبت له الجنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من شهد له المسلمون بخير وجبت له الجنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب