حديث: خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إذا لم يجد كفنًا إلا ما يُواري رأسه أو قدميه غطَّى رأسه

عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم قال: أتي عبد الرحمن بن عوف يومًا بطعامه، فقال: قُتل مصعب بن عُمير -وكان خيرًا مني- فلم يوجد له ما يُكفَّن فيه إِلَّا بردة، لقد خشيتُ أن يكون قد عُجِّلت لنا طيباتُنا في حياتنا الدُّنيا، ثمّ جعل يبكي.

صحيح: رواه البخاريّ في الجنائز (١٢٧٤) عن أحمد بن محمد المكيّ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن سعد، عن أبيه فذكره.

عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم قال: أتي عبد الرحمن بن عوف يومًا بطعامه، فقال: قُتل مصعب بن عُمير -وكان خيرًا مني- فلم يوجد له ما يُكفَّن فيه إِلَّا بردة، لقد خشيتُ أن يكون قد عُجِّلت لنا طيباتُنا في حياتنا الدُّنيا، ثمّ جعل يبكي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يحمل في طياته دروسًا وعبرًا مؤثرة عن الزهد في الدنيا والتأسي بالصالحين، وإليك الشرح الوافي له:

الحديث بلفظه:


عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم قال: أُتي عبد الرحمن بن عوف يومًا بطعامه، فقال: قُتل مصعب بن عُمير -وكان خيرًا مني- فلم يُوجد له ما يُكفَّن فيه إِلَّا بُردة، لقد خشيتُ أن يكون قد عُجِّلت لنا طيباتُنا في حياتنا الدُّنيا، ثمّ جعل يبكي.

1. شرح المفردات:


● أُتي بِطَعامِهِ: قُدِّم له طعامه الذي أعده للأكل.
● مُصعَب بن عُمير: صحابي جليل من السابقين إلى الإسلام، وكان من شباب مكة الأغنياء المعروفين بثرائهم وأناقتهم، ثم ترك ذلك كله في سبيل الله.
● خيرًا مني: أفضل مني في الفضل والتقوى والسبق إلى الإسلام.
● بُردة: ثوب من الصوف أو كساء يُلبس، وهنا يقصد ثوبًا بسيطًا ليس فيه تكلف.
● عُجّلت لنا طيباتنا: أُعطينا الخيرات والملذات الدنيوية مبكرًا في الدنيا، فخاف أن يكون ذلك على حساب الآخرة.
● جعل يبكي: أخذ في البكاء تأثرًا وخشية من الله.

2. شرح الحديث:


يُروى أن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وهو من الصحابة الأغنياء المعروفين بالثراء والتجارة، قدَّم له خدمته طعامًا لذيذًا، فتذكر عند رؤيته ما حدث لأخيه مصعب بن عمير -رضي الله عنه- الذي استشهد في غزوة أُحُد ولم يُوجد له ما يُكفن فيه إلا ثوبًا قصيرًا (بردة)، إذا غُطّي به رأسه بدت رجلاه، وإذا غُطّي به رجلاه بدا رأسه، فاضطروا إلى تغطيته بالثوب مع ترك رأسه أو رجليه مكشوفة.
عبد الرحمن بن عوف يقارن بين حاله هو -حيث ينعم بالمال والطعام الوفير- وحال مصعب الذي مات فقيرًا زاهدًا، مع أن مصعبًا كان في الجاهلية من أغنى الشباب وأكثرهم ترفًا، ثم ترك ذلك كله لله. فخاف عبد الرحمن أن يكون نعيمه الدنيوي قد عُجِّل له في الدنيا، وأنه قد يكون على حساب نصيبه في الآخرة، فانطلق يبكي خشية من الله وتأثرًا بذكرى أخيه.

3. الدروس المستفادة منه:


● الزهد في الدنيا وعدم الاغترار بها: فالعبد المؤمن يعلم أن الدنيا زائلة، وأن النعيم الحقيقي في الآخرة.
● التأسي بالصالحين والاعتبار بحالاتهم: فعبد الرحمن بن عوف يتذكر مصعبًا ويجعله قدوة، مع أنه من العشرة المبشرين بالجنة.
● الخوف من أن تكون الدنيا قد عُجِّلت للمرء: وهذا من علامات الإيمان، أن يخاف العبد أن يكون نعيم الدنيا قد أُخذ عوضًا عن ثواب الآخرة.
● البكاء من خشية الله: وهو دليل على الإيمان والرقّة القلبية، وكان هذا دأب الصحابة -رضوان الله عليهم-.
● تقديم الأخوة في الإيمان والصحبة في الله: فعبد الرحمن يذكر مصعبًا بمحبّة وإجلال.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- مصعب بن عمير -رضي الله عنه- كان أول سفير في الإسلام، أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ليعلم الأنصار الإسلام قبل الهجرة.
- عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- كان من أغنياء الصحابة، ولكنه كان شديد الزهد والتصدق، وقد أوصى عند موته بأموال عظيمة في سبيل الله.
- هذا الحديث رواه البخاري في "الأدب المفرد" وغيره، وهو حديث صحيح.
- القصة تظهر أن الغنى ليس مذمومًا في ذاته، ولكن المذموم هو الاغترار به ونسيان الآخرة.
فالحديث يعلمنا أن الدنيا دار اختبار، وأن المؤمن الحقيقي هو من يستخدم نعمة الله عليه في طاعته، ويخاف أن يكون قد قصر في حق الله، ويتذكر دائمًا أن الآخرة هي دار القرار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجنائز (١٢٧٤) عن أحمد بن محمد المكيّ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن سعد، عن أبيه فذكره.
وفي رواية شعبة عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم وفيه: كفِّن في بُردة إن غُطِّي رأسْه بَدَتْ رجلاه، وإن غُطِّي رجلاه بدا رأسُه، وأراه قال: وقُتل حمزة -وهو خير مني- ثمّ بُسط لنا من الدُّنيا ما بُسط -أو قال: أُعطينا من الدُّنيا ما أعطينا- وقد خشينا أن تكون حسناتُنا عُجِّلتْ لنا، ثمّ جعل يبكي حتّى ترك الطعام. رواه البخاريّ (١٣٧٥)، عن محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا شعبة بإسناده.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 272 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا

  • 📜 حديث: خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب